الأربعاء، 19 مارس 2025

 الشيخ أحمد بن سیدامّین الشقروى


يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامد:
والشيخ أحمدُ ذو الأنوار مَن قُسِمَتْ :: أوقاتهُ بين أفكارٍ وأذكارِ
مُحيِي الطريقِ طريق الزهدِ سالكِها :: على طريقِ أبي ذَرٍّ وعَمَّار
إلى يدٍ في الندى طالت، فنائلُها :: ضافٍ على ضيفه جارٍ على الجار
إلى وقارٍ إلى علمٍ إلى كرمٍ :: إلى بوارِق أنوارٍ وأسرار

هو الشيخ أبو العباس أحمد "اموه" بن سِیدامیں بن أحمد بن ألمين بن الفالي أغربط بن ألفغ أحمد بن الفاضل (الفالي) بن يدمهم بن يعقوب الجامع لأغلب الأسر الشقروية وهو (أي يعقوب) بن أحمد بن أبي بكر(أبوبك)بن مهنض أمغر بن مهنض آش بن علي يَمْعَيَيش (أي علي السالم) بن الحاج عبدالرحمن الشقروي الجد الأعلى للشقرويين، والذي من اسمه اشتق باللسان الصنهاجي اسم العشيرة (إداشقره).
وعبد الرحمن هذا هو ابن علي بن محمد المعروف بالشريف أبي بزوله بن يحي القلقمي.

ولد الشيخ أحمد بن سیدامّین سنة سنة 1295 هجرية – 1877م، بمنطقة لعگل، وتلقى العلم على ذويه وتعلم في بيئته، ثم رحل عن محیط أهله خشية أن يوثر قربهم على تحصيله المعرفي والدراسي، فسافر صحبة قریبه وابن عمه أحمد سالم بن حبیب متجهين إلى محظرة الكلاء والصفراء في منطقة لبراكنة، وكان ذلك في أواخر العقد الثاني من القرن الرابع عشر الهجري، ولاندري بالتحديد كم قضى في تلك المحظرة إلا أنه غادرها بعد ذلك نحو الشمال ميمما وجهه شطر حضره آل الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل القلقمي، وقد تزامن سفره مع دخول المستعمر الفرنسي إلى جنوب المنتبذ القصي في بداية العقد الثالث من القرن الرابع عشر، فهل كان دافعه الهجرة عن البلاد التي أصبحت تحت وطأة المستعمر الكافر؟، أم تلبية لنداء الجهاد الذي أطلقه الشيخ ماء العينين؟، أم كانت بدافع التلمذة وتسليم النفس لترويضها و تدرجها في مقامات الإحسان في تلك الحضرة التي كانت يومها وجهة للمريدين القادمين من شتى بقاع الأرض؟
مهما يكن السبب فقد ألقى العصا واستقر به المقام في حضرة الشيخ حسنَّ بن الشيخ ماء العينين الذي الذى تتلمذ عليه وبايعه حيث كان من أعظم تلامذته مكانة وقدرا وأكثرهم شهرة وصيتا و ذكرا وقد كانت مدة إقامته عنده في حدود خمس عشرة سنة إلى أن قدمه وأجازه في الطريقة القادرية بفرعها الفاضلي.

يروى أنه رأى مرة شيخه الشيخ حسنّ يقبل يد والده الشيخ ماء العينين، فقال الشيخ أحمد ولد سیدامّین بالحسانية: (الشيخ ماء العينين أثرُ ابَّيْگَة إلِّ حب شيخيانَ أيدُ).

ومن قصص الشيخ أحمد العجيبة مع الشيخ حسنّ ما حدث به الشيخ عطاه الله بن الحسين الجكني أن الشيخ أحمد كان يسير مرة مع شيخه الشيخ حسنّ في آدرار فضرب حجر رجل الشيخ حسنّ فسال الدم من رجل مريده الشيخ أحمد.

عاد الشيخ أحمد الى منطقة رقاب العقل مما يلي آدكور حيث مسقط رأسه ومضارب أهله و قومه وبالتحديد إلى عگلة (تنگادوم) التي أسس بها زاويته التي كانت قبلة للمريدين ووجهة للزائرين ومأوى للضعاف والمعتفين.
وشهدت طريقته انتشارا واسعا في تلك الربوع وغيرها، وتتلمذ عليه العديد من العلماء الربانيين والقراء المهرة المتمرسين، حتى إن بعض العلماء سئل عن بعض مشيخة الطرق في زمنه فقال فيه: أما ابن سيدامين فاكثر شهوده مبرزون: " يعنى بذلك أن أكثر تلامذته ومريديه علماء.

و من هؤلاء على سبيل ذكر البعض لا الحصر:
- الشيخ محمد عبد الرحمن بن فتى الشقروى
- الشيخ محمدو حامد بن آلا الحسني.
- الشيخ محمدو النانَه ولد المعلى الحسني
- الشيخ أبی بن حيمود الجكنى، الذي كان يلقب يحظيه الأصغر لبعد غور مشرعه في علم النحو، وهو أحد أنبه من تصدر على يحطيه بن عبد الودود.
- الشيخ محمدو بن حيمود الجكنى أخو سابقه
- بالدين بن عبد الرحمن الجكنى وكان ممن تصدر على يحطيه بن عبد الودود
- الشيخ أحمدو بن الأفضل الحسنى
- الشیخ أحمد شئث بن محمد خليفه الأبييري
- الشيخ حامد بن محمدي الشقروي
- الشيخ الحارث بن ألمیں الشقروى
-الشيخ سيدي بن يُوبَّاه التاگنيتي
وغيرهم..

*****
كتب عن الشيخ أحمد بن سیدامّین الشقروى، تلميذه ومريده علامة عصره ووحيد دهره محدث قطره، ترجمان القرآن، المحقق المحدث الفقيه اللغوي النحوي المدرس، الشيخ محمد عبد الرحمن بن أبي بكر بن فتًى الشقروي ما نصه:

"كان هذا الرجل آية من آيات الله تعالى تمشي على وجه الأرض كأنت كل شعرة منه تنطق أنا ولي الله، ما رأى الناس مثله، ولا رأى هو مثل نفسه.
ما رأيتُ منذ أبرزتني الأقدار، إلى هذه الدار، أعرَف منه بالله ولا بنفسه، وماهو إلا كما قيل: انسلخ جاكير من نفسه انسلاخ الحية من جلدها.
فهو البحر المتدفق، والبرق العرفاني المتألق، تتضاءل الجبابرة لصولته، وترفضّ الجموع لجولته، ينحدر من ألفاظه الجمان إن لفظ، ويحيى الهشيم بلحظته إن لحظ، تلوح على وجهه لوائح العاشقين، وتنجذب الأسرار لما عليه من ملاحة الصادقين، لم تر عيناي أقل منه تصنعا، ولا أحسن تقلعا، ولا أسلس عنانا، ولا أصدق لسانا، عذب الأخلاق سهلها، أتى من هذا الطريق بالعجب العجاب، ونثر كنانة الحقائق للأصحاب، نشر من الطريقة ما انطوى، وشرِب الصادق من مريديه من بحره حتى ارتوى
حلفَ الزمانُ ليأتينَ بمثله :: حنِثت يمينكَ يا زمانُ فكفّر
فهو الجدير بقول ابن دريد:
إن كنت أبصرتُ لهم مِنْ بعدهم :: مِثْلاً فأغضيتُ على وَخْز السَّفا
وأنا أقول:
إن كنت أبصرتُ له في عصره مثلا.. إلى آخره...
وما أجدره بقول الشاعر:
بقيتَ بقاء الدهر يا كَهفَ أهِله :: وهذا دعاءٌ للَبرِيَّة شاملُ
لم أرَ قط أحبّ منه إلى الروح امتزج حب الشريعة بدمه ولحمه، واصطاد قلوب الصادقين بسهمه، فسبحان من خصه عن الأقران، بالغاية القصوى من التواضع والعرفان، ورزقه التنقل من سائر الطباع، والتنزل لجميع الأجناس والأنواع، يتصابى لكل صبي، ويتواضع لكل صفي، ويستفيد من كل نبيه، ويتفقه من كل فقيه
ليس على الله بمستنكَر :: أن يجمع العالم في مفرد
أفعاله جارية على وفق المراد، وحركاته مطبوعة على السداد، لا يودّ الجليس أنه ترك ما فعل أو فعل ما ترك
شجو حساده وغيظ عداه :: أن يرى مبصر ويسمع واع
وإذا تكلم ودّ السامع أنه لم يسكت، فهو قرة العين، ومنية القلب، ونزهة المجلس، مجلوب على حب المساكين، وتفريق المال في وجوه البر.
غَمْرُ الرِّدَاءِ إذَا تَبَسَّمَ ضَاحِكاً :: غَلِقَتْ لِضِحْكَتِهِ رِقَابُ المَالِ
وهو الجدير بقول الشاعر:
إِنَّ السَّماحَةَ وَالمُروءَةَ وَالنَّدى :: في قُبَّةٍ ضُرِبَت عَلى ابنِ الحَشرَجِ
ملامِتي المشرب لا يظهر خيرا ولايضمر شرا، يضع الهناء مواضع النقب، وإذا نزل به ضيف أنشد لسان حاله:
والله يعلم أنني ما سرني :: شيءٌ كطارقة الضيوف النُزل
وما أجدره بقول الشاعر:
ما مات من كرم الزَّمان فإنَّه :: يحيا لدى يحيى بن عبد الله
وتنشرح به الصدور ويعم بطلعته السرور وهو الجدير بقوله:
ثلاثةٌ تشرقُ الدنيا ببهجتهم :: شمسُ الضحى وأبو إسحاق والقَمَرُ
وأنا أقول: وأبو العباس والقمر
صارم العزم عالي الهمة:
لَهُ هِمَمٌ لا مُنتَهى لِكِبارِها :: وَهِمَّتُهُ الصُغرى أَجَلُّ مِنَ الدَهر
وأما المعارف فهو فيها البحر الذي لا ينزف، والنجم الثاقب الذي لا يدرك، أمواجه أبدا مضطربة، وثمراته من كل جان مقتربة، ينظر إلى أصحابه شزرا فيمتلئون نورا ومعرفة وعلما، ولم يخبرك مثل مجرب، ولا ينبئك مثل خبير،
يجذب العامي من حضيض الفسق إلى أوجه المعارف بهمته وتنخرق العوائد ويدنو الشاسع بإذن الله تعالى بعزمته، منهض الحال جاذب المقال، فهو الكامل المرشد العارف المهذب الجهبذ المقرب
فماذا أقول في رجل جمع الله تعالى له بين نونِ الشريعة وضَبِّ الحقيقة
بين مراقبة الحق وملاحظة الخلق والأعمال البدنية والآداب القلبية والوظائف الجسمانية والمطالعات الروحانية إن نطق سحر، وإن طرق بهر فحديثه السحر الحلال، ومشربه العذب الزلال، يرد المريد بكلمة أونظرة إلى عالم الشهادة والحس، بعد كمال الانجذاب إلى حضرة القدس، إلى التحقق بالعلوم اللدنية، والمواهب السنية، والفيوضات الربانية، والإلهامات الصادقة، والكشوفات الخارقة، ومطالعة الجمال، وملاحظة الجلال، والانغماس في الأبحر العرفانية، والانجياش إلى الحضرة اللاهوتية، والجولات في العوالم الملكوتية، بالحكم الجبروتية، فالحمد لله الذي نظمنا في سلك رفقائه، وجعلنا من جلسائه:
وكنت جليس قعقاع بن شور :: ولا يشقى بقعقاع جليسُ
فبينما أنا مشرف على القنوط، متردد بين صعود وهبوط، إذ أصابتني والحمد لله لامعة من أنواره، ونغية من بحاره، فتمايلت فرحا وطربا، ولم أذكر لنفسي عند ذلك أربا، وأنشد لسان حالي:
لك الدهر طوع والأنام عبيد :: فعش كل يوم من أيامك عيد
وقوله:
بَدَا لَكَ سِرٌ طالَ عَنكَ اكتِتَامُهُ :: وَلاَحَ صَبَاحٌ كُنتَ أنتَ ظَلامهُ
وليس بعجيب فالنفحات الإلهية غير مقيدة بزمان ولا شخص ولا مكان سيما وقد ألهمت ولله الحمد صحبة هذا العارف الأنور، والكبريت الأحمر، والجامع الأزهر، والمسك الأذفر، من يحيى بنظراته موات القلوب، وتنخرق ببركاته حجب الغيوب
وما عليَّ إذا ما قُلتُ مُعتَقَدي ·:: دَعِ الجَهولَ يَظُنُّ الحَقَ عُدوانا
واللهِ واللهِ واللهِ العظيم ومن :: أقامه حجة للدين برهانا
إن الذي قلتُ بعض من مناقبه :: ما زدتُ، إلا لعلي زدتُ نقصانا

وما لقائي إياه أوانَ قدومه من البلاد الفاسية إلا كما قال الإمام ابن العربي في لقائه للإمام الغزالي فإنه قال على ما نقله الرهوني في باب الشهادات عن قانون التأويل له: "ورد علينا "ذانشمند" يعني الغزالي فنزل برباط أبي سعيد بإزاء المدرسة النظامية، معرضا عن الدنيا مقبلا على الله تعالى، فمشينا إليه، وعرضنا أمنيتنا عليه، وقلت له أنت ضالتنا التي كنا ننشد، وإمامنا الذي به نسترشد، فلقينا لقاء المعرفة، وشاهدنا منه ما كان فوق الصفة، وتحققنا أن الذي نقل إلينا من أن الخبر عن الغائب فوق المشاهدة ليس على العموم، ولو رآه علي بن العباس لما قال:
إذا ما مدحتَ امرءاً غائباً :: فلا تغل في مدحه واقصد
فإنك إن تَغْلُ تَغْلُ الظنون فيه إلى الأمد الأبعد
فيصغر من حيث عظمته :: بفضل المغيب على المشهد
قلت والحال كالحال، فوالله لقد نوّه بشيخنا قبل قدومه من فاس أكابر الصلحاء ومع ذلك لقد وجدته أبعد من ذلك مرمى، ولم تزل محاسنه تتزايد في قلبي إلى وقتي هذا، وإلا ما هو إلا كما قال أبو زيد في وصف الأسد إنه شاهد منه ما لا يزال يتردد ويتجدد ذكره في قلبه، والله ثم والله ما التمست له مخرجا حسنا قط إلا وجدته فوق ذلك بمراحل، وعلمت أنه لا يحيط بكنه اللجة من بالساحل، ولا يغرنك ما يزعمه بعض العصريين ممن جعل الله بين يديه سدا ومن خلفه سدا عن مشاهدة أنواره ومطالعة أسراره، فإن ابن العربي لم يقلد أحدا في شيخه الغزالي والطرطوسي وابن المنير وابن حمدون قاضي قرطبة على جلالتهم، فكذلك أنا لا أقلد فلانا ولا فلانا في أمره ولا في شيء من أمر ديني فكيف بشيء لم يشما له رائحة زعما أن الثناء على الصلحاء غلو فقد أخطآ وقد بسطنا ذلك في غير هذا الموضع وحاصل ذلك أن الغلو مجاوزة الحد، ومن المعلوم أن الحد هنا الحد الشرعي ولم يمنع الشرع أن يخص الله تعالى من شاء بما شاء ويظهر عليه من شاء ويخفيه عمن شاء، ولا عبرة بكون هذا لم يسلمه فلان ولا فلان فإن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون وأحمد الله على ما أطلعني عليه من فخامة أمر هذا الولي، وجسامة خطب هذا الصفي ثم أقول بعد ذلك
فمحسنوا الظن مصيبون ولو :: لم يتصف موصوفهم بما رأووا
ومن أساء الظن قد أساءَ :: ولو بسوء من بظن جاءَ
وأقول أيضا:
قالَ المُنَجِّمُ وَالطَبيبُ كِلاهُما :: لا تُحشَرُ الأَجسادُ قُلتُ إِلَيكُما
إِن صَحَّ قَولُكُما فَلَستُ بِخاسِرٍ :: أَو صَحَّ قَولي فَالخُسارُ عَلَيكُما
وأقول سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
فما هو إلا درة فاتت الغواصين في أبحر المعارف، وسرٌ استبهَم على كل كامل عارف، وأولى الضوابط به عندي ما نقله الشعراني عن محيي الدين بن عربي في أبي السعود بن الشبل فإنه نقل عنه أنه قال فيه:
"وقد اطلعت على مقامات كثير من الرجال فما عرفت لهذا الرجل قرارا".
وقد سمعت بعض العارفين يقولون مثل هذا في شيخنا."
انتهي

*****
و يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ في زيارته لحضرة الشيخ أحمد بن سيد امين لدى تنگادوم
الحمد لله رب العالمين على :: إلىً عليّ بها منّ الكريم علا
من القدوم على ذات القدوم ألا :: إن القدوم على ذات القدوم إلَى

ويقول الشيخ محمدو النانَه ولد المعلى رحمه الله:
كنا إذا مسنا من دهرنا نكدُ :: وكاد يقضي علينا الهم والكمدُ
وكدرت صحبةُ الأجلاف عيشتنا :: ولم نعج بدواء للذي نجد
زرنا الولىَّ ابن سيدَ آمينَ أحمدَنا :: شيخَ الشيوخ الذي مامثله أحدُ
فألقحَ العقم من أفهامنا وشفي :: أدواءنا منه عقل مبرم حَصِدُ
وشيمة كفتيت المسك نافحة :: تنحل عن يدها المبسوطةِ العُقَد
وهمة علقت بالله عروتها :: على القوى المتين الحق تعتمد
فَعَّالة ما يشاء الله نافذة :: جذابة كل آتٍ دونه البُعُد
والعارفَ ابن أبي بكر سليلَ فتًُى :: وكان نعم الفتى في كل ما يرد
من أجل ذاك ترانا رائحين له :: ومغتدين بنا ترمى له الجُدَدُ
ولو وجدنا مساغا ما لغصتنا :: لدن سواه لكنا نحوه نَفِدُ
فإن في النفس شيئا هو بالغُه :: دون الورى لم تصل منهم إليه يد
فالله طهرنا مما يُعَوِّقُنَا :: فلا انتقاد ولا بغض ولا حسد
إلا اعتقادا وحبا بالغا ورضى :: بقسمة الله جلّ الواحد الصمد
هذا الفرات وهذا النيل مازخرا :: إلا رَمَى باللآلِى منهما الزبد
وقد وردتهما والنفس حائمة :: وغلة القلب والأحشاء تتقد
لينقعاها بسجل من نميرهما :: يندى به القلبُ والأحشاءُ والكبد
فإنما يشتهي السقيَ الذي اضطربت :: منه الجوانح لا الريان والصَّرَدُ
وذاكما ابن المُعَلَّى مايريبكما :: مِنهُ سوى أنه ليث العِدَى الحردُ
يا أيها الأولياء العارفون قِفُوا :: لنا فما منكمُ إلا لَهُ مَدد
ومِكنَة عند ذي العرش استقل بها :: ورتبة دونها الجوزاءُ والأسد
حاشاكمُ أن تبتوا حبل صاحبكم :: فالصحب أسبابهم موصولة جُدد
لا سيما من تعاطتهُ شؤونهمُ :: ومن ترامت به الأهوال والشِّدد
في الذب عن حرمات الأولياء وفي :: نصر الموالي لهم والناس قد حَسَدُوا
حتى استقلت على ساقٍ طريقتهم :: فلم يضر عَدَدٌ جمٌّ ولا عُدَدُ
فالناس ما بين تلميذٍ قد انسلخت :: من الإرادة منه الروح والجسد
وبين معتقد صِرفٍ يكافح عن :: ذاك الجناب إذ الأبطال تجتلد
فالحمدُ لِلهِ رب العالمين على :: نصر المليك الذي يُوفِي بما يَعِدُ
هذا ومن كان في ريب يخالجه :: فليسألِ الناسَ إنَّ الناس قد شهدوا
هل للعدى منبر إلا نصحت لكم :: عليه حتى انجلى العُوار والرمد
ولا أمُنُّ عليكم إذ نصحت لكم :: ولم أغشَّ كمن غَشُّوا ومَن جحدوا
لكن أردت خلوصا في محبتكم :: من القذَى إذ تراخى بيننا الأمَد
حَيَّا السلامُ وجوهاً تنظرون بها :: إلى القلوب فيبدو الغي والرشدُ

و يقول الشيخ محمدو حامد بن آلاّ
ياليت شعريَ هل تبدو لناظرتي :: ذات القدوم و يبدو نجدها العالي
إني إليها لمشتاق و لست بما :: يُسْلِي الأحبة عنها اليوم بالسالي
و الله يعلم أن لولا أبو حسن :: لما تطرّق منها طارق بالي

يقول فيه الشيخ محمدو حامد بن آلا أيضا:
فمبلغ علمي بالتحقق أنه :: على الله دلال تدلك صحبته

ويقول الشاعر الفذ محمد ولد أبنُ ولد احميدن الشقروي رحمه الله:
أعَاذِلَتَيَّ لومكما دَعَاني :: فَإني لَستُ مِثلَ بني فلانِ
حَلَبتُ الدَّهرَ شَطرَيهِ فَآنًا :: أمَرَّ عَلَىَّ وأحلَولَى بِآنِ
وَمارَستُ الزَّمَانَ فَكَانَ هَينًا :: عَلَىَّ لِقَا مُلِمَّاتِ الزَّمانِ
فَلَم أكُ لِلخُطُوبِ ِإذَا ادلَهَمَّت :: كَئِيبَ البَالِ عَضَّاضَ البَنَانِ
وَلَم يَخفَق جَنَاني مِن وَعِيدٍ :: وَلَو آلَى عَلَيهِ الخَافِقَانِ
ولَم أفرَح لِسَّرَاءَ اعتَرَتني :: فَتَيلِكَ شِيمَةُ اللَّحزِ الجَبَانِ
وِإن لُو يِنتُ لِنتُ وكَنتُ صَعبًا :: وِإن خُوشِنتُ لَستُ بِهَيَّبَانِ
وَكَم مِن مُخبِرٍ عني بِسُوءٍ :: -ولَيسَ لَهُ بِمُمتَحِنٍ- لَحَاني
فأقلعَ بِامتِحَاني عَنهُ إني :: رِضَا مَن كَانَ يَلحَاني امتِحَاني
وأولاني إلهِى أن هَدَاني :: لِلإِيمَانِ المُثَبِّتِ لِلجَنَانِ
وَأولاني التَّفَصِّى مِن يُدِىٍّ :: مِنَ التَّقلِيدِ كُنتِ بِهِنَّ عَانِ
تَراني بِالبَرَاهِينِ اعتِصَامِى :: إذَا مَا طارِقُ الشُّبَهِ أَعتَرَاني
وَلِى شَيخٌ يَذُبُّ الشَّرَّ عني :: فَمِمَّا كُنتُ مُختَشِياً حَمَاني
بِيُمنِ تَعَلُّقٍ مني إلَيهِ :: تَأَلَّقَ بَرقُ إِيمَاني اليَمَاني
وَبيني وَالمَخوِفَ جَعَلتُ حِرزاً :: لَهُ في كُلِّ مَيدَانٍ يُدَاني
وَمَا أمَّت يَدُ الحَدَثَانِ إِلاَّ :: ثَنى عَنِّى يَدَ الجَدَثَانِ ثَانِ
ولا عَجَب فَشيخُ القُطرِ شيخي :: مَدَى الأزمَانِ في العِرفَانِ فَانِ

ويقول محمد ولد أبنُ أيضا:
رَبعُ أسمَاءَ ِإذ هِي الأُنسُ آلا :: مُقفِرَ الآيِ لا يُرُدُّ سُؤَالا
وأرَاحَ الرَّحِيلُ عَازِبَ هَمِّى :: حِينَ شَدُّوا إِلَى الرَّحِيلِ الرِّحَالا
حُقَّ لِلدَّمعِ أن يَكُون مُذَالاً :: ولِطفلِ المَهدِ المَشِيبُ قَذَالا
أصبَحَت سُنَّةُ النبي مُعَفَّاةً يَجُرُّ الهَوَى بِهَا الأَذيَالا
أصبَحَت صُحبَةُ الهُداةِ إِلَى اللهِ وذِكُرُ الإِلهِ جَهراً ضَلاَلا
أصبَحَ الأَولِيَاءُ عِندَ أُولِى العِلمِ أُولِى السَّجنِ في الحَضِيضِ مَحَالا
والشُّيُوخُ الرَّاقُونَ أعلَى مَقَامَاتِ التَّرَقِى يُرمَون قِيلاً وقَالا
وَيُسبُّونَهُم وهُم في المُصَلَّى :: في اللِّيَالِي المُظلِمَاتِ امتِثَالا
ويَعِيبُونَ أحذَهُم لِلهَدَايَا :: وَيقُولُونَ يَجمَعُونَ المَالا
جَهِلُوا أخذَ المُصطفي "المنحَمِنّا" :: لِلهَدِيَّاتِ يَمنةً وشِمَالا
أيُحُبُّ النبي مَالاً وقَد عَفَّف لِزُهدٍ عَنِ النُّضَارِ جِبَالا
كُلُّ مَا شَاهَدُوا وهُمُ جَاهِلُوهُ :: أنكَرُوُهُ وعَيَّروُا الجُهَّالا
يُنكِرُونَ الفَتحَ الإلهِىَّ والذَّوقَ اللَّدني والشُّهودُ اعتدَالا
حَسِبُوا أن لَن يُعَطِىَ الله مَا لَم :: يُعطِهُم غَيرَهُم فَحَازُوا النَّكَالا
جَمَعُوا غِيبَةً وعُجباً وجَهلاً :: ألِفُوا هَذِهِ الثَّلاَثِ خِصَالا
حَكَّمُوا العَامَةَ التي أكسَبَت بَعضَ مَن أغرَوا بالاعتِزَالِ اعتِزَالا
لاَ تَلُومَنَّهم فَالإنكَارُ يُبقِي :: في نُهَى شَارِبِيهِ دَاءً عُضَالا
إِنَّهُم عَن قَبُولِهِم مُعجِزَاتِ الأَنبِيَا بِاعتِقَادِهم لَكُسَالَى
ما دَرَوا أنَّ أعبُدَ اللهِ مِنهُم :: مَن يَبَرَّ الإلَهُ إِن هُو آلَى
أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الإنكَارَ صَعبٌ :: فَأطِيعُوا فِيهِ الإلهَ تَعالَى
إِنَّمَا يُنكِرُ البَصِيرُ بِغيضَاتِ الفُنُونِ المُفَتِّحُ الأقفَالا
بَعدَ إتقانِهِ لِسَبعِينَ فَنًّا :: لَم يَدَع في عَوِيصِهَا إشكالا
فِعلَ مَن مَالَ دِينُهُ أصلاً أو مَن :: كَانَ في الدِّينِ مُستَقِيماً فَمَالا
لَيسَ إلا فالمُستَقِيمُ بَرىءٌ :: حُقَّ لِلحَقِّ وَاضِحاً أَن يُقَالا
ومَنِ المُنكِرِينَ مَن قَالَ هَذَا :: ضَيعَ الدِّينَ بالذي فِيهِ قَالا
وَمحلُّ الأنكَارِ إِن قِيلَ هَذَا :: كَانَ أهلاً لَهُ وعَزَّ مَنَالا
أن يَرَى الفِعلَ في المُحَرَّمِ نَصًّا :: لَم يَجِد فِيهِ لِلحَلاَلِ إحتِمَالا
أو يَرَى القَولَ صَادَمَ الذِّكرَ أو صَادَمَ لِلمُصطفي الأمِينِ مَقَالا
لَم تَفُق لَو تَأمَّلَ المُنكِرُ الأثقَالَ لَكِن لَم يَنظُرِ الأَنقَالا
دَعوَةُ العَالِمِ الحَلاَلَ حَرَاماً :: دَعوَةَ الجَاهِلِ الحَرَامَ حَلاَلا
أيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مَن قَالَ في الشَّيـخِ مَقَالاً لم يَقصُدِ الإِجلالا
حَشَّ مِنَّا حَرباً فَنَحنُ عِيَالُ الشَّيـخِ نَبأى بِأن نَكُونَ عِيَالا
مَن أتَانَا مُجَادِلاً فِيهِ ألقَمنَاهُ صَخراً لَم يُبقِ فِيهِ جِدَالا
وإذَا جَاءَ سَائِلاً صَافي القَلبِ أَجَبنا بِالحَقِّ مِنهُ السُّؤالا
جَنِّبُوا القَولَ فِيهِ لا تَجلِبُوا مَا :: لَم تُطِيقُوا دَفعاً لَهُ حِينَ صَالا
مَن يَقُل فِيهِ قُلتُ فِيهِ وسَدَّدتُ إِلَيهِ مِنَ الهِجَاءِ النِّبَالا
وإذَا مَا أبَى عَنِ الكَفِّ عَنهُ :: قَد أبَى أن أكُفَّ عَنهُ القِتَالا
فَهوَ الشَّيخُ أَحمَدُ المُتَحَلِّى :: بِاتِّبَاعِ الرُّسُولِ صَحواً وحَالا
بَارَكَ اللهُ في الذي حَازَ مِن فَضلٍ وأرقَاهُ والبَقَاءَ أطَالا
وَحَباهُ مِن قُرَّةِ العَينِ مَا يُرضِيهِ حَالاَ مُبَارَكاً ومَالا
وحَبَاهُ الرِّضَا وَصلَّى عَلَى مَن :: حَازَ عَن كُمِّل الأنَامِ الكَمَالا

ويقول محمد ولد أبنُ أيضا:
لَعِبَت بَعدَ ما انقَضَى الرَّيعَانُ :: مِن شَبَابي بِحِلمِىِّ الأظعَانِ
هَجَرَتني أمَامُ فَأَختُلِبَ العَقلُ وذَادَ التَّصبُّرَ الهِجرَانُ
وَعَدتني فَمَا وَفَت وَبَدالِي :: أنَّ عُقبَى عِدَاتِهَا الرَّوغَانُ
ثُمَّ قَالَت ألَمتَ إِذ رُمتَ إنجَازَ وُعُودٍ مِن قَبلُ دَأباً تُخَانُ
لاَ تَلُم في الإخلاَفِ إِنَّ الغَواني :: دَأبُهُنَّ الإِخلاَفُ واللَّيَّانُ
فتَلَظَّت جُدَا النَّدَامَةِ في قَلبي :: وقُلتُ ارتَمَى بي الخُسرَانُ
غَيرَ أني والحَمدُ للَّهِ بالإِيمَانِ مُستَمسِكٌ وذَاكَ أمَانُ
جَازِمٌ أنَّ الأنبَيَاءَ الطًّهَارَى :: مُستَحِيلُ عَلَيهِمُ الكِتمَانُ
بَلَّغُوا كُلَّ مَا به أُمِرُوا ما :: كتَمُوهُ ومَا نَسُوا مَا خَانُوا
لَستُ أحجُو وِردِى -وإن جلَّ عِندِى- :: قَاصِراً عن إدرَاكِهِ القُرَآنُ
وَبشيخي أستَمسَكتُ أحمَدَ قُطبِ الأَرضِ مَن شَأنُه الإِلَهِىُّ شَانُ
مَن لَيَالِى قُدُومِهِ لِلأمَاني :: والمَسَرَّاتِ والهَنَا عُنوَانُ
مَن تَناءى عَنَّا بِهِ الهَمُّ والغمُ وشِيفَت عَن ذِى النُّهَى الأَدرَانُ
لِيَدَيهِ عَلَى العُفَاةِ والأَضيافِ وأهلِي جِوَارِهِ هَطلاَنُ
أيُّهَا الرَّائمُ التَّصَدِّيَ لِلشيخِ أيَقظَانٌ أنتَ أم وَسنَانُ
رُمتَ غَرفَ البَحرِ المُحِيطِ ولَمسَ الشمسِ والهُونَ حَيثُ كَانَ امتِحَانُ
اتّئِد وَانِيًّا فشيخي وَنَى عَن :: أولَيَاتِ الهِمَّاتِ مِنهُ الزَّمَانُ
لَم تَكُن مِن رِجَالِ مَيدَانِ ذَاكَ الشيخِ يُعيِبكَ ذَلِكَ المَيدانُ
إِنَّمَا رُمتَ رَامَهُ قَبلُ أقَوامٌ ولَمَّا انثَنَوا خَزَايَا استَكَانُوا
ثُمَّ دَانُوا واستعصَمُوا بِجوَارِ الشيخِ مِمَّا يَأتِي بِه الحدثَانُ
وَتوَانَوا عَن شَاوِهِ وتَوَلَّوا :: وتَخَلَّوا عَنِ الذي فِيهِ كَانُوا
إِن تَمَارَى في فَضلِهِ الغُمرُ فَالشمسُ تَمَارَى في ضَوئِهَا العُميَانُ
مَا استَخَفَّت وقارَهُ رِيحُ طَيشٍ :: لاَ يُبَالِى مَرَّ الصَّبَا ثَهلاَنُ
نَالَ مَانَالَ فَهوَ وَارِثُ مَن نَالَت بِهِ مُنتَهى العُلاَ عَدنَانُ

مما يقول محمد بن أبنُ في زياراته للشيخ أحمد بن سيدامين

آن يالشيخ أحمل سيد :: آمين انزورك منبعيد
ؤفاثرك بالمدح الا أنشيد :: وامعلگ تيدنيتِ
متيقن فضلك ما انزيد :: لا يمكن ما دنيتِ
تصلح و آخرتِ ذاك فيد :: الله آن بنِّيتِ
شور الل ؤ شورك درت ذاك :: و احسن من ش ظنيت
فالله ؤ فيك ألا إياك :: تتعدل لي منيتِ

يالشيخ أحمد ما فت فت :: ألحگنِ ظرك إلى نشلت
ألحگ سابگ ما فت مت :: لا تغلب جرمانيتِ
روحانيتِ نختير عدت :: تغلبها روحانيتِ
/
وللشيخ محمد عبد الرحمن بن فتًى في الشيخ أحمد بن سيدامين:
سلطان تقوى القلوب اليوم سيدنا :: أبو الفتوح ولي الوقت "أحمد"نا
أستاذنا ومرقينا ومرشدنا :: ودعدنا في نوادينا ومهددنا
فابلغنه سلاما طيبا عطرا :: مع التحية والإكرام من لدنا
وأن من زادنا منه الزيادة أن :: زدناه عهدا على ما كان يعهدنا
وقولنا الحق إنا مغرمون به :: وقولنا ذاك في أهل الدنا ددنا
فما لنا أهلٌ الا ما تخيره :: أهلا ومعهده الميمون معهدنا

وله فيه أيضا وقد سمع أحد واردة المنهل ليلا يقول لرفيقه من هو ابن سيدآمين هذا فإننا لا نعرفه؟:
لك العذر يا من ليس يعرف شيخنا :: فإن رجال الغيب لا يعرفونه
فتى غاب في الله المقدس سره :: وأعرض أعلام المقامات دونه
نعم علم الأعلون أن حاز منزلا :: ولكنهم من بعده يجهلونه !

توفی الشیخ أحمد بن سیدامّین رحمه الله في اليوم الثاني من شهر جمادی الأولى سنة 1363 للهجرة – 1944م، ببلدة (الطبيبات) على بعد حوالى 30 كيلو مترا جنوب شرقی مدينة الركيز عن عمر بلغ ثمانا وستين سنة.
قال الشیخ أحمد بن الأفضل الحسنى مؤرخا لوفاته بحساب نقاط الجمل.
الشیخ أحمد اخو الكمال :: والمجد و السؤدد والأفضال
دعاه شوق ربنا حین أتی :: لليلتين من جمادی خلتا
أعني به جمادى الأولى فاعرف :: والعمر (صح) في جمیل (شرف).

ويقول العلامة الشيخ محمد عبد الرحمن بن أبي بكر بن فتًى في رثاء شيخه الشيخ أحمد بن سيدآمين:
يا شامتا بولي الوقت من وهبا :: كبرى المواهب عند الله فاحتجبا
من قد تزكت به الأنوار فانجذبت :: إليه إذ كان للرحمن منجذبا
ومن تقمص أثواب العبادة في :: درع الرضا المحض إن ناب الخطوب نبا
عبد هو العبد لا يرمى بداهية :: إلا وأمعن في التمكين واقتربا
ومن تردى رداء البذل لا رغبا :: فيما لدى الناس من نفع ولا رهبا
ومن تسربل ثوب العز في حلل :: من التواضع حتى عُدّ في الغربا
ومن تحلى بأخلاق مهذبة :: مثل الجمان ترى من أمرها عجبا
فابرز اللؤلؤ المكنون في صدف :: من المزاح لأرباب النهي الأدبا
الشيخ أحمد من تزري مجالسه :: بالمسك إن فاح والجريال إن شربا
لا تفرحنَ فإن الموت بغيته :: إذ هو حِب إلى محبوبه ذهبا
وما مضى الشيخ حتى صار أكثرنا :: بين المحب ومن والى ومن صحبا
وما مضى الشيخ حتى بان أن له :: قدرا إذا ما أباه الحاسدون ربا
وما مضى الشيخ حتى شوهدت عبر :: منه وأظهر من تمكينه العجبا
وما مضى الشيخ حتى أرسلت كتب :: من المدائن تقفو نحوه الكتبا
وما مضى الشيخ حتى أعملت فكر :: في مدحه واستجادت ذكره الخطبا
وما مضى الشيخ حتى سالت أودية :: من بحره الأعظم المروي لمن شربا
وما مضى الشيخ حتى صار منتسبا :: إليه كل همام معرق نسیا
وما مضى الشيخ حتى ازدان مجلسه :: بالسادة النقباء الغر والنجبا
وما مضى الشيخ إلا بعدما شهدت :: له الأكابر في النادي ومن قربا
وما مضى الشيخ حتى عم أجمعنا :: بالبذل وازدان بالتقوى من انتسيا
فقلّد الدر والياقوت تابعه :: من العباد وأولى الغير ما طلبا
فلا تظننَ إثر الشيخ مقطعا :: ولا تخالنَ أمر الذاهبين هبا
كم من إمام هدى حُمت منيته :: وعاش مذهبه بين الورى حقبا
فلا تظننَ أن الله خاذله :: لأجل شيء على الأحياء قد كتبنا
إن الولي لمعتز بخالقه :: وإن توسط بطن الأرض مغتربا
قد يغمد العضبَ - لا للزهد - صاحبه :: ويدفن الكنز من في الكنز قد رغبا
هذا وقد ترك الآثار شاهدة :: والكتب والذكر والأتباع والعقبا
اصبر قليلا ففي أتباعه عبد :: قد أحرزوا العلم والعرفان والأدبا
بذا جرت عادة الأيام وانسحبت :: والله يجري علينا اليوم ما انسحبا
فلا أضاع له سعيا ولا برحت :: تعتاده رحمات فوق ما طلبا
بجاه أحمد صلى الله بارئنا :: عليه ما لاح دُري وما غربا

