لوعة الغياب
يخلق أشخاص رائعون لحظات من الفرح والسعادة في حياتنا ثم يختفون مخلفين وراءهم الكثير من الحزن واللوعة والأسى واليأس، وبقدر الحزن المسافر في نفوس المكتوين بنار الغياب ترتسم أمامهم ملامح لم تغب من أنس خلقه الماضون ربما لن يقدر الباقون على خلقه فتأتي نصوص الرثاء كتابة بالضوء عن ذلك الألق ومديحا له وأسفا على غياب صانعيه.
يندب الشاعر الأطلال، ويندب الأحبة ويندب العهود، فهو يبكي بنكهات متعددة وفي كل بكاء تتقاطع النكهات.
يقول أحمد شوقي:
ولا ينبيك عن خلق الليالي :: كمن فقد الأحبة والصحابا
ويقول الصمة بن عبد الله القشيري:
حَنَنتَ إِلى رَيّا وَنَفسُك باعَدَت :: مَزارَكَ مِن رَيّا وَشِعباكما مَعا
فَما حَسَنٌ أَن تَأتِيَ الأَمرَ طائِعاً :: وَتَجزَعَ أَن داعي الصَبابَةِ أَسمَعا
بَكَت عَينِيَ اليُمنى فَلَمّا زَجَرتُها :: عَنِ الجَهلِ بَعدَ الحِلمِ أَسبَلَتا مَعا
وَأَذكُرُ أَيّامَ الحِمى ثُمَّ أَنثَني :: عَلى كَبِدي مِن خَشيَةٍ أَن تَقطعاّ
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربا :: وما أحسن المصطاف والمتربعا
كأنّا خلقنا للنوى وكأنما :: حرام على الأيام أن نتجمعا
ويقول متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك:
وكنا كندماني جذيمةَ حقبةً :: من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تَفَرّقنا كأني ومالكاً :: لطول اجتماعِ لم نَبت ليلةٌ معا
في المنتبذ القصي نصوص رثاء مختلفة كتبها شعراء كانت رثاء بنكهة الغزل أوالبكاء على الأطلال:
يقول امحمد ولد أحمد يوره في رثاء والدته امنيانه بنت والد رحم الله الجميع:
أهذى جمال البين مسيا تُنَوّخ :: وهذا غراب البين بالبين يصرخ
أأحبابنا إنا على الهجر والنوى :: نلام على أشواقكم ونوبخ
وقد مارس الأشواق من كان قبلنا :: ولكن هذا الشوق أرسى وأرسخ
حلفنا ومن يحلف على الزور لم يزل :: بأشنع عار في القيام يُلَطّخُ
لئن نسخ الشيب الصبابة والصبا :: لفى القلب عهد محكمٌ ليس ينسخ
ذكرنا لكم بعض المرام وبعضه :: مخافة تطويل عليه نلخخ
ويقول امحمد في رثاء أخيه محنض ولد أحمديورَ :
ابكِ الديارَ بدمعٍ مِنكَ مُنطلِقِ :: عيبُ الديارِ على مَن بالديارِ بَقِي
منازل بدّلت عُفرَ الظباءِ بمنْ :: قد بدّلُوا لِي لذيذَ النّومِ بالأرقِ
لمّا وقفتُ بربعِ الدَّارِ مُلتمِسًا :: سَلبًا لِدائي بباقِي رَسْمِها الخلَقِ
لمْ تسلُبِ الدَّارُ مِنّي الدّاءَ و اسْتَلبَتْ :: مَا كانَ أبقاهُ بَرحُ الشّوقِ مِن رَمَقِي
يا نفسُ صبرًا على ما كانَ مِنْ وَلَهٍ :: فسوفَ يافُلُ نجمُ الحُزنِ و القلقِ
و روضةُ اللهوِ أرجُو أنْ يُتاحَ لها :: بعدَ الجفافِ اخضرارُ العُودِ و الورقِ
ويقول أحمد ولد الداهي "الدّدْ" في رثاء ابوبا ولد المختار:
بدور المقيلات إدّكارك يكثر :: وذا يوسفٌ تالله تفتأ تذكر
ويقول الأديب الكبير أحمدو سالم ولد الداهي في رثاء صديقه محمد ولد اباه رحم الله الجميع:
يَ مُكّيش آن بالتغريش :: شفتك في السغرْ ءُ فاتفگريش
وانشوف من ابروگك لعميش :: وإلا رگب نوك نگعد
ولاّ رايمْ لِ عدت إعريش :: إغراب من الليعه والوجد
وامگررْ فيّ يَـمكيش :: عنك بالعراد اتفگد
غير آن گاع أصل فگاد :: ألا نتفگد نتفگد
مان ناس ش والعراد :: ايفگد بيه كل ابلد
ويقول جرير في رثاء زوجته:
لولا الحياء لعادني استعبار :: ولزرت قبرك والحبيب يزار
ولقد نظرت وما تمتع نظرة :: في اللحد حيث تمكن المحفار
فجزاك ربك في عشيرك نظرة :: وسقى صداك مجلجل مدرار
ولهت قلبي إذ علتني كبرة :: وذوو التمائم من بنيك صغار
ويقول المتنبي في رثاء خولة:
بلى وحرمة من كانت مراعية :: لحرمة المجد والقصاد والأدب
مسرة في قلوب الطيب مفرقها :: وحسرة في قلوب البيض واليلب
يعلمن حين تحيا حسن مبسمها :: وليس يعلم إلا الله بالشنب
وَإن تكنْ خلقت أُنثى لقد خلقت كَرِيمَة غَيرَ أُنثى العَقل والحسب
وَإن تكن تغلب الغَلباء عنصرَهَا:: فإن في الخمر معنى لَيس في العنب
ويقول الأمير إبراهيم ولد بكار(إبراهيم ولد إبراهيم) في رثاء زوجته:
يلطف بيوم النصبح :: فوكير الّ بغرام شح
ادبش لگياطين امطرح :: مزالت فعگاب الكلف
تتخالف دوارت لبلح :: فالزوال اتقل الخلف
يطلع نو اكبير امبرح :: والناس افخبر مختلف
ال اگول ان النو اصلح :: ول اگول ان النو اصف
الملك العظيم الجاه :: مغلاه ءكير اليوم احف
معود غلاي ما لاه :: تشتد من اخبار نتف
يقول سيديا ولد هدار في رثاء زوجته منت حمدي :
عاگب ذِ إلّ لارات عند :: ملانَ ماهُ زين سعد
اتلَ ملاهي هح بعد :: باتشنشيحَه يُلاغ
حد، ءُ لَ لاهي زاد حد :: فاصرند اتلَ يداغ
كامل الود