نحن و فيلم الرسالة
فيلم الرسالة تماهينا معه صغارا لدرجة أننا ظننا أنه صور في عهد الصحابة، ونحن صغار آلم قلوبنا الصغيرة تعذيب بلال وآل ياسر وأعجبنا موقف النجاشي من المهاجرين و تشعرنت جلودنا حين صفع حمزة أبا جهل ورددنا مع الأنصار "طلع البدر علينا" وشهدنا بدرا ونحن نتماهى مع أحداثها في الفيلم وكان حزننا الأكبر حين استشهد سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه، ثم بكينا مع الكبار ونحن ننصت وكأن على رؤوسنا الطير للفنان محمود ياسين يسرد بصوته الشجي في سياق الفيلم أحداث حجة الوداع وانتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وتثبيت أبي بكر للمسلمين.
فيلم شاهدناه صغارا ولا نزال نشاهده، وفي كل مرة كنا نشاهده وكأننا نراه لأول مرة
مخرج الفيلم ومنتجه المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد اغتاله يد آثمة امتدت قبل يومين للمدينة المنورة والحرم النبوي الشريف، لقد اغتيل العقاد مع ابنته في نوفمبر 2005 في عملية انتحارية بفندق غراند حياة في العاصمة الأردنية عمان، كان العقاد في بهو الفندق لاستقبال ابنته ريما القادمة للتو من السفر فقتلا معا.
كان العقاد يحضر لعمل فيلمين سينمائيين أولهما يتحدث عن فتح الأندلس والآخر يتحدث عن صلاح الدين الأيوبي، وقال العقاد عن فيلمه عن صلاح الدين الأيوبي:
"صلاح الدين يمثل الإسلام تماما. الآن، الإسلام يصور كدين إرهابي. حصل الدين كله على هذه الصورة بسبب وجود عدة مسلمين إرهابيين. إذا كان هناك دين ممتلئ بالإرهاب، فيمكن قول ذلك عن المسيحية أيام الحملات الصليبية. لكننا في الواقع لا يمكننا لوم المسيحية كدين بسبب مغامرات بعض أتباعها آنذاك. هذه هي رسالتي. وكان من المفترض ان يجسد شخصية صلاح الدين الأيوبي الفنان العالمي شون كونري رغم شيخوخته، وقال عنه العقاد انه مكسب للرأي العام العالمي"
ثمة من يهاجم فيلم الرسالة بأنه فيلم شيعي، فيلم الرسالة فيلم متوازن أجازه الأزهر الشريف فليس فيه ما يعارض السيرة النبوية عند أهل السنة وأجازه المجلس الإسلامي الشيعي بلبنان.
حملة غير مبررة ضد فيلم شكل معارفنا الأولى عن السيرة وطبعها مجسدة في الذاكرة، وألفناه في كل مناسبة دينة شاهدناه باللأبيض والأسود فبهرنا وبهرنا أكثر حين شاهدناه ملونا:
ماذا يقول العراقيون لو سُئلوا :: ماذا يُقال لصدام الذى حملوا
بين الضلوع، ومن أصفاهُمُ دمُه :: وحبُه وإلى أحلامه دخلوا
هذا الذى ملأت فلاحة فمه :: خبزا ومن كلهم من كفه أكلوا
في خطوة لئيمة قامت إيران بتزوير دبلجة وترجمة لفيلم "الرسالة"، حيث قامت بحذف أسماء أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما من عدة مشاهد في الفيلم، وذلك من أجل إضفاء الرؤية الشيعية على تاريخ الإسلام.
وتواصل إيران نشر أجندتها الفكرية والسياسية والدينية في الأعمال الفنية دون مبالاة بأخلاقيات وأصول المهنة، فقد تم تحريف العديد من الاحداث والوقائع التاريخية التي جاءت في الفيلم انطلاقا من نظرة ضيقة للتاريخ الاسلامي، وأول مقطع مزور يأتي عندما يسأل أبوطالب الصحابي زيد بن حارثة عن الأشخاص الذين علموا بنزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في الجبل، فيجيب زيد حسب ما جاء في الفيلم المدبلج: "زوجته خديجة وابنك علي"، بينما في النص الأصلي لفيلم الرسالة يجيب زيد: "خديجة وعلي وصديقه أبوبكر"، غير أن الإيرانيين قاموا بحذف اسم أبي بكر في الدبلجة.
وفي المقطع الثاني تمت إضافة عبارات في مدح علي بن أبي طالب في مشهد الليلة التي نام فيها في فراش النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم تكن تلك العبارات موجودة في النسختين العربية والإنكليزية لفيلم الرسالة.
أما المقطع الثالث فهو حول بدء الأذان عند انتهاء البناء من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، حيث يقول حمزة بن عبدالمطلب إن "المسجد ينقصه شيء حتى يجتمع الناس حوله".
وجاء في المقطع الإيراني المدبلج بأن عمار بن ياسر قال له إن "صوت مؤمن يؤذن لله.. كما أذن علي بن أبي طالب أول مرة في الكعبة"، غير أنه في النص الأصلي للفيلم يقول عمار إن "صوت مؤمن يؤذن للصلاة، كما يشير عمر بن الخطاب وطائفة من المسلمين"، والملاحظ أنه تم حذف اسم عمر بن الخطاب واستبدل باسم علي بن أبي طالب.
وقد دأب الإيرانيون على إعادة صياغة التاريخ الديني وفقا للمذهب الشيعي، ويبدو ذلك جليا في مسلسلات إيرانية مثل، "الإمام علي"، "الإمام الحسن"، "الإمام الحسين"، "مريم العذراء"، و"النبي أيوب"، و"يوسف الصديق".
كامل الود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق