الأربعاء، 30 مايو 2018

إنه عمل غير صالح




محمد عبد الرحمن ولد امين سياسي من طراز رفيع، محنك ومثقف ولاعب سياسي ماهر شكل رقما صعبا في المعادلة السياسية في المنتبذ القصي، اختلفت رؤاه السياسية مع ولد هيداله سنة ١٩٨٠ وكان سفيرا في الكويت سلم السفارة لمستشاره، وذهب إلى باريس ليعلن إنشاء التحالف من أجل موريتانيا ديمقراطية (AMD)، مع بعض القادة والسياسيين البارزين: (محمد ولد الشيخ ولد جدو -مصطفى اعبيد الرحمن - حاب - وآخرين)، بعد معارضتهم للحكم العسكري الذي أطاح بالمختار ولد داداه والمطالبة بإعادة الحكم المدني وترك الشعب الموريتاني يختار قيادته بشكل ديمقراطي، وقد ردت السلطات العسكرية بمحاكمة المجموعة غيابيا والحكم عليهم بين الإعدام والمؤبد.
ظل وفيا لحركته ورفاق دربه ورد على المرجفين بإن محاولة انقلاب  16 مارس ١٩٨١ كانت قرارا جماعيا من قيادة الحركة في باريس، ونفذه جناحها العسكري بوسائل موريتانية، دون علم أي جهة أجنبية بتنفيذه أو التخطيط له، وأشاد بما عرف في قادة المحاولة  من الصدق ومن الشجاعة والوطنية وحب موريتانيا والتعلق بها، وأنهم لوا كانوا موجودين بيننا لما وقعنا فيما نحن فيه اليوم وأمس، وأن موريتانيا فقدت أعظم وأفضل وأنبل وأشجع ما كان عندها من قادة القوات المسلحة آنذاك.
وشغل ولد امين منصب وزير الخارجية خلال فترة ولد الطايع، وكانت المخابرات تدعم جريدة المخبر محمد الشيخ ولد سيد محمد "البشرى"، وكانت إدارة الأمن ترسم لصحيفته الخطوط العامة ليشرع قلمه يبول السباب والنفاق ثم كانت له بعد البشرى - la Vérité - Le point " ، فى اجتماع لمجلس الوزراء رأى وزير الخارجية محمد عبد الرحمن ولد امين أن الجريدة لاتراعي المهنية فيما تكتب وتجافي الحق فيما تقول وأن سهامها بدأت تُراش لتنال من حركته " amd " مما اعتبره استهدافا له وأنه لا يستطيع العمل داخل حكومة تهاجمه صحافة مخابراتها وتهاجم حركة سياسية ينتمي إليها فقرر ولد الطايع في ذات المجلس إيقاف نشاط محمد الشيخ.
كان من الشخصيات السياسية المعارضة لنظام ولد عبد العزيز إبان انقلابه، ومن أقرب المستشارين لزعيم  المعارضة الديمقراطية الرئيس أحمد ولد داداه  كما كان من المحاورين في مباحثات دكار التي أعقبت انقلاب السادس أغسطس 2008. ويري بعض المراقبين بان الرئيس عزيز يحمل ولد امين مسؤولية تراجع ولد داداه عن مساندة انقلابه علي ولد الشيخ عبد الله بعد أن كان قد منحه مساندته.
ضايقه النظام ورفضت وزارة الخارجية تجديد جواز سفره الدبلوماسي، في 2010 ولم تقدم الوزارة له أي تعليل لسبب رفضها منحه امتياز جواز السفر الدبلوماسي بصفته وزيرا سابقا للخارجية.
كما يعتبر نجله يعقوب ولد امين من أبرز الساسة الشباب، دكتور في الرياضيات وسياسي متمرس، وكان لسان حق في البرلمان واجه الوزراء بالوثائق ولغة الأرقام، وتحدث عن إفساد العسكر للسياسية، وفساد الحكومة وكيف يتقاضى الوزير راتبين، ودعا لمبادئ واضحة يجب اعتمادها في الصفقات العمومية، كحرية الوصول للصفقات العمومية والمساواة والعدالة بين المترشحين للصفقات، ومراقبة استخدام الأموال العامة، لم يتمالك نفسه وأجهش في البكاء أثناء مناقشة أوضاع المعتقلين الموريتانيين بغوانتنامو، دعا لتعديل قانون الأحزاب وزيادة حصة المرأة.
محمد ولد امين خرج من بين المرفق والباط، فلم يشبه الأب عبد الرحمن ولا الأخ يعقوب، إنه إنسان معقد بل إنه  مريض نفسيا يحتاج للعلاج، إنه يحسد إخوته ويدعي أنه أفضل منهم ومن أبيه وأنه الأكبر والأشهر والأكثر ثقافة والأنقى دما، ويقول في مجالسه الخاصة إن أباه يحسده.
عينه العسكر لفرط خذلانهم وزيرا فزادته الوزارة جنونا وعقدا، حدثني أحد الأصدقاء أنه رآه يخرج من الوزارة ورجل الحرس يفتح له الباب فقال لصديقه: هذه الفتحة أحب إلي من الدنيا ومافيها!
أي نرجسية هذه.
حين عزله عزيز كاد أن يجن وظل فترة متعمما يمشي على ورق الخريطة خائفا يترقب.
ثم وجد بعض السكينة في المقاهي فأدمنها
قال لي أحد الخلصاء إنه حدثه أنه تمنى لو كان أميرا مثل الدان ولد اسويد أحمد!
يبحث عن المجد والشهرة وآخر الطيرة به يوم انتدب نفسه للدفاع عن من أساء إلى سيد الوجود صلى الله عليه وسلم، فكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير.
حين تبين له أنه اختار خاسرة الصفاق، أخذته العزة بالإثم، وطفق يخصف علية من الأباطيل وكلما اتكأ على حجة وجدها لاتقوم على ساق، فيقوم كالذي يتخبطه الشيطان من المس..
لقد خسر الدنيا والآخرة وتبرأ منه الأهل
كتب Ahmed Moïne   

