الاثنين، 4 سبتمبر 2017

آخر ما كتب نزار


من آخر ما قاله شاعر العرب نزار قباني قبل أشهر من وفاته، فما ذا كان سيقول رحمه الله لو أنهم أحضروه طبخ قصيدة النشيد:
"قبل عشر سنوات كانت أحلامي الطفولية أكبر مني. وكنت أتصور أن الشعر سلطة لا تقهر، وأنه يستطيع أن ينفخ على الأشياء فيحولها إلى جبال من اللؤلؤ والياقوت.
بعد عشر سنوات من الإحباطات، والتراجعات والهزائم، تكسّر الحلم إلى مليون قطعة. ولم يعد الشاعر يجلس إلى يمين الخليفة، كما كان يحدث في العصرين الأموي والعباسي، وإنما صار يجلس تحت نعل الخليفة.
في الماضي الجميل، كان الشاعر وزيرا للثقافة، ووزيرا للتربية والتعليم، ووزيرا للدفاع، ووزيرا للإعلام ينطق بلسان القبيلة شعرا.
أما شاعر اليوم فهو عاطل عن العمل، ينتقل من مقهى إلى مقهى. ومن خمارة إلى خمارة. ومن منفى إلى منفى، ومن عصفورية إلى عصفورية.
إن عظمة الشعر مرتبطة بعظمة الدولة. إذا ارتفعت رايات الدولة ارتفعت رايات الشعر. لذلك لا أحلم بأن يكون لدينا شعر عظيم ما دامت حالتنا القومية هي زفت وقطران.
وإذا كان قوّاد المنظمات الثورية قد داروا على كعوبهم 180 درجة مئوية. فماذا بوسع الشاعر العربي أن يفعل وليس في يده سوى بندقية عثمانية قديمة. و28 طلقة رصاص هي كل حروفه الأبجدية، والحروف الأبجدية لا تكفي لقتل دجاجة.
ويؤسفني أن أقول إن نصف الشعراء العرب أصبحوا من “المرتزقة”… أو “الإنكشاريين”، الذين يقاتلون في صفوف السلطة ضد شعوبهم، ويقبضون رواتبهم من خزينة السلطان.
لذلك أعتذر عن أحلامي القديمة في “عسكرة” الشعر، لأن السلطات الحاكمة في الوطن العربي، قد نزعت أوسمة الشعراء، وقلعت النجوم عن أكتافهم، وقلعت ألسنتهم".
كامل الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...