الأربعاء، 24 مارس 2021

 الدكتور محمد المختار ولد اباه

أول موريتاني يحصل على دكتوراه دولة




إيداع موضوع الدكتوراه
يونيو 1972
النقاش سنة 1975 في "Salle Durand" في باريس ، القاعة المزينة بالجداريات الفنية و اللوحات العتيقة و المصابيح المذهبة و التي تحمل اللمسات الفنية للتراث المعماري الفرنسي الأصيل ، كانت المناقشة.

الأطروحة:
La littérature juridique et l'évolution du Malikisme en Mauritanie
وبترجمة غير حَرفية:
تاريخ التشريع وتطور الفقه المالكي في موريتانيا

قبل الدكتوراه تم نقاش رسالة (السلك الثالث)
عن (الشعر الموريتاني من 1650-1900)
ونوقشت الرسالة يوم 29 مايو 1969

وكانت لجنة نقاش رسالة التخرج للسلك الثالث تتكون من
المستشرق الفرنسي شارل بيلا مشرفا
وضمت لجنة النقاش:
المستشرق الفرنسي "جيرار لكونت - الأستاذ في مدرسة اللغات الشرقية/ باريس ، وهو أستاذ متخصص في ابن قتيبة ، وله كتاب "ابن قتيبة الدينوري أديب الفقهاء و فقيه الأدباء: حياته و آثاره و أفكاره" ، وشارك لكونت في تأسيس مجلة Arabica مع المستشرق الفرنسي لفي ابروفنسال ونشرت مجلة "ارابيكا" الفصل الأول من الأطروحة (الشعر الموريتاني من 1650-1900).

كما ضمت اللجنة المستشرق الفرنسي جيرار تروبو أستاذ فقه اللغة العربية في جامعة السوربون - باريس ، وهو مستتشرق متخصص في سيبويه ، ومعروف بدراسته الشهيرة "نشأة النحو العربي في ضوء كتاب سيبويه".

****
أما رسالة دكتوراه الدولة للدكتور محمد المختار ولد اباه
La littérature juridique et l'évolution du Malikisme en Mauritanie

فقد تكونت لجنة نقاشها من الأساتذة:
الرئيس
المستشرق الفرنسي الكبير روجيه أرنالديز

وعضوية
البروفيسور شارل بيلا
الدكتور محمد أركون
الدكتور مصطفى الشويمي

وحضر النقاش الأستاذان محمد ولد مولود ولد داداه وأحمد ولد سيدي بابَ.

المستشرق الكبير روجيه أرنالديز (1911 - 2006)
أمضى حياته في دراسة التراث الإسلامي الديني والفلسفي.
وشُغل طيلة حياته بإقامة المقارنة بين الأديان الثلاثة: (اليهودية، فالمسيحية، فالإسلام).
كثيراً ما عبر عن إعجابه بروحانية الدين الإسلامي الحنيف وشخصياته الكبرى من أمثال الحلاج، وابن عربي، والغزالي، وابن رشد، وابن سينا، الخ،
له مؤلفات مهمة خص بها التراث الإسلامي وأدت إلى إلقاء أضواء ساطعة عليه.
منها أطروحته لدكتوراه الدولة عن ابن حزم والتي أهداها إلى الدكتور طه حسين ، أحد أساتذته المشرفين. وقد صدرت عام 1956.
أقام مطولاً في القاهرة في الأربعينيات من القرن الماضي وأصبح فيما بعد عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة.
عاد إلى فرنسا وأصبح أستاذاً في السوربون واتفع إلى أعلى المراتب العلمية عندما انتخبوه عضوا في أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية. وهي الأكاديمية التي تضم كبريات الشخصيات الفرنسية والأجنبية والتي تقع في نفس مبنى الأكاديمية الفرنسية على نهر السين.
كتابه عن ابن حزم أصبح مرجعاً كلاسيكيا بالنسبة لطلبة الدراسات العربية والإسلامية في فرنسا وخارجها.
كتب عن جوانب من الفكر الإسلامي ، ودرس الفكر الديني لدى كبار فلاسفة المسلمين كابن عربي، والفارابي، وفخر الدين الرازي، وابن رشد، وابن مسكويه..
وله كتاب عن ابن رشد بعنوان: ابن رشد. عقلاني في أرض الإسلام.
كان أرنالديز صاحب مشروع ضخم. عكسه حجم مؤلفاته ودراساته المنجزة عن التراث الإسلامي.