بِسْم الله الرحمن الرحيم 
"ربنا لا تواخذنا بما فعل السفهاء منا" ( من يهد الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له)
أعلن براءتنا من اي شخص يسيء إلى اي مسلم، و من باب أحرى من اختص العلماء الأجلاء ورثه الأنبياء بإساءاته و بذاءاته و دافع عن المسيء الى نفسه الشقي في دنياه وآخرته و تعاطف معه .
هذا الشخص الذي نبرأ إلى الله منه اختار لنفسه هذا الطريق عقوقا بل و انتقاما من أسرته والعياذ بالله 
و ما تشهيره المتعمد بأسرته الا نكرانا منه للجميل و رد جميلهم بالعقوق و الخروج عن كل ما غرسا في نفسه من قيم و تعاليم ... 
هذا الشخص الذي اعماه الغرور و تملكته الأنانية هو في الحقيقة مجنون رافض للعلاج، حيث يعتبر جميع المحيطين به أعدائه 
ولا يساورنا أدنى شك بأن غاية هذا الشخص الذي استوطن الحقد و الحسد قلبه هي النيل من مكانة أسرتنا اجتماعيا و ضربها في مقتل سياسيا .. كما أنه لا تعوزني الأدلة الدامغة و البراهين الساطعة على أنه مريض نفسيا ثشبع غرورا و أنانية و نرجسية. ..
فلا يغرنكم تثاقفه و ادعاءه التقدمية .. فما تلك إلا مساحيق تخفي قبح مسعاه إلى الإنتقام من المحيطين به باعتبارهم ألد أعدائه 
وهنا نستحضر قول الله جل من قائل "مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ " فهداية التوفيق خاصة بالله عز وجل، وهو الهادي إلى سواء السبيل، وما حكاية نوح مع ابنه إلا مثال على أن التنشئة على تعاليم الدين وتقديم النصح الواجب لا يغنيان من توفيق الله 
َ"رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ" 
ومعاذ الله أن نكون من الجاهلين أو تأخذنا العزة بالإثم تجاه الجانحين نفسيا الذين أضاعتهم رفاقة السوء وخالطهم العطب المعنوي المرفوع عن صاحبه القلم.
إن من مرق علي والديه وأخوته و يعمل على هدم الأمجاد التاريخية لأسرته ومحيطه، بدافع سياسي ونرجسية مرضية مصحوبة ببعض الغرور لن نرجو منه – مادام على نهجه – إلا أن يتمادى في سلوكه النزِق تجاه المجتمع والدولة والرموز التي خلدت مكانها في تاريخ الوطن والعرب والإسلام.

