الاثنين، 14 أغسطس 2017


سحيم


اشتراه معبد وهو رجل من بني الحسحاس بطن من بني أسد، ثم باعه ذات ضيق يد و بعدما رحل به من اشتراه قال في طريقه :وما كنت أحجو معبدا سيبيعني :: بشىء ولو أمست أنامله صفراأخوكم ومولاكم وصاحب سركم :: ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهراأشوقاً ولمّا تمضِ لي غير ليلة :: فكيف إذا جدّ المطيُ بنا شهرافرق له واستعاده، وكان سحيم أسود أعجمياً، وكان ينطق العربيّة بلكنة نوبية، ولكنه أوتي ملكة الشعر وفي سواده يقول:إن كنت عبداً فنفسي حرة كرماً :: أو أسود اللون إني أبيض الخلقويقول:كسيت قميصا ذا سواد وتحته :: قميص من الاحسان بيض بنائقهوما ضر أثوابي سوادي وإنني :: لكالمسك لا يسلو عن المسك ذائقةوذات أنس يجالس سحيم نسوة من بني صبير كان من شأنهن اذا جلسن للتـغزل أن يتعابثن بشقّ الثياب وشدة المغالبة على إبداء المحاسن والمفاتن، فلا يستشعر أيّ خجل في أن يشاركهنّ لعبتهن:كأنّ الصبيريات يوم لقيننا :: ظباء حنت أعناقها في المكانسفكم قد شققنا من رداء مزنّر :: ومن برقع عن ناظر غير ناعسإذا شق برد شق بالبرد مثله :: دواليك حتى كلنا غير لابساجترأ سحيم على التشبيب بنساء مواليه طفق سحيم يتغزل بنساء مواليه ويصف زيارتهن له ذات وكعة ألمت به:تجمّعن من شـتّـى ثلاثا وأربعا :: وواحدة حتى بلغن ثـمانياسليمى وَسلمى والرباب و زينب :: وأروى وريا والمنى والقطامياتداعين من أعلى البيوت يعدنني :: بقية ما أبقين نصلاٌ يمانيايعدن مريضا هن هيّجن ما به :: ألا إنما بعض العوائد دائياوقال أبياتا يشبب فيها بأخت مولاه، وكانت مريضة، وأولها:ماذا يريد السَّقام من قمر:: كلّ جمال لوجهه تَبَعُكما عشق ابنة مولاه عميرة بنت معبد، ويكنى عن حبها إلى أن خرج مولاه معبد في سفر، وخرج به معه، وكان معبد يتشوق إلى ابنته ويقول:عميرة ودع إن تجهزت غاديا..يردد النصف ولا يزيد عليه، فهيج ذلك من سحيم ما كان باطنا فقَال :عميرة ودع إن تجهزت غاديا :: كفى الشيب والإسلام للمرء ناهياثم بنى عليها وأتمها قصيدة وفحش فيها فقال:كأنّ الثُّريَّا علِّقتْ فوقَ نحرها :: وجمرَ غضًى هبَّت لهُ الرِّيحُ ذاكياإذا اندفعتْ في ريطةٍ وخميصةٍ :: ولاثتْ بأعلى الرأسِ برداً يمانياتريكَ غداةَ البينِ كفَّاً ومعصماً :: ووجهاً كدينارِ الأعزَّةِ صافياوما بيضةٌ باتَ الظَّليمِ يحفُّها :: ويرفعُ عنها جؤجؤاً متجافياويرفعُ عنها وهيَ بيضاءُ طلَّةٌ :: وقد واجهتْ قرناً من الشَّمسِ ضاحيابأحسنَ منها يومَ قالتْ أرائحٌ :: مع الرَّكبِ أم ثاوٍ لدينا لياليافإن تثوِ لا تملكْ وإنْ تضحِ غاديا :: تزوَّدْ وترحل عن عميرةَ راضياومن يكُ لا يبقى على النأيِ ودُّهُ :: فقد زوَّدت ودَّاً عميرةُ باقياألكني إليها عمركَ الله يا فتى :: بآيةِ ما جاءتْ إلينا تهادياتهاديَ سيلٍ في أباطحَ سهلةٍ :: إذا ما علا صمداً تفرَّعَ وادياوبتنا وسادانا إلى علجانةٍ :: وحقفٍ تهاداهُ الرِّياحُ تهادياتوسِّدني كفَّا وتثني بمعصمٍ :: عليَّ وتحنو رجلها من ورائياففاءتْ ولم تقضِ الذي أقبلتْ لهُ :: ومن حاجةِ الإنسانِ ما ليس قاضيافما زالَ بردي طيِّبا من ثيابها :: إلى الحولِ حتَّى أنهجَ البردُ باليافلما أفرط في التغزل بنساء مواليه ووصف محاسنهن الظاهرة والخافية عزموا على قتله، فلما قدموا به ليقتلوه لم يمنعه موقفه وهو على شفا الهلاك من قول بيتين يظهر فيهما استهانته بالموت ويفخر بما صنعه بنساء مواليه، ويصف بكاء حبيبته أسماء:شدو وثاقَ العبد لا يفلتكم :: إن الحياة من الممات قريبُفلقد تحدّر من جبين فتاتكم :: عرقٌ على متن الفِراش وطيبُفحفروا له أخدوداً وألقوه فيه ثم ألقوا فوقه الحطب فاحرقوه.
كامل الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...