شارل بيلا
مستشرق متخصص في الجاحظ ، وانصب إنتاجه العلمي عليه ، وأوسع وأفضل ما كتبه في هذا الباب هو رسالته للحصول على الدكتوراه، وعنوانها: «الوسط (العلمي) في البصرة وتنشئة الجاحظ».
تناول بيلا في كتابه حياة الجاحظ ، وتاريخ مدينة البصرة في القرنين الأول والثاني للهجرة: تأسيسها، سكانها، الوسط الديني السُّنّي، الوسط الأدبي؛ الشعر، الخمر، اللغة، الوسط السياسي الديني، الوسط الاجتماعي.
وكتب عن الجاحظ خلال حياته العلمية العديد من الدراسات، كما نشر بعض رسائله، من أهمها:
1 ـ «الجاحظ في بغداد وسرّ من رأى»
2 ـ «الإمامة في مذهب الجاحظ»
3 ـ «ردّ الجاحظ على النصارى»
4 ـ «الجاحظ ومذهب الخوارج»
5 ـ «الجاحظ: الأمم المتحضرة والعقائد الدينية»
6 ـ «الجاحظ والهند»
7- «تحقيق كتاب التربيع والتدوير» للجاحظ.

وجدت له آلاف الجذاذات التي جمعها لإعداد معجم مزدوج شامل، يضمّ الفصيح والدارج، ولكن المنية عاجلته، فلم يُتم مشروعه الضخم، وظلت الجذاذات في صناديق حديدية، بمقر معهد اللغات الشرقية في أنيار (الضاحية الشمالية لباريس) حتى سنة 2009، تاريخ الانتقال إلى المبنى الجديد بقلب باريس، فضاعت كنوز هذا العالم وألقيت مع النفايات.

محمد أركون (1928 - 2010)
درس الأدب العربي والفلسفة والقانون والجغرافيا بالموازاة بكلية الآداب بجامعة الجزائر.
التحق بجامعة السوربون في فرنسا، حيث حصل على شهادة دكتوراه في الفلسفة عام 1969.
زاول أركون التدريس سنوات مديدة، أستاذا جامعيا في مجموعة من الجامعات عبر العالم، منها جامعة السوربون وجامعة ليون وجامعة كاليفورنيا وجامعة نيويورك وعمل باحثا مرافقا في برلين.
شغل عضوية عدد من الهيئات المعرفية، كمجلس إدارة معاهد الدراسات الإسلامية في لندن، والمجلس العلمي للمعهد السويدي بالإسكندرية، كما اشتغل مديرا علميا لمجلة “أرابيكا”، ومستشارا علميا لمكتبة الكونغرس بواشنطن.
شغل منصب عضو في مجلس إدارة معهد الدراسات الإسلامية في لندن.
عمل الدكتور أركون مدة أربعين سنة على مشروع نقد العقل الإسلامي ، وهو مشروع تاريخي وأنثروبولوجي في آن معا، يثير أسئلة أنثروبولوجية.
رأى أركون أن الأصول الفقهية التي أوجدها علماء المسلمين بعد ظهور الإسلام، جسدت في القرون الأولى عنفوان العقل الإسلامي وقدراته. لكن هذه الأصول بعد ذلك ظلت مقدسة لا سبيل إلى تغييرها بفعل الظروف التاريخية والاجتماعية. هكذا حاول أركون البحث عن فهم جديد للنص الديني الإسلامي.
في مسعاه هذا، ألف أركون كتبا عديدة، وكتب محمد أركون كتبه باللغة الفرنسية أو بالإنجليزية وتُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات من بينها العربية والهولندية والإنجليزية والإندونيسية ومن مؤلفاته المترجمة إلى العربية:
الفكر العربي؛
الإسلام: أصالة وممارسة؛
تاريخية الفكر العربي الإسلامي أو "نقد العقل الإسلامي"؛
الفكر الإسلامي: قراءة علمية؛
الإسلام: الأخلاق والسياسة؛
الفكر الإسلامي: نقد واجتهاد؛
العلمنة والدين: الإسلام، المسيحية، الغرب؛
من الاجتهاد إلى نقد العقل الإسلامي؛
من فيصل التفرقة إلى فصل المقال: أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟؛
الإسلام أوروبا الغرب، رهانات المعنى وإرادات الهيمنة؛
نزعة الأنسنة في الفكر العربي؛
قضايا في نقد العقل الديني. كيف نفهم الإسلام اليوم.
يدعو أركون إلى تفكيكك الخطابات التقليدية، وينتقد المنهج الاستشراقي الكلاسيكي متمثلاً في المؤرخ كلود كاهين، الذي يعتبر من رموز هذا المنهج.
يناقش موضوع الأصولية والصراع مع الغربي والعولمة

****
الدكتور مصطفى الشويمي
مفكر فرنسي مصري الأصل له عدة دراسات فكرية وأدبية ولغوية.
حقق كتاب "الموجز في النحو: لأبي بكر محمد بن السِّري بن سهل، المعرف بابن السراج، وهو من مشاهير النحاة وأئمة الأدب في بغداد ، و يعد كتابه الموجز هو أول كتاب جمع أصول العربية معتمدا على كتاب سيبويه ، مختصرا مسائله مرتبا أبوابه أحسن ترتيب ، معولا على مسائل الأخفش والكوفيين ، مخالفا أصول البصريين.
كما ألف مصطفى شويمي (المعجم الكامل - فرنسي عربي) مع المستشرق الفرنسي ريجيس بلاشير (1900-1973) المتخصّص في مجال الإسلاميات، ودرس النصوص التأسيسية بمنهج تاريخي-نقدي، بعد أن بدأ مسيرته برسالة دكتوراه عن أبي الطيب المتنبي، وأتبعها بتاريخ كامل للأدب العربي في ثلاثة أجزاء، بالإضافة إلى منهجَيْن، مختصر ومطوَّلٍ، لدراسة نَحْو الفُصْحى. لكنه صبّ كل ذلك لاحقاً في مجال الدراسات القرآنية بما اعترضه فيها من رهانات واجهها في مجالَيْ الترجمة والنقد.
كما حقق الدكتور مصطفى الشويمي كتاب " الفهرست " لابن النديم محمد بن إسحاق المعتزلي.
وله كتاب "الأفعال في القرآن الكريم أصولها وصيغها" نشر في باريس 1960 باللغة الفرنسية.
كما حقق وقدم لكتاب (الصاحبي) في فقه اللغة العربية ومسائلها وسنن العرب في كلامها لابن فارس أبي الحسين أحمد بن زكريا بن محمد بن حبيب الرازي.

****
المناقشة بدأت العاشرة صباحا و انتهت منتصف الليل تقريياً
تحدث الدكتور محمد المختار ولد اباه مدة ٤٥ دقيقة حول الأطروحة والمواضيع التي يتحدث عنها عادة المترشح ، ثم فُتح النقاش..
تحدث شارل بيلا مدة ساعة كاملة عن الموضوع و عن الاطروحة و أشاد بها على جميع المستويات و خاصة ما يتعلق بترجمة النصوص الشرعية المعقدة ودقتها ربما كان ذلك "فراسة" في مشروع ترجمة القرآن الكريم.

وتحدث روجيه أرنالديز و قال إن الأطروحة هي في الحقيقة نواة لعمل موسوعي ضخم حول تاريخ التشريع في موريتانيا و في شبه المنطقة بصورة عامة.

محمد أركون أشاد بالأطروحة و تحدث عن قضية منهجية تتعلق بالتأريخ و هل يجب ان يبدأ الباحث من الحاضر رجوعاً للمراحل السابقة أم من الماضي إلى الحاضر.

من طرائف المناقشة أن ارنالديز قال لأركون إنهما تبادلا الأدوار و أنه هو مشهور بلباقته خلال المناقشات و العكس بالنسبة لأركون إلا أنه تفاجأ أن اركون هو الذي أشاد و شكر و أنه هو تساءل و لاحظ بالتفصيل على غير عادته.
أجاب أركون أنهما كانا صادقين و عادلين في مواقفهما.

أفاد محمد ول مولود بأن أركون حدثه بعد المناقشة بفترة عن العمل وضرورة نشره و التعريف به.

تقرير لجنة المناقشة يكون سريا حسب العادة إلا إذا طلبته الجهات الرسمية وقد طلبه الأستاذ أحمد ولد سيدي بابه لما كان وزيرا و أرسلته الجامعة له.

لم يتم نشر الأطروحة كاملة و الكتاب المتداول المطبوع في تونس أقل من نصفها و تم اختيار الصيغة الحالية تسهيلاً للنشر و القراءة و التداول.

طيلة السنوات الخمس لتحضير الأطروحة لم تتوقف عملية الإعداد يوماً واحداً ، وتمت كتابة نصها و قراءة مراجعها ومناقشة مصادرها مع عدد من علماء البلد.

كامل الود

 أهل الشمعة


بعد صلاة العصر وقف الشيخ سيدي بن ببكر التندغي الأربعيني ، في المسجد أمام الشيخ المصطفى بن الشيخ القاضي الإچيچبي الآخذ عن والده الشيخ القاضي عن الشيخ سيد المختار الكنتي.
قال سيدي مخاطبا الشيخ المصطفى:
"وجهتلك النبي ﷺ وصلني بيه ﷺ".

أسقِط في يد الشيخ المصطفى والتفت إلى إمام المسجد شيخ ”محظرة الكحلاء" العلامة محمد محمود بن حبيب الله الإچيچبي (ديد) وسأله عن الأمر؟
قال الشيخ محمد محمود: حدْ وجّهلُو حدْ النبي ﷺ إفْغايَ ألّا إعدّلهالو.

قام الشيخ المصطفى إلى الشيخ سيدي و(گرمَصَه) فخرّ صعقا وغاب عن الوعي.
ظل سيدي غائبا عن الوعي حتى صباح الغد حين ركله الشيخ القاضي قائلا: گومْ كافيك من إضاعة لوقات.
نهض الشيخ سيدي وكان ماكان..

رجع الشيخ سيدي بن ببكر إلي أهله فأخذ عنه ابن عمه الشيخ محمد عبد الرحمن بن محمد السالم التندغي الأربعيني ، ولزمه حتى صدره، وكان يقول له: ارجع عني فقد أخذت ما عندي وزدت.
توفي الشيخ سيدي بشمامه قرب روصو ودفن هناك.

انتقل سر الشيخ سيدي إلى الشيخ محمد عبد الرحمن فكان شيخ "الشمعة" كما سميت طريقته لسرعة انتشارها بين الناس فقد طبقت المنطقة في زمن قياسي.
عرف أصحاب طريقة "الشمعة" بشدة الجذب والشطح وانتشرت كالنار في الهشيم.

يوصف الشيخ محمد عبد الرحمن بأنه شيخ [الشمعة] وبأنه كان قطبا كاملا، وكان تلامذته يذكرون الله جهرا رجالا ونساء.
وكان في كلامه ما لا يفهمه أهل العلم الظاهر، ولذلك لقي إنكارا شديدا من بعض العلماء ، وكان العلامة القاضي محمذن فال بن أحمدُّو فال (يحيى) يقول:
الأمر لايخلو من إشكال ، فأصبحت مثلا يضرب لكل أمر مشكل في ظاهره.