كامل الود

الخميس، 17 مايو 2018



القاضي محمد عبدالرحمن بن السالك (النّح) 


هو محمد عبدالرحمن بن السالك بن باب بن أحمد بيب بن عثمان بن سيدي محمد بن عبد الرحمن بن الطالب محم العلوي، يقول العلامة محنض باب بن اعبيد الديماني:
 فجدّهم أستاذ تاشمش كلَّهمْ ... قد ارتضعوا من علمه الخلف والضرعا
 فحَقَّ علينا نصرهـم واحترامهم. وتوقيرهم مـا أنبتت تربةٌ زرعا
كان أبوه القاضي السالك بن باب بن أحمد بيب قاضي الزوايا بلا مناع يرجع إليه في المشكلات، وكان الحي من العلويون ينتقلون بين “لعگل” وآتكوروحافة بحيرة اركيز، يقول العلامة محمد فال بن باب:
ألا ليت شعري هل لي الدهر عودة :: لحي لدى البطحاء أو ربوة الصدر
فيوم بجنب الواد بعض وبعضهم:: بجنبة إحدى السدرأو جنب ذي السدر
أقاموا بها حتى إذا انسلخ الشتا :: توقوا سموم الغيظ في حافة النهر
في سنة 1301 هـ - 1883م  رزق القاضي السالك بن باب، بابنه محمد عبد الرحمن الملقب(النَّح).
حفظ النح القرآن الكريم ودرس علوم الشريعة واللغة على والده القاضي السالك وعلى واسطة عقد العلماء المجلى العلامة محمد الأمين ولد بدي الملقب (حمّيينْ)، الذي قرأ عليه جزءًا من ألفية ابن مالك، كما درس على علماء آخرين، ولزم عمه شيخ العارفين وقطب العلماء العلامة الشيخ محمد فال بن باب "اباه" الذي صنع على عينه فجاء أعجوبة الدهر.
وكان ماكان مما لست أذكره :: فظن خيرا وتسأل عن الخبر
كان (النح) شيخًا لمحظرة كبيرة، وتتلمذ عليه كثيرون، و مارس القضاء والإفتاء والتأليف، وله فتاوى عديدة، ومؤلفات منها:
- عون المحتسب فيما يُعتمَد من كُتُب المذهَب
- جلاء الشك والريب فيما يثبت به النكاح ويلحق النسب
-  تسديد الرواد
- كشف القناع عن مسائل الرضاع
- نشر العرف في إثبات الشروط بالعرف
- رفع الشوائب عن بيع الغائب
- توجيه النظر إلى قسمة ما لا ينقسم إلا بضرر
- وسائل المقاصد على نفائس المراصد
- الآذان فيما يسن للجمعة من أذان
- ترصيع اللآل في مناقب شيخنا محمد فال بن باب.
- أدلة التعريف بما نشأ في الدين من تصحيف وتحريف
وهو كتاب يتناول عشرين سؤالا وجهها إليه العلامة الشيخ أحمدُّ بن أبي بكر بن فتى الشقروي، وقد أتت على مختلف الفنون فقها وأصولا وتصوفا، وتم التعرض فيها لإشكاليات معاصرة كالصلاة في الطائرة والاجتهاد في الأمور المعاصرة وغير ذلك.