كامل الود
 

 العلامة الشيخ أحمد ولد عبدالعزيز التاشدبيتي



تقع منطقة (بِرْوَيْتْ) فى جنوب غرب ولاية اترارزه، وتمتد من عاصمة گنار (تيگماطين) حتى ذوبان لخشومَه في الماء جنوبا عند (سهوة) كرمسين.
ومن آفطوط الساحلي غربا حتى الحدود الجنوبية الغربية لمنطقة إيگيدي.
ويُعد (بِرْوَيْتْ) من أجمل مناطق الجنوب الغربي من المنتبذ القصي، فهو روض باسم لرواده، وحوض واسع لوراده.
تمتاز منطقة (بِرْوَيْتْ) بعذوبة الماء وقصر الآبار(وَگفتين)، طلحها خروبه جميل، وقتادها (أيروارها) قصير، وفيها (أيشْ) و(آدرسْ)، وآفرشي) و(تاژنتْ الحره)، وهي دار الصيف لأهل المنطقة ينزلونها مبتدأ الشتاء حتى موسم الأمطار.
كتب الشعر جغرافية (بِرْوَيْتْ) فلا موضع به إلا وله ذكر في طلعة أوگاف، شمل (النسيب المبدوع) مرابعها وجادت بذكر نجوعها قرائح أولاد هدار، وول سعيد ولد عبد الجليل، ومحمد عبد الله ولد محمد آسكر، و أحمدو سالم ولد بلّيلّي، ومحمدن ولد باباه، وغيرهم ممن وقفوا على طلول (بِرْوَيْتْ) واستوقفوا وبكوا واستبكوا..
عندْ (انجرميل) اعطيت امگيل :: اگبلْ عندِ ماه ثقــــيلْ
وافهم ذاك افطن ذاك اطويل :: والحگتْ (اندوياك) ؤرذاكْ
مزال انجرميل انجرميل :: ؤمزال اندوياكْ اندوياكْ
حد اكصرلِ ذالدهر اكـطارْ :: الدمع ْاعل دار (امبطارْ)
حگ انْ ذاكْ اعلَ مثلِ عارْ :: ؤيگدر يكصرْ حدْ اتواسيه
غيرْ اكطارْ الدمع اعل دارْ :: امبطار ابلا غرظِ فيه
فالحگ إنّ متفقد شِ :: فم اعييت انراه أديه
ويتم الدّمع ألّا يمشِ :: ماهُ گاع آنَ لمّشيه
ؤنعرف (بالسمسيات) اديار :: أديار اعلي معلومات
أونعرف عاگب ذاك اص دار :: راهي فم امن اديرات
السمسيات ايتان أخبار :: ذاك النوع امنين اتوسات
معلومه عندي ذيك الدار :: امن اديرات السمسيات
مندرْتِ يَكانْ المَلْعوگْ :: اصْويْكْ التّيدومْ المحروگْ
الّي فوگْ الطّوْگْ إلِّ فوگ :: اكْراعْ ابْلمعارظْ تَلّو
كانْ الفوگْ اعل راص الطوگْ :: يَكانو مزالْ افبلُّو
اعرفت اليوم ان المصير:: الفنا من عدل البصير
جيت اگبيل امخوشمْ لعصير :: انتينو واكصيرْ النخلَ
وألا شفت انتينو واكـصير :: النخلَ من لغلال اخلَ
وانَ نعرف لغلال ازمان :: انـتـيـنـو منهم ما يخـلَ
واكصير النخله منهم كان :: ما يخلَ، غير الخلق اخلَ
نعرفْ عني ريْتْ البِظانْ :: افْ (بِرْوَيْتْ) ؤ رَيتْ الفتيانْ
المَا ينْجبرو فلّي ظانْ :: عنهمْ كونْ افْ برويتْ ؤ رَيتْ
افْ برويت أمّـلي گفانْ :: ما ينجَبْرو كونْ افْ برويتْ
وانَ برويتْ ؤ ذاك الگـدْ :: نبغيـهْ أمالي كـونْ اربيتْ
افْ برويتْ ؤلاحكْ ذا الكَدْ :: افْ برويتْ ؤنعرفْ برويتْ
في منطقة (بِرْوَيْتْ)عند (بئر سعيد) ولد الشيخ أحمد ولد محمد ولد عبدالعزيز الإندگـسعدي التاشدبيتي، سنة 1930، وتربى في قرية الخواره بين أبناء عمومته وأخواله.
درس في محاظرهم القرآن الكريم ومبادئ اللغة ودواوين الشعر المعتمدة، ثم تنقل بين محاظر محمد علي بن نعم المجلسي وعبد الله بن ابليل ومحمدن بن حبيب الله ومحمد عبد الرحمن بن أحمد أمغر التندغيين.
سافر إلى دكار بالسنغال، بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية سنة 1945، واشتغل حدثا بالتجارة لمدة من الزمن، ثم تعلقت همته العالية بأداء فريضة الحج، وتاقت لزياة المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم
حصل على أوراقه المدنية من الحكومة الفرنسية في مدينة اندر بتسهيل من الترجمان الوجيه محمد رمظان رحمه الله، وبواسطة من الوجيه رجل الأعمال مولاي ولد الشيخ السباعي رحمه الله.
وفي سنة 1947 ركب القطار من دكار إلى باماكو، ثم توجه إلى المشرق برا، ومر بالنيجر ونيجيريا والكاميرون وتشاد. ودخل السودان وتجول في مناطقه، واتصل بالمعهد العلمي في وادي مدني، وشارك طلابه دروسهم وأنشطتهم العلمية. ثم قدم على مكة المكرمة سنة 1948 للقيام بعمرة، ولم تأخذ منه الحكومة السعودية رسوما ولا ضرائب.
وكان الملك عبد العزيز آل سعود قد أعفى حجاج الشناقطة من رسوم الحج مراعاة لبعد ديارهم وما يعانونه من استعمار.
ثم رجع الفقيه أحمد محمد عبد العزيز إلى السودان بعد أدائه لفريضة الحج، واشتغل فيها بالتجارة في بلدتي الحمراء وأم بادر في منطقة الكبابيش، فكان يتاجر بينها وبين مصر.
التقى الشيخ أحمد ولد عبدالعزيز، في القاهرة بالشيخ محمد عبد الله بن المختار فال البوصادي رئيس رواق المغاربة بالأزهر وقتئذ. ثم زار معالم مصر السياحية والعلمية مثل مكتبة مصطفى بابي الحلبي ومكتبة محمود علي صبيح والأهرامات وغيرها.
وعندما أعلنت الحرب على مصر، بعد تأميمها لشركة القنال سنة 1956، تقدم إلى مكتب المتطوعين للدفاع عن أرض الكنانة، وسجل اسمه ضمن أول دفعة، لكن الحرب وضعت أوزارها قبل وصوله الميدان.
وقد انتسب الشيخ أحمد إلى نادي الرماية في الخرطوم، وكان يضم ضباطا سودانيين وانگليزا. وحصل من هذا النادي على عدة جوائز تسلمها من قائد الجيش العام في السودان اللواء محي الدين سعد وبحضور اللواء المتقاعد موسى أبو ذقن.
ولما قرر التجار المصريون سنة 1965 أن تكون قيمة المواشي السودانية مقايضة بالسلع المصرية، قرر التجار الشناقطة تحويل وجهتهم إلى ليبيا، ولكنهم لم يجدوا إليها سبيلا معروفا، فخاضوا مغامرة مشهورة لشق الطريق إليها من السودان مباشرة، فانطلقت رحلتهم الأولى في هذه السنة 1965، وعانى أصحابها الكثير من المشاق مما حال دون إتمامها.
وكانت تلك الرحلة تضم كلا من المحفوظ بن محمد أبات وابنه محمد سالم ومحمد الأمين بن حمد اليعقوبيين، وأحمد فال بن الحاج المختار السملالي.
أما القافلة الثانية فكانت أكثر انضباطا وأحكم ترتيبا، وقد استفاد أصحابها من رحلة سابقيهم، وهي تضم كلا من الشيخ أحمد ولد عبد العزيز، والشيخ محمد الإمام بن أحمد عمو القلقمي، ومحمد محمود بن عبد الرحمن القلاوي، وأربعة رعاة.
وقد صرحت لهم وزارة التجارة في الخرطوم بتصدير مائة رأس من الإبل. فتزودوا بثمانية جمال لحمل الماء، واصطحبوا معهم بندقيتين ومنظارا وبوصلة وخريطة جغرافية وعقاقير طبية وأكفانا تحسبا للطوارئ، ثم انطلقوا من جبل الميدوب شمال محافظة دارفور، وقطعوا صحراء قاحلة موحشة يقدرونها بألفي كيلومتر. وكانوا يهتدون في الليل بالنجوم وفي النهار بالبوصلة حتى وصلوا إلى جبل لعوينات على الحدود الليبية، فوجدوا عنده خمسة جنود من قبيلة القرعان، وأخبروهم أن أول مدينة ليبية بعدهم هي واحة الكُفره، وأنها تبعد عنهم حوالي 360 كيلومترا. ولما علم الملك محمد إدريس السنوسي بمقدمهم أمر بتسهيل مهمتهم وعدم مطالبتهم بأوراق أو أي إجراءات أخرى. ثم إن الفقيه التاشدبيتي عاد إلى السوادن بتقرير عن الرحلة وإيجابياتها وسلمه إلى الحكومة المحلية بالخرطوم. واعتمادا على هذا التقرير بعثت الحكومة السودانية وفدا تجاريا إلى ليبيا وعقدوا معها معاهدة تجارية كان لها بالغ الأثر على المستوى التجاري وتبادل المنافع والعمالة.
وفي السودان تعرف الشيخ أحمد على ابن منطقته العالم الأريب مولود بن أحمد بن آچيه الصگيعي، الأديب المشهور، والشاعر المطبوع الذي ولد بمنطقة الترارزة ونشأ بها . وطلب العلم في محاضرها على جماعة منهم محمد فال بن أبو فره وعبد الرحمن بن محمذن فال بن متالي. ودخل الحجاز للحج سنة 1362هـ، واجتمع بالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في مكة المكرمة فأعجب به، وأجرى له عطاءاً سنوياً وهدية
وكانت له علاقة حميمة بآل جمجوم في جدة وخاصة الشيخ محمد صالح جمجوم، وجميل وصالح ابنا الشيخ محمد صالح المذكور. ولما أدى نسكه وزار، انتقل إلى السودان واستقر فيها، وتأهل منها، وشمله أهلها بالمحبة والاحترام كعادتهم مع الشناقطة قاطبة. ثم صار يحج كل عام ويجلب معه ما تيسر من مؤونة إلى المجاورين بالحرمين الشريفين.
ومن أخص أصدقاء الشيخ مولود ولد آچيه في السودان السيد عبد الرحمن المهدي والمهندس عبد الرحمن عبدون عضو مجلس السيادة، ومحمد الملقب بالمر ابن على التوم.
كان الشيخ مولود ولد آچيه كريم النفس، حسن السريرة، كثير الإنفاق، كفالاً للأيتام، وقد ختم الله له بحجة سنة 1382هـ توفي على إثرها في المدينة المنورة عن تسعين سنة ونيفاً ، ودفن في بقيع الغرقد رحمه الله تعالى.
وعودة للشيخ أحمد ولد عبد العزيز، فقد تزوج كريمة الشيخ مولود ولد اچيه.
وفي سنة 1966 جاور بالمدينة المنورة. واهتم بإنشاء مكتبة تكون وقفا على طلبة العلم في بلاد شنقيط لما تركها عليه من ندرة المراجع وانعدام المطابع وصعوبة الاستنساخ. فزار لهذا الغرض العراق والكويت وليبيا وسوريا، والتقى في مدشق بالشيخ عبد الكريم الرفاعي والشيخ حسن حبنكه والشيخ الملا رمضان البوطي.
وفي سنة 1973 حل الشيخ أحمد ولد عبد العزيز بدولة الإمارات العربية المتحدة واجتمع بوزير الأوقاف ورئيس دائرة التراث والتاريخ في أبوظبي الشيخ محمد بن حسن الخزرجي، فهيأ له لقاء رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله. فأبدى له الشيخ زايد حرصه على اكتتاب قضاة من الشناقطة، فأحال القضية إلى سفير موريتانيا أنذاك يحظيه ولد سيد أحمد، فلبى رغبته وحقق أمنيته.
وفي سنة 1993 قام بتأسيس مكتبة العرفان بالعاصمة نواكشوط، وحصلت على ترخيص من وزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي يوم 19 سبتمبر 1994، وحول إليها الدفعة الأولى من الكتب التي تضم 4366 عنوانا في جميع العلوم الاسلامية والمعارف الانسانية المختلفة. وقد تمكن من فتح فرع لها في مدينة روصو (عاصمة الترارزه) سنة 2000.
ذكر أبو علي القلقمي الإدريسي، في كتابه (أعلام الشناقطة في الحجاز والمشرق)، بعض مناقب الشيخ أحمد ولد عبد العزيز.
وقد قال عنه العلامة العالم الجليل محمد مختار بن محمد عبد الله ولد محند شيخ محظرة أغنجاييت قصائد من بينها هذه الأبيات:
بشرى لنا مرحبا أهلا بذي الجود :: والمجد والسؤدد الموروث مولود
سليل أحمد سام المجد شامخه :: سليل عبد العزيز منبع الجود
آباؤه غرر أخلاقهم درر :: من والد منهم تبقى لمولود
طوبى لهجرتهم من موريتان إلى :: أم القرى ومقر خير موجود
طابت شمائلهم من طيب طيبتــهم وهب نشرهم كالند والعود
لهم قصور بقرب المسجد النبوي :: بكل نوع من الإحسان محمود
كان بيت الشيخ العالم العامل الفاضل المجاور أحمد ولد عبد العزيز بالمدينة المنورة، من بيوتات الشناقطة المشهورة المملوءة علما وأدبا، والمعمورة فضلا وكرما، المفتوحة للضيوف والزوار وذوي الحاجات على مدى عقود طويلة.. وكان هذا البيت في حي (باب الكومه) عند طرف سفح جبل سلع، قرب الحرم النبوي، وكان غير بعيد منه حي يدعى (الذهبي) هو الذي استوطنه العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ (التاه) عندما حل بالمدينة المنورة في أوائل الثمانينات مجاورا..
وهناك حدث ولا حرج عما لقيه التاه وكل أسرته من حفاوة وسخاء من هذا البيت العزيزي أبا وأما وأبناء وبنات..
يقول التاه التاه رحمه الله، عن البيت العامر بيت آل أحمد ولد عبد العزيز:
يَرَى (ببابِ كومةٍ) من يرَى :: نورَ القراءةِ ونارَ القرى
بدارِ دينٍ لا دَنايا بها :: ومرتأَى مروءةٍ لا مِرَا
دارُ بني عبد العزيز التي :: كانت لصيدِ المكرمات الفَرا
دارٌ ترى عِلما بها نافعا :: والعملَ الصالحَ فيها ترَى
والجَفَلى لا النّقرَى عندها :: ترى ، ترَى المعروفَ لا المنكرا
فسَرَّ منها خبرٌ مسمعا :: وسَرَّ منها مَخبرٌ مَنظرا
فسلّمَ اللهُ لها أهلها :: وباركَ الخَبرَ والمَخبرا
ويقول التاه في الشيخ أحمد وابنه الفاضل محمد مولود:
محمد مولود لأكرم والد :: وأعرقه في المكرمات التوالد
وأحمد من عبد العزيز نما أب :: لأكرم مولود وأمجد ماجد
هما مثّلا اندگـسعد في المجد والعلا ::وفي العلم والتقوى وشتى المحامد
وبيتهما بيت القصيد بأرضنا :: وفي كل أقوام بيوت قصائد
إلى ذلك اليت العزيز تحية :: وتهنئة من حامد وابن حامد
ويقول فيه الشيخ الجليل محمد الحسن بن أحمدو الخديم معلقا على ما قال فيه العلامة المؤرخ المختار ولد حامد:
هو المؤرخ بن حامد عقل :: مجد بني عبد العزيز فنقل
وقال ما الأسماع راق والمقل :: في أبحر لها البحور تستقل
تحسبه يكثر مدحا وهو قل :: في حقهم كأنه حصر الأقل
لاغرو إن من والد كان انتقل :: إرث لمولود بعبئه استقل
ويقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ (التاه) في آل عبد العزيز في لزوم بديع:
آل عبد العزيز رب كفوني :: أمر دنياي فاكفهم أمر الأخرى
أنهلوني وعللوني مرارا :: كلما مرت علة أتت أخرى
بارك الله فيهمُ وحباهم :: ما أحبوا نصرا وعزا وفخرا
رب عني اجزهم بخير وفير :: وسريع وأعظم الأجر ذخرا
ويقول فيهم:
ألا رب سفر للمدينة سائر :: سروا في دياج أو جروا في هواجر
قضوا في مسافات طوال عريضة :: شهورا مشاة أو على كل ضامر
فلما أتوا باب السلام وسلموا :: على خير مختار وأطهر طاهر
أوت أمة منهم إلى باب كومة :: يطير إليه كل ميمون طائر
ليصبح في ميزان أحمد جيله :: سلوكا وإيواء لكل مهاجر
كما كان في ميزانه غير واحد :: بفضل زكاة الجاه كابن المهاجر
جزى الله من عبد العزيز بنو أب :: له ثقلوا الميزان في اليوم الاخر
بما كان من أمواله لمجاور :: ومن جاهه ما كان في جبر خاطر
ومدد في النعماء ظرف زمانه :: وظرف مكان وافر الخير عامر
ونجى أولي قرباه من شر حاسد :: ومن عين معيان ومن سحر ساحر
وعاش مدى تسعين عاما وعشرها :: محمد مولود لكسب المفاخر
وإحياء علم الدين في عمل به :: بهجر المناهي وامتثال الأوامر
وبعد فهذا البيت ربع لعزتي :: وربع لأسمائي وربع تماضري
له منتهى شكري ومحض مودتي :: وأعمق إخلاصي وخير مشاعري
وفي ذلك المعنى ببعض تصرف :: إغرت على بيت قديم لشاعر
ستبقى لكم في مضمر القلب والحشا :: سريرة ود يوم تبلى سرائري
ولا أنس أحمد كوري خالي فحبه :: فطرت عليه الحمد لله فاطري
وفيهم يقول التاه مخاطبا ابنته عائشة، رحم الله الجميع، لما رأى من تآلفها معهم:
لعائشة ميل إلى أسُد الهدى :: وتختار أهل الفضل منهم لها أهلا
فكانت من البيت العزيزي بضعة :: وكانوا لها أهلا وكانوا لها سهلا
وعندما حاوره بعض أحبته في موريتانيا حول ظروفه الاقتصادية هناك بالحجاز، وسألوه هل يتقاضى شيئا من الأوقاف التي بالمدينة المنورة كان رده:
أعزتيَ الأكارم والألبا :: إليكم موجزا بأهم الأنبا
يحاورني الأحبة في اقتصادي :: فقالوا هل من الأوقاف تحبى
فقلت لآل إِندكسعدَ عِلق :: نفيس كل يوم ليَّ يجبى
يُقَفِّي منه مولود ذَنوبا :: ذَنوبا ثم يولي الغرب غربا
وهذا ما أخَبّر عنه شرقا :: أحبتيَ الذين تركت غربا
وفي هذا الجو يتأمل التاه كم من رجل حمل اسم عبد العزيز فذاع صيته أو أنجب من ذاع صيته كعمر بن عبد العزيز خليفة بني مروان، وعبد العزيز بن عبد الواحد اللمطي صاحب نظم قرة الأبصار، وعبد العزيز الدباغ الصالح المشهور، وعبد العزيز آل سعود الملك المعروف، ومن الشناقطة ممن أدرك التاه ذيوع صيته عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي البركي، وعبد العزيز بن عبد القدوس السباعي، وعبد العزيز البنعمري الحسني، فطفق يقول:
اسم عبد العزيز حيث نراه :: يتراءى منه لنا معناه
فابن مروان بابنه عمر العدل نراه في العز بذ أخاه
كالذي حاك نظم قرة أبصار سما وسمُه بها وسُماه
ونرى للدباغ معنى ومغنى :: في المقامات شأنه هو ما هو
واسم عبد العزيز آل سعود :: ملأ الجو أرضه وفضاه
وحفيد الماميّ مَثل في العلـ ـم وفي الصيت جده وأباه
وابن عبد القدوس أعني السبا عيـ ـي سما علمه به ونداه
والزعيم البانعمري رفيع :: مستواه في علمه وتقاه
ولعبد العزيز جد عزيز :: سجْل مجد ما حل فيه رشاه
لم يكن دون مستوى هؤلاء ااـ ـقوم في المجد والهدى مستواه
واقتفاه بنوه في كل فعل :: فترى في سيماهمُ سيماه
هو بيت القصيد في كل فضل :: ما شآه في أي فضل سواه
ولأعمال صالحات وجزم :: أنه لا إله إلا الله
وضع الله في القلوب قبولا :: وودادا لشيخه وفتاه
فلمولوده يُقر شيوخ :: بلغوا في القبول أقصى مداه
فنعما مولوده ونعما :: والد منهمُ ويا حبذاه
واسمحوا لي إذا أعدت حديثا :: عن نداه وما جرى مجراه
فاللهى تفتح اللهى وإذن فلـ ـتتفتح منا اللهى عن لهاه
عمر الله ذلك البيت في العز وأعلى مقامه ورعاه
وكما توطدت علاقة التاه بالشيخ أحمد ولد عبد العزير، توطدت كذلك بابنه مولود الذي أحبه التاه وأثنى عليه.
يقول التاه مخاطبا مولودًا حين انتقاله للدراسة في مدينة أبها:
إنْ تَأَتَّـتْ لي غَـيْـبَـةٌ نَـحْــوَ أَبْهَـا :: لَمْ أُمَاطِلْ فِيـهَا، وَلَمْ أَتَلَهَى
إِنَّ فيها أَخًا عليَّ عَزيزاً :: لَـيْـسَ يُنْـسَى عِنْـدِي، وَلَا عَـنْـهُ يُلْـهَـى
إنَّ أَبها قطعا وَمَـوْلُـودُ فيها :: وَجْهُـهَـا اليومَ منه بِالْأَمْـسِ أَبْـهَى
فَـإليها أُقَـلِّبُ القَلبَ مِنِّى :: وَإليها مِـنِّى أُوَجِّـهُ وجهَـا
وفراقُ الْأَحبابِ إِنْ كانَ مُرًّا :: إنَّهُ مِـنْ مَــوْلُــودَ مُـرٌّ، وَأَدْهَـى
ويقول فيه:
إني وإياك يا مولود نتسم :: باسم تمكن فينا ليس ينخرم
فها أنا اليوم في شيخوختي هرم :: وأنت ها أنت في باب الندى هرم
ويقول فيه:
ما منطقي نحوَ مولودٍ من الغلَطِ :: ولا رَكبتُ بياني فيه بالمَلَطِ
لكنْ بشرحٍ خليليٍّ، مدونةٌ :: نصوصُه بنظامٍ جدِّ مُنضَبِطِ
كان الحديثُ صحيحًا فيه متفَقًا :: عليه من سائرِ الأحداثِ والشمُطِ
كان العروضُ بسيطا فيه منسرحًا :: لا بالقصير ولا بالجعدِ والقَطَطِ
ما كان فيه حديثي بالمُعادِ ولا :: أوطأتُ قولاً على قولٍ عليهِ وُطِي
وإنما هي أنمَاطٌ مفصلة :: أسير من نمَطٍ منها إلى نَمَطِ
ما قلتُ قدْنِي وقطْنِي منه قطُّ ولا :: أقول عَوْضُ قدِي من نصره وقطِي
تُمدّ ساقي بلاَ بطءٍ، له قدمي :: تمتَدُّ كفي له حتى إلى إبِطِي
كتبتُ ذلك في قلبي بخطِ يدي :: وزَنتُ أحرفَه بالشكل والنقطِ
لفظٌ وجيزٌ لمولودٍ يقربني :: ويقتفي لي رضًا منه بلا سَخَطِ
فإنَّ مولودَ كالجيليِّ في نظري :: وكالجنيدِ وكالشِّبليِّ والسقَطِي
ومن طراز أويْسٍ كان ناجلُهُ :: ومن يفُزْ بدعاء منه يغتبطِ
إني بآلِ عزيزٍ جِدُ مغتبطٍ :: وجدُ مبتهجٍ وجِدُ مرتبطِ
هم ضاعفوا فَرَحي وضعَّفوا ترَحي :: من حيث كانوا على حوضِ الندى فرَطِي
ما كان جاهُهُمُ عني بمحتجِبٍ :: يوما وما كان عني مالُهم بِبَطي
إلى سوى ذاك من فرض الكفاية أو :: من مستحب بحكم الفرض مرتبطِ
هذا جنَايَ وشرطي أنَّ مدحَ بني :: عبد العزيز لعمري غيرُ ملتقَطِ
والحمد لله لا أبغي به بدلا :: ما لي وللبدل الموسوم بالغلطِ
فمن توسط لي فيه ليُغريّني :: إني أقول له: الإغراء في الوسطِ
إن رمتُ قبضَ لساني عن صياغته :: لم ينقبض ومتى أبسُطْه ينبسطِ
وقَلَّ في حقهم شكري وإن شفَعتْ :: قريحتي عربيَّ الشعر بالنبطِي
يا رب باركْ لهم فيما وهبتهمُ :: وبالمنى والأماني احفظهُمُ وحُطِ
طائية تتعاطى مجدَ حاتِمِها :: بمنطقٍ وبيانٍ ناصعٍ نشطِ
لايذكر أهل المدينة آل أحمد ولد عبد العزيز إلا تذكروا التاه رحمه الله، وما كان يكن لهم ويكنون له من خالص الحب وكامل الود.
توفي الشيخ أحمد بن محمد بن عبدالعزيز رحمه الله، يوم الاثنين 24 يونيو سنة 2013، عن عمر ناهز 83 سنة كان حافلا بالعطاء والبذل و التقي والورع
رحم الله السلف وبارك في الخلف
كامل الود

 آل الشيخ سعد بوه



آل الشيخ سعد بوه

الشيخ سعد بوه بن الشيخ محمد فاضل بن مامين، ولد في عين الفتح بالحوض الشرقي سنة 1848 للميلاد، لأبيه الشيخ محمد فاضل بن مامين مؤسس الفرع الفاضلي للطريقة القادرية، وأمه السيدة مريم بنت احمد بن عبدو بن أفلج الملقب أحمد لحبيب بن المختار بن احمد لولي بن عيسى بن ادهس الأبييري، و في أبويه يقول :
جزى اللهُ بالإحسان أمي فإنها :: أتت بيَ من شيخ له العز والفضلُ
ولِيٌ مُربٍ لا يبَارى عناية :: وفضلا ومافي الكون حتمًا له عدلُ
وبالفوز والرضوان يُجزي لوالدي :: كما أختارَ لي أما لها الحلم والبذلُ
كريمةُ أصل ما تزن بريبة :: كما ساد أصل البعل ساد لها الأصل.

والشيخ سعد بوه عالم رباني و شيخ طريقة جليل، نشأ في كنف والده الشيخ محمد فاضل بن مامين، وعنه أخذ العلوم الظاهرة والباطنة، وقد أمره أبوه بالرحيل إلى جنوبي غرب البلاد ليستقل بمكانته العلمية هناك.

حل الشيخ سعد بوه بأرض الگبله بأمر من أبيه، في ثمانينيات القرن التاسع عشر، في عهد الأمير سيدى ولد محمد الحبيب، فأقام أول أمره بمنطقة الزِّيرَة قرب كرمسين في الجنوب الغربي من اترارزة، حيث نزل على قبيلة انتابه فاستقبلوه أحسن استقبال وكانت أولى زوجاته من انتابه وهي فاطمة منت احميد ولد هومني فأنجب منها أبناءه وبناته ومكث معهم فترة طويلة نصروه فيها وآزروه، ثم أهدته قبيلة إدوداي الشمشوية منطقة النمجاط شمال غرب المذرذرة حيث أقام هو وبنوه واستقرت بهم النوى:
وأما عند برة فاستقرت :: نواه وقر عينا واطمأنا
وأما عن فجار فقد تناءى :: وذلك ما نؤكده بإنا

لقي الشيخ لدى ظهوره أذى كبيرا من مناوئيه وحاسديه، وتحدّث في رسالته "الأسهم النافثة في رد البيعة الحادثة" عما لاقاه من عنت وإنكار ورفض من طرف بعض الناس، وكان الأمير سيدي بن محمد الحبيب حريصا على أن تتم مناظرة بين الشيخ سعد بوه وبين خصومه، لإظهار الحق وإنصاف أبناء الشيخ محمد فاضل، فناظرهم وحاجّهم حتى ظهر ظهورا لا مردّ له، وأذعن له البعيد قبل القريب.
يقول الأمير سيدي: ( و ماأردت بهذا الجمع الا إظهار الحق للخلق، و صاحب الحق منصور، فلما و جدناه على الحق رضيناه والله على جمعنا به حمدناه).

يقول العلامة الشيخ البشير ولد امباريكي، غِبّ تلك المناظرة التاريخية:
وقد نشروا علم الرسوم للابتدا :: وفيهم خصوم خصية وفحول
فصب عليهم من فيوضات ربه :: مواهب منها الترهات تزول
فزال غبار الشك واتضح الهدى :: ولم يبق إلا مفحم وذليل
فأصبح فردا في حداثة سنة :: تقاصر عنه شيخة وكهول.

كان الشيخ سعد بوه عالما ومربيا ومصلحا، وكان رجل دين ودولة أسهم في جهود بسط الأمن في المنتبذ القصي مما وضع حدا لشريعة الغاب والتغول وواقع الأرض السائبة، وكان محل تقدير وتبجيل وإكرام من العلماء والأمراء والوجهاء والأعيان والشيوخ وعامة الناس.

يقول لمرابط محمد فال ولد محمذن ولد أحمد العاقل رحمة الله عليه (ببها علما):
مطلع الغرب لاح ويحك فيه :: ســعد خير مذ لاح سـعد أبيه
سعد خير ينمى إلى كل سعد :: زاخر اليم أريحي نبيه
نال ما نال في صباه ولما :: يَعْـدُ عشرا مضت له من سنيه
قل لمن قال إن للغوث شبها :: أوشبيها في قطرنا أرنيه

ويقول العلامة القاضي عبدالرحمن بن لمرابط محمذفال بن متّالِي:
أوارث نور الدين من خاتم الرسل::و نبراس ديجور الضلالة و الجهل
و مقتنص المأمول إن عز دركه::و مطرقة القاسي و روضة ذي المجل
عليك سلام ما أضاءت علومكم::حناديس ليل الجهل عن كل ذي جهل

ويقول الشيخ باب بن الشيخ سيديا:
إن هذا التسليم يا ناظريه :: أحسن الشيخ فيه سعد أبيه
بان فى نثره الصواب وأما :: نظمه فالبيان قد بان فيه
حاسديه رويدكم قد تعبتم :: قصروا عن مداه يا حاسديه
من يكن من بنى النبي انتسابا :: واتباعا فإنه من بنيه
وانتقاص تشبيه غير شبيه :: فى العلا كلها بغير شبيه
ينتهى القول دون مبلغ حبر :: كامل الفخر فى الورى منتهيه

ويقول الشيخ باباه ولد ابته المجلسي في زيارته للشيخ سعدبوه
بمزار الشريف سعد أبيه :: كل خير وفي مزار بنيه
زرت منهم من كان حيا وميتا :: لمرادي ونيل ما ارتجيه
آل مامين فضلهم ليس يحصى :: مالهم في كل الورى من شبيه
ولدى الطالب بوي من كل خير :: يامريد الخيرات ماتجتنيه
فهو قطب الرحى وغوث البرايا :: كل ما في الجدود والأب فيه
حاصل الأمر أنني منه أرجو :: فوق ما نال والدي من أبيه

توفي الشيخ سعدبوه سنة 1917، فبكته البرايا وتناوحت الدنيا لفقدانه، يقول العلامة الأديب امحمد ولد أحمد يوره في رثاء الشيخ سعد بوه:
نواصحُ لكن كيف يُسمع قيلُها :: بثينة من تهوى وأنت جميلُها
يمينا ومن خير الألايا ألية :: يكون على المولي مُبينا دليلها
لقد هيَّج البرقٌ اليماني موهنا :: بقايا هوى لا يستقل قليلها
وأظلمت الأيام مذ بان بدرها :: ودفاع جلاها الرضى وجليلها
ومن كان للنزال أمنا ومنزلا :: وكعبة أمن لا يضام نزيلها
ومن كانت الأفواج في كل موطن :: يلوذ به تنبالها ونبيلها
له دعوات في العباد مجابة :: بها اعتل عاديها وصح عليلها
تناوحت الدنيا لفقدان شيخها :: كما ناحت الورقاء بان هديلها
سقى الله تلك الروح أطيب مشرب :: وطاب بأفياء الجنان مقيلها
وكانت لنا الأبناء أرشد قادة :: ثوانا ثواها والرحيلُ رحيلُها
بِطاؤكم تشؤوا سوابق غيركم :: فلاحقها فيكم وفيكم جديلها
أمنتم كسوفاً يا بدور وإنما:: يخاف انكسافَ الضوء منها كميلها

ويقول العلامة البشير بن امباركي في رثاء الشيخ سعد بوه:
ألا يا صحبتي عوجوا فحيوا :: ربوعًا ما بمربضهنَّ حيُّ
قفـوا بالربع وابكـوا فهـو رشـدٌ :: وبله ربوعَ عزة ، فهو غيُّ
أيحسن بالـمحب جـمود عيـنٍ :: وقـد لاح الـمنازل و النؤي
أيا ربعا بـذي البركات أقوي :: وغـودر فيـك سُنيٌ سَنِـيّ
فإ مَّا كنـت شبـرا ، فيـك بـحر :: وطـود شامـخ بدر بـَهِـيُّ
فـذا الـقـرآنُ يـجمعـه جفيـرٌ :: صغيـر الـحجم تـمثيل جليُّ
سقـاك من الـحيا الوسـمي غيـث ٌ:: وجـاد علي منازلـك الولـيُّ
ولا زالـت بـك الرحـمات تتـري :: تجـددها الصبيحـة والعشي

خلف الشيخ سعد بوه أبناء سادة لمسوّد كانوا مثله علما وصلاحا وفضلا وسؤددا وكانوا كأصابع الضَّرَب، ولم يزل الفضل باقيا في عقبه.
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم :: مثل النجوم التي يسري بها الساري

فقد كان لأبناء بونن السماحة والفضل..
لأبناء " بونَنّ" السماحةُ والفضلُ :: ومحضُ التقى والجودُ والحِلمُ والعدلُ
ولا عيبَ فيهم غيرَ أنّ نوالَهم :: على الجارِ جارٍ ليس ينقصهُ المَحلُ
و في بعدهم بعد من الخير و الهدى :: وفي قربهم وصل و في حبهم فضل
و ريقتهم رقيا و زورتهم غنى :: وأخلاقهم راح و راحاتهم وبل
فكلهم في البذل حاتم طيئ :: وكلهم بدر وكلهم عدل
وقد سلكوا في المجد شأو أبيهم :: ولا عجب إن أشبه الأسد الشبل
وهل يُنبُتُ الخطّيَّ إلّا وشيجُهُ :: وتُغرَسُ إلّا في منابتِها النَّخلُ

بوننَّ فظّ لَراهَ :: يعطيهَ سابگ تُبدّلْ
بيهْ الْيَعرفْ عن معطاهَ :: سابگ تُبدّلْ متعدلْ

جَيْنَ مِنْ تَل انْقَلْبُ :: لَشْيَاخْ أُقَلَبْنَاهَ
جَ سيدِ بويَ ولد بـُ :: ـنَنَ هُوَ فَتَاهَ

وكان الشيخ سيداتي ولد الشيخ الطالب بوي ولد الشيخ سعدبوه، ممن أدركنا من أبناء الشيخ سعدبوه، وكان خليفة ولدته أخرى ..
أذكر والشيء بالشيء يذكر وهذه من الصدف التى لاتتكرر أنني كنت حدثا صغيرا في تگنت وكان الفنان الكبير أحمدو ولد الميداح رحمه الله واقفا قرب دكان أهل يَبَّ ولاح الشيخ سيداتي، فأنشد أحمدو بيت حرب بصوته المجلجل الندي القوي العذب..
كان ذلك البيت من أعذب ما سمعت في حياتى..

ويروى أنه ذات سانحة في مدينة اندر أعلن أحدهم قدوم الشيخ سيداتي، فقال الترجمان محمدن ولد ابنو المقداد "دودو سك":
قول المبشر جاء الشيخ سداتي :: قول تضمن أنواع المسرات
أقول والقول منسوب لقائله :: أهلا و سهلا به من قادم آتِ

وقد سمع العلامة محمد عبدالله ولد محمد آسكر "انگوده" رحمة الله عليه في البلاغات الشعبية في الإذاعة الوطنية، بمقدم الشيخ سيداتي فقال:
قول المبشر في قسم البلاغات :: من الاذاعة جاء الشيخ سيداتي
قول تسر قلوب السامعين به :: لايفضض الله أفواه المذيعات
الشيخ سيدات نعم الغوث إن ياتي :: أرضا تغاث بأنواع الإغاثات
وقد تذكرت أبيات الاديب هنا :: ياليتني كانت الأبيات أبياتي
"قول المبشر جاء الشيخ سداتي :: قول تضمن انواع المسرات
اقول والقول منسوب لقائله :: أهلا و سهلا به من قادم آتِ"

ويقول فيه الأديب الكبير أعمر أمبارك ولد أشويخ رحمه الله:
لاجَ سيداتِ ذاكْ عادْ :: يُصنتْ لُ مزّاه بادْ
يخلگ ش زين، ؤشي امگادْ :: يخلگ ماه معاسرْ
ؤيخلگ لُوقرْ ما تيتْ زاد :: اتشوفْ امنادمْ داسر
ؤلا يبگ طامعْ ما افرحْ :: واتمونكْ واجبر ياسر
ؤلا يبگ خاسر ما اصلحْ :: واسوَ گدْ إلِّ خاسر

ذات موسم أقبل المريدون من السنغال فكانت الباصات والسيارات بأنواعها تملأ رحب الفضاء من روصو إلى تگنت، فسأل أحدهم بأسلوب استنكاري: ذا شنهو؟!
فأجابه محمد الكريم ولد باني رحمه الله: ذاك طَلبتْ ملانَ الدّرس

وذات موسم سأل أحدهم: ذَ الخلق ذ إلّ امحركْ بيه شنهو؟!
فأجابه العلامة القاضي لمام ولد اشريف رحمه الله: ذاك إلّ امحركْ بيهم بعد إيحركْ
لازال آخرُ آل الشيخ أوَّلَهم :: يقفوُ ولازال يعلو كعبهم دُرجا

كامل الود

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...