و كان العلامة باب ولد الشيخ سيديا من أبرز المتصدّين لأهل الشمعة ،ومما قال فيهم:
كن للإله ناصرا :: وأنكر المناكرا
وكن مع الحق الذي :: يرضاهُ منك دائرا
ولا تعدّ نافعا :: سواءَه أو ضائرا
واسلك سبيل المصطفى :: ومت عليه سائرا
فما كفى أولنا :: أليس يكفي الآخرا
وكن لقوم احدثوا :: في أمره مهاجرا
قد موّهوا بشُبهٍ :: واعتذروا معاذرا
وزعموا مزاعما :: وسوّدوا دفاترا
واحتنكوا أهل الفلا :: واحتنكوا الحواضرا
وأورثت أكابر :: بدعتها أصاغرا
فاحكم بما قد اظهروا :: فما تلي السرائرا
وإن دعا مجادل :: في أمرهم إلى مرا
(فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا)
ولم يحددهم بالاسم وحين سئل عن ذلك قال: الإجمال من شيم العقلاء.
وذات زيارة لأهل أشفغ الحُمّد (تاﮔنيتْ) للصلح والاعتذار غِبّ نزاع قبلي ، سُئل العلامة باب ولد الشيخ سيديّ: ماذا فعلت مع أهل الشمعة؟
أجاب: (مارَدّيْنا امْغِيرْهُمْ) ، أي أنهم مازالوا على ماهم عليه رغم ماوَجّه لهم من أشعار.

وكان الشيخ محمد عبد الرحمن عالما مشاركا ، وله تأليف في السهو، وكتاب في الطب كالعمدة، إضافة إلى نظمه الابتلاعية، ونظمه النصيحة.

وقال أوفى بن محمد بن أوفى مقدما لنظمه النصيحة:
قال فريد دهـــره وعصره :: ساقي خمور الكرم قبل عصـره
مؤيد الدين مشيد قصـره :: بيـن الورى بمـده وقصـره
أعني به شيخ المشايخ الوفي :: خليفة الهــادي بـلا توقـف
التندغي نجل محمد السالـم :: لا زال جـمعهـم بجمع سالــم
يوصي المريدين على طريقهم :: كي يرتقوا بها إلى تحقيقهـم
(أوصيكم يا معشر التلامـي :: وصية النصح اسمعو كلامي)

ويروي تلامذته الكثير من كراماته ومنها رؤيته النبي ﷺ يقظة في مجلس يحيى لمرابط، ذكرها محمدن القاضي في كتابه: التحف والتهاني فيمن شهد من الأكابر للشيخ التجاني قال:
الثامن عشر: الشيخ محمد عبد الرحمن بن محمد السالم، فقد كان شديد المحبة ليحيى ويزوره، وقد قال لهم: إنه سار يوما زائرا له، فلما قرب منه عاينه في جماعة فيها رسول الله ﷺ ، قال: فرجعت خشية أن أكلفه بالقيام إلي .

وقصته مع الشيخ محمدو بن حبيب الرحمن، وذلك أنهما التقيا، وكان للشيخ محمدو ”إلويش‟ كبير، وهو أسن، وللشيخ محمد عبد الرحمن ”إلويش‟ متوسط، فقال الشيخ محمد عبد الرحمن: ”أعط إلويش لكبير للشيخ لكبير، وإلويش المتوسط للشيخ الصغير‟، فقال الشيخ محمدو: كيف نعرف أينا الأكبر، فقال: أمارة ذلك أنك ذهبت إلى المكان الفلاني ورأيت ”إليف ممتدَّ‟ وتذكرت عظمة الله تعالى وازددت في الله، ومُددت باسم، فذلك الاسم أنا الذي مددتك به، وأمارة ذلك أنك ذات مرة أتاك ضيوف ولم يكن عندك زرع، فقلت للخادمة خذي من الملح فصار زرعا، ذلك الاسم الذي استعملته أنا الذي مددتك به، إلى أن ذكر له مسائل متعددة هو يعرفها، فصار الشيخ محمدو ينبش في التراب حتى أثار التراب على الحاضرين فقالوا له: ما هذا ؟ قال: الثور الصغير إذا دخل عليه الثور الكبير شرع ينبش في التراب، وقال له: خذ ”إلويش‟ الكبير، فقال له الشيخ محمد عبد الرحمن :احتفظ بفراش صلاتك، ولكن أردت أن تعرف أني صاحب الوقت وأني بلغت مقاما لم يبلغه إلا سبعة أولياء .