وكانت للنح مكتبة عامرة بالكتب النفيسة والنادرة حبّسها على طلبة العلم من ضمنها نسخة نادرة من كتاب "التنبيهات المستنبطة على كتاب المدونة، والمختلطة، وتفسير مهملاتها، وشرح غريب كلماتها، وبيان اختلاف روايتها، واصلاح الغلط الواقع من بعض روايتها" لصاحب الشفا القاضي أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي.
أصيب القاضي النح بالصمم حدثا، لكنه كان متمتعا ببصره؛ فكان يطالع ويكتب في غالب أوقاته وكان الناس يكتبون له في الأوراق والهواء وفي يده ما أرادوا أن يسألوه عنه أو يخبروه به فيفهمه بسرعة فائقة، وربما كتبوا له في الظلام في يده بأصابعهم فيفهم ويجيب، ويتعجب الناس من ذلك، وكان يمتاز بجودة الفهم وقوة الذاكرة ودقة العزو إلى الكتب.
عقد الرئيس المختار ولد داده أول مؤتمر للقضاة في المنتبذ القصي سنة 1963 وقام وزير العدل الحضرامي ولد خطري بدعوة جميع علماء وقضاة البلد فكان من جملة من حضر العلامة القاضي محمذن ولد محمد فال (اميي) والعلامة القاضي الشيخ أحمد أبو المعالي ولد الشيخ الحضرامي والعلامة القاضي الشيخ المحفوظ ولد بيّه والعلامة المؤرخ المختار ولدحامد و العلامة القاضي محمد عبد الرحمن (النح) وغيرهم من أعلام البلد ..
حدثني الإداري المخضرم الثقة أحمد ولد ابّا ولد امين الفاضلي قال: في هذا الاجتماع كان القاضي (النح) ظاهرة بهرت جميع العلماء وما فتئ العلامة القاضي الشيخ المحفوظ ولد بيّه يكرر طوال أيام المؤتمر: " هذا الأطرش عجيب .. هذا الأطرش ماهُ عادي "
وكان القاضي (اميي) يسلم أي حكم حكم به (النح) ويقول: "اروايَ اكتبها ذاك الأطرش وافي عنها لكلام .
وذات درس في مسجد العلامة إنّ ولد الصفي الفودي التندغي رحمه الله في دار النعيم عزا العلامة إنّ قولا للعلامة النح فسأله أحد طلابه : النح منهو؟
فتغير وجهه وغضب وكان قليل الغضب وعنف الطالب تعنيفا شديدا لجهله علما من أعلام البلد والمذهب بحجم القاضي (النح) .
كان العلامة القاضي النح شاعرا مطبوعا ومن شعره
يا ميُّ إن يمـنعِ الـواشـون وَصلَكُمُ :: حيرانَ لـيس له فـي غـيرِكُم أملُ
ولا سعَتْ بـيـننـا كُتْبٌ لـتُنْبِئَكم :: عـنّا وتُنـبِئَنا عـنكم ولا رُسُل
لـم يمـنعـوا خطراتٍ طالما خَطرَتْ :: منكم على القـلب حـيـن القلب مُشـتغِل
ولا دمـوعًا أفـاضَتْهـنَّ فُرْقتُكـم :: ولا شهـابٌ هـوَى فـي القـلـب يشـتعـل
وله:
أودى زمـانٌ بـالخلـيفةِ مُسعـدُ :: هـيـهـات يُمكـن للقـلوبِ تجلُّدُ
نـبأٌ تأوَّبَنـا فبِتُّ كأنما:: جَذْل الغَضَى بـيـن الجـوانح يُوقـد
عجـبًا لمـن يرجـو سُلُوّاً بعـدَه :: ولـمـن يحـاول ضِلَّةً لا تنفَد
أبَنـي عـلـيٍّ لا تضلَّ حـلـومُكـم :: إن الـمـنـونَ لكل حيٍّ مَرْصد
لـم لا يكـون الـحَيْنُ يُمْنًا عـندكم :: أوَ لـم يكـن أودَى النـبـيُّ مُحمَّد
أو لـم يكـنْ أودَى الـذيـن تخلَّفوا :: مـن بعـدِه حتى كأنْ لم يُعهَدوا
لا تحسَبـوا أن القُصـور عـن المدى :: يُردي ولا أن الكـمالَ يُخلِّد
لا تجحَدوا نعـمَ الإلهِ عـلـيكمُ :: بـمُصـابِ مَنْ نَعْماؤُه لا تُجحَد
إن الـمصـيبةَ لا يُعـظَّمُ قَدْرهـا :: والصـبرُ فـي صنْعِ الـمُهـيـمِنِ أحمَد
لكـنَّمـا هـذا مـصـابٌ صبرُهُ :: لا يستقـيـمُ عـليه صخرٌ جلْمَد
مـا ضـاع أجـرٌ للـذي أجفانُه :: تبكـي عـلـيـه وقـلـبُه يـتبلَّد
فـي حقِّ ذاك الرِّزءِ قلَّتْ عبرةٌ :: مـنـا تفـيضُ وزفرةٌ تتـردَّد
إن الـذي فـاه النعـيُّ لنا به :: أذْكى شِهـابًا فـي الحشا لا يَخمَد
فلـوَ انّه ألقَى عـلى لُبنانَ ما :: ألْقَى عـلى قـلـبـي هوَى يَتهَدَّد
فتبَيَّنـوا مـا قـلـتـمُ فلئِن يكنْ :: أودى فقـد أودى الـتُّقَى والسُّؤْدُد
غابت بـه أيـدي الـمـنـايا بـيـننا :: كـالـبـدر يأفلُ والكواكبُ رُكَّد
شـيـخٌ يـديـنُ لكل عـافٍ مُرْملٍ ::ولقـد يـديـنُ له الـمـليكُ الأصْيَد
هـادٍ إلى الهـادي الأمـيـنِ وإنه  :: فـي مـلَّةِ الـديـنِ الـحنـيف مُجـدِّد
عـن أحـمدٍ ورثَ الخلافةَ مـثلَ ما :: ورث الخلافةَ عـن أبـيـه أحمد
زاد الـمـريـدَ إعانةً وهدايةً  :: إذ قـلَّ مَنْ فـي الـحـالتَيْن يُزوِّد
فغدتْ حـبـالُ وصـولِهـا مـرمومةً :: وغصـونُهـا فـيـنانةً تتأوَّد
مـا زال يسعى فـي الـمحـامِدِ يافعًا :: حتى تألَّفَ شمـلُهـا الـمُتبدِّد
وله:
نزلتم بخير يوم خير ببكرا :: فنلتم به فوق السماكين مفخرا
ولم تنزلوا إلاّ بعال من العلا :: ليظهر ما من مجدكم كان مضمرا
وللقاضي (النّح) مساجلة شعرية مع العلامة محمد ولد الداه ولد أحمد فال العلوي في موضوع “الفتيل” وهو الشاي الأخضر و” النقير” وهو الشاي الأحمر.
يقول محمد ولد الداه:
صروف الحادثات بلا نكير:: تدار على الفتى بيدي مدير
فآونة تدير له كؤوسا :: كشوب الماء بالعنب العصير
وتسقيه أوانا كل كأس :: كطعم الشري ممزوجا بقير
كذا عيش الفتى ما دام حيا :: دوائر بالحلُوِ وبالمرير
شربنا بالدباغ وما دبغنا :: به شيئا سوى حاج يسير
وكاف شرابها لم يغن شيئا :: فلا في العير عُد ولا النفير
عسى زمن الفتيل يعود يوما :: كأيام الخورنق والسدير