و قصته مع محمد الأخضر الجزائري ، وهي أن محمد الأخضر أتى يبحث عن شيخ الشمعة، فلم يزل يذكر له إلى أن وصل إلى ”انتوفكت‟ فوجد الشيخ محمد عبد الرحمن في الحيوان خارج الحي فسأله عن شيخ الشمعة، فقال له: إن كنت تبحث عن الصورة فهذا ”الراجل لخظر الماه اطويل‟ وإذا كنت تريد الحقيقة فسترى عجبا، فقال له: انتي هي ضالتي، وكان في كلامه عجمة.
فذهب معه إلى الخيام، ولم يزل معه، وعنده خيمة ليست كالخيام المعهودة أقرب ما تكون إلى (أﮔيطون) وعنده ناقة ليست كإبل البلد ولعلها من البخت، وكان يحمل معه كتابا يسمى الإنسان الكامل في التصوف، فيه ما يسميه ألغازا لم يفهمها، فلما أقام مع الشيخ محمد عبد الرحمن وحضر عنده ما يعرف بالتذكير في طريقهم؛ حلت له الألغاز التي كانت عنده من خلال كلام الشيخ، وسأله أن يعطيه الطريقة التيجانية فأمر تلميذه الشيخ سيد المختار بن عبد الجليل أن يعطيه إياها، فذهب إلى الشرق ولقي الشيخ حماه الله وهو إذ ذاك شاب حدث، فأعطاه الطريقة التيجانية، فظهر مدلول الشمعة التي سميت بها طائفة الشيخ محمد عبد الرحمن.

زاره العلامة محمد ولد المحبوبي مع رجال من إدوداي فوجوده ينشد:
وإني لأهوى الحشرَ إذْ قيل إنني :: وعفراءَ يوم الحشرِ مُلتقيـانِ

ثم أنشد:
إذا جنّ ليلِي هامَ قلبي بذكركم :: أنوحُ كما ناحَ الحمامُ المطوّقُ
وفوقي سحابٌ يمطر الهم والأسى :: وتحتي بحار بالجوى تتدفّقُ
سلوا أمَّ عمرو كيف باتَ أسيرها :: تفك الأسارى حوله وهو موثًقُ
فلا هو مقتولٌ ففي القتلِ راحة :: ولا أنا ممنونٌ عليهِ فيُعتَقُ

وأنشد الشيخ محمد عبد الرحمن يوما بيتا لابن الفارض هو:
خفف الوطء واتئد يا حاد :: إنما أنــت سائق بفؤادي
فقال: إني أخذت حفنة من التيجانية وأوصلتهم، فسمع بذلك العلويون، فجاءه وفد من أكابرهم فيهم الشيخ عبد الله بن الحاج، فقام بضيافتهم، ثم جاءه موناك بن مبرك فقال: إنك قلت قولا فينبغي أن تأتي بالدليل عليه، فقال له. اكتب، فأملى عليه نظمه (الابتلاعية)، فلما سمعها العلويون لم يزيدوا على أن قالوا له: ”ظفِّ حفنتك‟.
وكان الشيخ إبراهيم انياس يلقبه بالقطب التندغي.

ذهب الشيخ محمد عبد الرحمن إلى محمد بن أوفى ، يتداوى عنده، وكان بعيدا من التصوف، فلما جاءه قال له الشيخ: تعال نتسابق، ”داو عني المجبنة‟ وأداو عنك الحجاب، وذات يوم قال لمحمد: إني رأيت في النوم أنك أخذت علي الورد، وأهديت لي الجذعة الوحيدة الذي خلفها عندك "بدمعة"، فتتلمذ عليه وأهدى له الجذعة .
وعندما أراد الرحيل سافر معه، وعظم ذلك على بني ديمان، وكان كل من أتاه يباحثه في ذلك يأخذ عليه الورد ويبقى معه .

يقول في نظمه (الابتلاعية):
ابلع أخي الكـوار والبهموتا :: وقف بجوع مـا رأيت قـوتا
ثـــم ابتلع مــواقــف القيامــةِ :: نيـرانهـما صــراطــها والجنـةِ
وقف بجوع ثم قل هل من مزيد :: ترى مزيد الفرد في نعت العبيد
وليس ذا من نعت الانظراف :: في المحو بل للعكس نعت الشافي
وكونـه بعــدد الأبـواب :: معكوس كل باب غير غـــاب
وكونه تخلقـا وعملا :: في كل ما يكون كان أكملا
وكل وصف نتج العرفانا :: في شكلة البحرين زيد كانا
إن المقــام عدد المقام :: إذ ليس في المقام من مقام
وله:
معرفة الإله صارت حالـي :: تنظرها أوصال في أوصالي
فمن سما إلى الكمال حاله :: وجد كــل مــا يــرى كمالــه

وله:
صاحبه للشرع والحق حوى :: في جمعه وفرقه معا سـوا
والـــغيبة الغيبــة غيبتــان :: فغيبة في الكذب والبهتان
وغيبة في الحق والتداني :: بهـــا تنال وصلة العيان

وله أيضا:
هذا وإن سربـخ العرفــان :: خزينة الحي الفقيه الفاني
يا خائضا في فهم ذي الأبيات :: بفتحات المشكلات هـــات
وله:
لكنه بِدُونِ ذَوْقٍ ما دُري :: والذوقُ يُغني فيه عن مُعَبِّرِ

وله:
هيج شوقي نعم وولعي :: كونك دائما معي معي معي
فما وهى نيلي منك مطلبي :: لكنني بمطلبي لم أقنع
أنت أنيسي إن أكن منفردا :: فــأنـت أنسي بكل مجمع
أنت الذي بك قوام مهجتي :: فأنت مقعدي وأنت مضجعي
وأنت ملبسي حال ملبســي :: وأنت مشربي وأنت مرتعي
وليس لي فيما سواك مطلـب :: يا من إليك ملجئي ومرجعـي

وله:
السير يستقيم للمريـد :: بشطنة المريد بالمجيد

وله:
الشيخ جنبه وكن مجتهـدا :: متى تراه خـارجا متحدا
والبيت جنبه مخافة الـردى :: والحذر الحذر منه أبدا
إلا إذا منك القدوم قد بـدا :: من بعد إذن أو رسول أو ندا
وكن إذا حضرته متئـدا :: والصوت دعه دون صوته مدى
لقوله عز وجل سرمـدا :: لا تدخلوا بيت النبي أحمـدا
لا تحبطوا أعمالكم يابن أدا :: كنت لكم منبهـا ومرشدا

وله أيضا:
والسير والترقي والعرفان :: والوصل في مذهبنا أركـان
والفضل في الدرج والتدلـي :: هي ألف حال قد تكون للولي
في القرب من خالقنا الكريم :: ذا القرب في نعيمه المقيم

وله أيضا:
لا طيب للعيش مع الحجاب :: إن الحجاب هامة العذاب
وليس مع زواله مـن نكد :: طوبى لمن شاهد سر الأحد

وله في لغنَ
مارتْ عنِّي مانِ منكمْ :: وانَ منكمْ فِيكُمْ سَاعِي
انعاملكم راﮔدْ عنكم :: وانعاملْ مــلانَ واعِي

ويقول:
الوصول اﮔفال اتمرزيـه :: مــا يفتحهم مريد إديـــد
لهو واوساخ واطمازيــه :: ما يمسحمهم شيخ امن ابعيد

ويقول:
الرجال كله جاي كارد ميل :: فيه متفاوتين شـــــاي
بين إلِّ إبات قايم الليـل :: وإلِّ إبات قايم اتــاي

ويقول:
المشيخَه حل الشكلات :: واستلميد اخلاص التوحيد
والباس المشيخَه ما فات :: امكِنْ منّو بل استلميـد
كذبَ ماهِ گد الكذبات :: وافطن عنه ضلال ابعيـد
ويقول:
يلِّ عمرك فاتْ افشربَ :: وافْ وَكْلَ دونْ افتيحْ اطريگ
گلبك يلخُو گلب انبـبَ :: واذكارك يالصيد انهيگ
(”انبب‟ بتفخيم الباءين: الحمار باللهجة البولارية).