ويقول النح:
عليكم ما استطعتم بالنقير :: ولا شرب المزفَت والنقير
فتفضيل الفتيل على النقير :: كتفضيل الفتيل على النقير
وإن يُدر النقير كريم قوم :: عليهم فالمدار على المدير
وكم ضم الفتيل له كبُر :: يضم إذا يزكىَ للشعير
وكم ذهب الأسى عمن تعاطى :: كؤوسا منه كالذهب النثير
إذا دبت حميا كأسه في :: مفاصله مشى فوق الأمير

ويقول (النح) مرحبا بالعلامة القاضي محمذن ولد محمد فال (اميي)
يا حاكمَ الشريعة المُرتضى :: و سيفها الصَّمصامة المُنتضَى
و درعها التي بها يُتقي :: و شمعها الذي به يُستضى
و فارسَ القضا إذا شمَّرت :: عن ساقها الفهومُ و ابنَ القضا
أهلا بما جاوزتَ من بلدةٍ :: تطوي لكَ الرِّكابُ نشرَ الفضا
فلم تزل على العُلا مُقبِلاً :: و لم تزل عن الخنا مُعرضا

امتازالقاضي العلامة (النح) بسعة اطلاعه وضبطه في العزو وتنبيهه على محال غرائب الكتب وغرائب ما فيها، ولا سيما كتب المالكية.
طالع (النح) موسوعة الونشريسي (المعيار) حرفا حرفا ونبه على ما وقع فيها من أخطاء.
ولشدة تمكنه من معرفة الكتب، فقد تمكن من تعيين بعض الكتب كان المختصون يحارون  في معرفتها كما حصل له مع كتابيْ مالك زمانه الإمام العلامة الفقيه أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني: "مختصر المدونة و"النوادر والزيادات"، حيث كان الناس يظنون المختصر هو عين النوادر، يقول النح:
"والمختصر هنا منه جزء أتى به اباه من عند الشيخ سيديا، وكان غير معروف، وكانوا يظنونه النوادر، وأنا هو الذي عرفته، ولم أره قط قبل ذلك، غير أني أعرف النوادر"
كما أنه كان يعرف الكتب الوجودة بالمنتبذ القصي، وبعدد ما تحويه مكتبته العامرة، ومظان غير الموجودة في مكتبته؛ حيث أشار في كتابه "عون المحتسب فيما يُعتمَد من كُتُب المذهَب" إلى عدة مكتبات كمكتبة أهل الشيخ سيديا ومكتبة أهل العاقل ومكتبة بعض أبناء أحمد بن يوسف ومكتبة سكيرج وغيرهم، وكان يحدث بإحصاءات دقيقة عن أجزاء الكتب وتفرقها في البلاد، وعن ما لم يدخل البلاد من الكتب، كما تحدث عن خطاطي النسخ التي وقف عليها ووصف حالها من القدم والضياع.

 قال عنه المؤلف محمد خير رمضان يوسف في  تتمة الأعلام للزكلي:
النح محمد عبد الرحمن بن السالك العلوي..
علامة، قاض، شاعر. اسمه الكامل: النح محمد عبد الرحمن بن السالك بن بابا بن أحمد بيبه العلوي.
له عدة مؤلفات منها عون المحتسب

وقال عنه المؤلف يوسف بن عبد الرحمن المرعشلي في نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر:
 اسمه الكامل: النح محمد عبد الرحمن بن السالك بن بابا بن أحمد بيبه العلوي، من بيت علم وقضاء وأدب وتصوف في موريتانيا، له عدة مؤلفات منها عون المحتسب  فيما يعتمد عليه من كتب المذهب.
وروى الشيخ محمد الحسن بن احمدو الخديم أن محمد سالم بن ألما قال: إن (النح) هو أفقه من دخل البلاد، وقد روى أحد الثقات من قضاة الحوض الغربي، وقد حضر مؤتمر العلماء سنة 1963م، أنه انعقد شبه اجماعهم على أن محمد عبد الرحمن بن السالك هو أفقه من دخل البلاد.
ولما وصل كتاب النح المسمى :" تسديد الرواد " للعلامة المختار بن ابلول الحاجي؛ كتب في آخر ورقة: " إمام الوقت والمرجع في النوازل" ثم أنشد فيه أبيات حسان بن ثابت التي مدح بها حبر الأمة عبد الله بن عباس، وهي :
إذا قال لم يترك مقالا لقائل :: بمنتظمات لا ترى بينها فصلا
كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع :: لذي إربة في القول جدا ولا هزلا
ونختم بتعليق للعلامة الشيخ اباه بن عبد الله، حفظه الله على كتاب "عون المحتسب فيما يعتمد عليه من كتب المذهب" وهو شرح القاضي محمد عبد الرحمن (النح) لمنظومة القاضي محمد بن محمذ فال التندغي الأربعيني، في ذكر الكتب المعتمدة في المذهب المالكي، يقول العلامة الشيخ اباه:
"ليس العجب من إملاء هذه البحوث التاريخية لعلماء مذهب إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله تعالى من عالم متبحر في فروع هذا المذهب ورجاله بلا مدافع مثل محمد عبد الرحمن رحمه الله تعالى، إنما العجب من الظروف التي أملى فيها ، وذلك أن المؤلف أصيب بالصمم منذ خمسين سنة قبل وفاته ، لكنه كان متمتعا ببصره ؛ فكان يطالع ويكتب في غالب أوقاته وكان الناس يكتبون له في الأوراق والهواء وفي يده ما أرادوا أن يسألوه عنه أو يخبروه به فيفهمه بسرعة فائقة، وربما كتبوا له في الظلام في يده بأصابعهم فيفهم ويجيب ، ويتعجب الناس من ذلك، لكنه ضعف بصره في سنواته الأخيرة فصار لا يطالع ولا يكتب ، وإنما يكتب له في الرمل بأصبع غليظة.
ولما أتاه هذا النظم من العالم المتفنن الأجل القاضي محمد بن محمذ فال رحمه الله، صار يُكتب له في الرمل البيت منه، فإذا فهم مقتضاه أملى عليه ما اختزنته ذاكرته، وربما أحال كُتابه على مواضع من كتب يذكر لهم مداركها بالتدقيق، حتى كمل الإملاء من غير أن يستطيع أن يقرأه لضعف بصره أو يُقرأ عليه لصممه القديم.
وقد يظهر لمُطالعه أثر اختزان الذاكرة مع تقدم السن إذ كانت هذه الإملاءات في العام الذي قبل وفاته وهو إذ ذاك ابن سبع وتسعين سنة -ورب ضارة نافعة- فصار أشبه بخزانة إفادة ومجلس محاضرة ومذاكرة، تجد فيه فوائد وغرائب لا تكاد تجدها في غيره".
توفي (النح) رحمه الله سنة 1399 هـ - 1978 م عن ثمان وتسعين سنة ودفن بالمليحة بالنباغية سقت قبره شآبيب الرحمة:
حول المليحة خيم واغدونّ ورُح :: ثم اغدونّ ورُح ثم اغدونْ ورح ِ
يقول العلامة نافع بن حبيب بن الزايد التندغي الفودي في نظمه لوفيات الأعيان:
وعند رأس العام الآخر قضى :: شيخ الشيوخ العلوي المرتضى
حافظ مذهب الإمام مالك :: أعني به العلامة ابن السالك

كامل الود

الأربعاء، 16 مايو 2018


سؤالان


سألني الأخ محمد أحمد، عن سبب زيارة الجنرال ديگول لبوتلميت غرة شهر مارس سنة ١٩٥٣، صحبة الوالي الفرنسي لموريتانيا بيير مسمير و وفد يضم أكثر من ١٥٠ فرنسيا إضافة إلي المترجمين والعمال.
وقد استقبل ديگول من طرف الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا و وفد ضم الأعيان و الوجهاء.

زار الجنرال ديكول بوتلميت لسببين الأول لمكانة آل الشيخ سيديا الروحية والسياسية ولصداقة شخصية تربطه بالشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا والثاني أن ديگول كان رئيسا شرفيا لحزب الاتحاد التقدمي الموريتاني.
ذلك أن مؤسسي حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني UPM الذي تأسس في السادس من فبراير سنة ١٩٤٦ جعلوا الجنرال ديگول رئيسا شرفيا للحزب الذي ضم الزعماء التقليديين ورؤساء العشائر وشيوخ القبائل ومسؤولي الإدارة الفرنسية وكان برئاسة بونا مختار ونائبه سيدي المختار انجاي، وضم الشيخ عبد الله ولد الشيخ سيديا والأمراء الدان و أحمد ولد عيده و محمد فال ولد عمير والمختار ولد داداه وغيرهم.
وكان تأسيس الحزب ناتج عن تلاقي بعض المصالح بين الزعماء التقليديين والسلطات الفرنسية، فقد أصبح الزعيم أحمدو ولد حرمة مصدر قلق وإزعاج دائمين للفرنسيين داخليا وخارجيا، منذ فوزه المفاجئ ضد مرشحهم إيفون رازاك في في انتخابات 10 نوفمبر 1946، أما المشايخ والزعماء التقليديون، فرأوا فيه خطرا على امتيازاتهم لدى الإدارة الفرنسية ومراكزهم الاجتماعية فكانوا يريدون التخلص منه بأي ثمن.

حدثني شيخ جليل كنت أحيانا آوي إليه، قال: تعجب الوجهاء من هذا الفتى العلوي الذي لايقيم وزنا للفرنسيين، والذي ألغى الكثير من الإجراءات الاستعمارية المجحفة بالسكان مثل العمل القسري كما أنه ألغى ضريبة الشخص التي كان يتعين على كل شخص بذاته دفعها وكذلك الضيافة الإجبارية للجنود الفرنسيين والتسخير بكل أشكاله، كما أبعد كافة الحكام الفرنسيين الذين عرفوا بسوء معاملة المواطنين.
ذلك الرجل المهيب الذي حين يأتي في سيارة كان يركب في المقدمة ويركب الوالي الفرنسي في الخلف وكان الوالي لايستطيع أن يركب قبله ولا أن ينزل قبله وكان يخفض الصوت في حضرته.
غبطه الشيوخ والأمراء و أوجسوا منه خيفة فتحالفوا مع الإدارة الفرنسية ضده في مؤتمر كيفة.

وفي الأول من يونيو ١٩٥٠ أسس الزعيم أحمدو ولد حرمة حزب الوفاق الوطني PEM، وقد ركز الحزب في أطروحاته على وحدة الشعب الموريتاني بعيدا عن النزعات القبلية وتوحيد طاقات القوى الوطنية في المنتبذ القصي وتحشيد الطاقات الوطنية لمواجة المحتل، وكان الحزب ذا توجه عروبي واضح بتأكيدة على العربية لغة وثقافة، وعلى الانتماء العربي الإسلامي لموريتانيا كما كان يتعاون مع قوميي المغرب العربي ونتيجة لذلك بدأت مواجهته مع حزب الاتحاد التقدمي، كما يقول الكاتب والمؤرخ العراقي محمد علي داهش في كتابه "الأوضـاع والتطورات السياسية في موريتانيا 1903-1960" ص 195.