ويقول:
وادْ الولي ما يندخل :: ولْ دخل هاك اخبارُ

ويقول :
راجِلْ شَباشْ :: بَالله ؤراهْ
نِكْريهْ ابَّاشْ :: ماطارْ اغْراهْ
( اغْراهْ ) بِترقيقِ الراءِ

وله يقول:
بَحْرْ الْوُصولْ فيهْ عَكْرَ :: وامْواجُو مِتْلاطْمَ تجْري
رَصْفْ الْفَوْقْ رِيحْ منْ الوَزْرَ :: طِيحْ افْ لِغْريقْ لا اتْشَفْري
لا ادَّوْرُو ابْذيكْ لخْرَ :: ذيكْ لخْرَ عَنْها مسَگري

لقد صدّر الشيخ محمد عبد الرحمن شيوخا كثيرين منهم:
-الشيخ محمد السالم ابنه .
ومنهم الشيخ سيد المختار بن عبد الجليل التندغي
وكان من أشهر تلامذته وخاض مناظرات كثيرة مع علماء البلد حولا المعية وكان من القائلين بمعية الذات ، ومن أبرز من رد عليه العلامة الشيخ أحمد أبو المعالي بن الشيخ أحمد الحضرامي.

-ومن تلامذته المنافحين عنه، الشيخ العلامة محمد عبد الله بن البشير التندغي المالكي الإعديجي
كان من أبرز تلامذته المنافحين عنه ، ومن مؤلفات ابن البشير:
ــ المنزع النبيل في التفويض في آيات الصفات.
- كشف الغمة ومقباس الدجنة في أن المفوض في جميع المتشابه هو المتبع للسنة.
ــ إلجام الأفواه عن أهل الله.
ــ تأليف في التعريف بسلسلة مشايخه في الطريقة القادرية.
ــ رفع العتاب والوزر عن رافعات أصواتهن بالذكر.(نظم وشرح).

ومنهم الشيخ الصوفي ولد البان الذي ازدهرت الشمعة على يده في منطقة چونابة في لبراكنة وچارا چلف في السينغال
ومنهم الشيخ امود بن المختار بن سيد البركني من قبيلة أولاد السيد والتاگنيتي خؤولة ووطنا.
والشيخ سيد بن أحمد خير التاگنيتي .
والشيخ بن ابوه من التاگنيتي .
والشيخ سيد فال من أولاد نغماش.
و محمد بن أوفى الألفغي .
و أوفى بن محمد بن أوفى الألفغي.
و الشيخ الداه بن زايدن الألفغي .
و الشيخ سيد المختار بن ابي الجكني .
و الشيخ محمد بن المحبوبي اليدالي.
والشيخ محمذن ولد سيد أحمد ولد بگي الديماني الفاضلي.
والشيخ محمد الأخضر الجزائري.
والشيخ محمدالحسن بن الطالب أعمر البصادي
و الشيخ محمد الأمين بن الشيخ المعلوم البصادي .
والشيخ لمرابط عبد الفتاح التركزي .
و الشيخ محمد الملقب "باب خي" التندغي المالكي.
و الشيخ الواثق ولد المختار التندغي المالكي .
و الشيخ أحمد بن أحمد ميلود التندغي الشگاني
و الشيخ سيديا بن الخراشي التندغي .
و الشيخ المصطفى بن الخراشي التندغي .
والشيخ محمد يحظيه بن العباس التندغي المالكي.
والشيخ ببكر بن جمال التندغي من الشگاني..
و الشيخ محمد أحمد بن محمذ بن لعبيد التندغي

توفي الشيخ محمد عبد الرحمن عام 1330 هـ - 1912م ودفن في انتوفكت، وقد أرخ لوفاته تلميذه أوفى بن محمد بن أوفى بقوله:
في "شلس" من هجرة الممدوح :: توفي الغوث أبو الفتوح
محمد نجل محمد السالم :: ما في الدني كعلمه من عالم
وقد رثاه تلميذه محمد الأمين بن الشيخ المعلوم البصادي بقوله:
الشمس يا أهل (ذات الشمس) قد كسفت :: وبعدها البدر ذا من أعظم الضـرر
الشيخ شمس الهدى وبنته قمر :: صلوا لأجل كسوف الشمس والقمر

كامل الود

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...