وجوابا على سؤال الأخ إسلم ولد سيد محمد‏ صباح اليوم فلم يكن المختار ولد حامد رحمه الله نهضويا، لكنه لم يكن ضد النهضة ولا ناقدا لنهجها ولا لنهج الوفاق قبلها:
لست بناهض ولا ناقض :: أو ناقد أمر الفتى الناهض
واسطة ما بين هذا وذا :: فلست بالبكر ولا الفارض
كان المختار ولد حامد فعلا من أنصار حزب الاتحاد التقدمي الموريتاني وأحد مؤسسيه لكنه لم يكن ضد الوفاق، وكان أهل الاتحاد التقدمي يريدون إبعاد الناس عن الزعيم أحمدو ولد حرمة، من ذلك أنه ذات وشاية تم استدعاء المختار ولد حامد في اندر من طرف الدرك وتم حل المشكلة، إلا أن نموما أراد إفساد الود بين المختار والزعيم أحمدو ولد حرمة وأحد أقرب مقربيه والذي هوبمثابة مستشاره الشخصي محمد الكريم ولد باني، أحد أماثل وأفاضل مدينة اندر حينها، فقال النموم للمختار إنما تم استدعاء الدرك لك بمكيدة من محمد الكريم وأحمدو ولد حرمة لانخراطك في حزب الاتحاد.
وكما يقول المثل بأن " الگرظه إلا ما حاكتْ اتخلي ظيف أخلاگ" فقد حزّ الأمر في نفس المختار بل ربما عبر عن ذلك لبعض خلصائه، وذات مقيل للمختار في اندر مع الشيخ الفاضل أحمدو بن احبيّب اليدمسي وكانا صديقين يجمعها العلم والمعرفة والاهتمام بالتاريخ، وهو الذي يقول فيه المختار:
أَحْمَدُ مَنْ لَقِيتُ فِي أَنْدَرٍ :: أَحْمَدُ مَنْ تَاهَ بِهِ أَنْدَرُ
مَنْ مِثْلُهُ فِي أَنْدَرٍ نَادرٌ :: وَمِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ أَنْدرُ
في شجون الحديث اشتكى المختار لأحمدو تنملا في يديه لا يعرف سببه، فقال أحمدو لعلها تاژبّ من الگوم، فأنت ظلمت محمد الكريم وأحمدو اعتمادا على وشاية مغرضة، فأحمدو ولد حرمة لم يكن في اندر أثناء استدعائك، ومحمد الكريم هو من سعى مع المترجم الشاب محمد عبد الله ولد الحسن في حفظ القضية.
عندها تبين المختار أنه كان ضحية نميمة أراد صاحبها إفساد ذات البين بينه وبين صديقيه، فكب معتذرا لهما:
أمتهمٌ محمدٌ الكريمُ :: معاذَ الله يتهمُ الكريمُ
أم أحمدُ أحمدُ الفتيان سعيا :: أخو الدينِ القويم المستقيمُ
معاذ الله لكن نمَّ واشٍ :: نمومٌ، أيها الواشي النموم
علي قد افتريتَ، أفكتَ إثما :: فأنتَ أظن أفاكٌ أثيمُ
بغيتَ عليّ عدوانا وظلما :: وإن الظلم مرتعه وخيم
أردت فساد ذات البين، مابي :: وداد حادث وهوى قديم
لقد أشمتَ بي من كان فيه :: يلوم، فكم فتى فيه يلوم
ويأبى أنني مازلت ردءا :: لأحمد حيث أقعد أو أقوم
عكست قضية وقلبت فيها :: حقيقة من مودته صميم
فما عوجت مني،مستقيم :: وما صححته هو السقيم
فقله بحضرتي تخجل وتغضي :: فقد يغضي من الخجل اللئيم
على أني و في الأشعار حكم :: سأورد فيك ما قال الحكيم
ستعلم في الحساب إذا التقينا :: غدا يوم القيام من الظلوم
إلى الديان يوم الدين نمضي :: وعند الله تجتمع الخصوم

أصبح حاضر القوم ماضيا والأربعة الآن مجتمعون عند الديان الذي لايموت، عفا الله عنهم وجمعهم في مستقر رحمته.

كامل الود

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...