الأحد، 12 أغسطس 2018

يوم غاب يحظيه 


رغم مرضه وضعفه وبلوغه الثالثة والتسعين، إلا أن طلاب يحظيه ولد عبد الودود "اباه" لم يكونوا يتصورون غيابه، كانوا يعدونه من لِدات الدهر التي لا تغيب، ومن ثوابت الدنيا الخالدة كالملوين والفرقدين.

وفي سنة 1358 هـ 1939 م يوم الاثنين مع دخول وقت الظهر غاب يحظيه، فأظلمت الدنيا في أعين الناس، وتداعى تلامذته تحت هول المصيبة ولوعة الغياب يندبونه، وفي كل موقف كانت شواهد الألفية التي طالما شنف "اباه" بها آذانهم حاضرة.
أمام الجسد الطاهر المسجى المحمول على النعش تمثل ممو ولد عبد الحميد بشاهد اقتران خبر كاد بأن في قول محمد بن مناذر البصري يرثي عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي:
إن عبد المجيد يوم توفي :: هد ركنا ما كان بالمهدود
ليت شعري وهل درى حاملوه :: ماعلى النعش من عفاف وجود؟
كادت النفس أن تفيظ عليه:: إذ غدا حشو ريطة وبرود

وحين وضع النعش استعدادا لحفر القبر تمثل اگليگم ولد محمدو ولد حبيب ولد متالي بالشاهد على دخول نون الوقاية على الحرف (لعل) ندورا، إذ الغالب حذف نون الوقاية من لعل:
فقلت أعيراني القدوم لعلني :: أخط بها قبرا لأبيض ماجد

وتوالت الشواهد من الطلبة وتوالت العبرات، ثم جاءت المراثي، كان أول ماقيل من الشعر فى رثاء العلامة يحظيه بيتين قالهما المصطفى ولد منين التندغي الانديجگراري، ارتجالا عند وضع العلامة يحظيه فى قبره:
أياديمة الرضوان والعفو أَوْبَكِ :: إلى روضة الأجداث أجداث أَوْبَكِ
وإن رُمْتِ أوبا من هنالك فاجعلى :: إلى كل من ينمىَ لِأَوْبَكَ أَوْبَكِ

ويقول المصطفى ولد منين:
مسالمة المنية لا تقينا :: وإن الموت لاقينا يقينا
فما حلم الحليم يقيه منه :: ولا التقوى بواق المتقينا
ولا ذو المال بالأموال باق::ولا الإنفاق يبقي المنفقينا
ولا الأبناء بالآباء تبقى :: ولا الآباء تبقى بالبنينا
فكم أدى أمانته أمين :: فما أبقت أمانته الأمينا
فلولا الموت ما سكبت عيون :: لفقد اباه مدمعها المصونا
عيون للشريعة داميات :: وأخرى للفتوة لن تصونا
فعلم النحو يندبه جهارا :: ومختصر الخليل غدا حزينا
وأطرقت "الخلاصة" يوم ولى:: وأنّت ثم رجّعت الحنينا
وحاولت التسلي ثم سالت..مدامعها فرجعت الأنينا
لعمرك ما فقدنا مثل حبر :: لدى "بئر الكعاب" غدا دفينا
ألا إن المعالي أيمتها :: منيته وأيمت الفنونا
فكم يوم أقام عليه جمع :: كرام قارئون ومقرئونا

ويقول اگليگم ولد محمدو ولد متالي:
لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ صُرُوفِ الزَّمَانِ :: إنْ أَنَاخَتْ بِبَابِهِ مِنْ أَمَانِ
هَلْ تَرَى حَيَّ آلِ عَبْدِ مَنَافٍ :: أوْ تَرَى حَيَّ آلِ عَبْدِ مَدَانِ
فَلَنَا أُسْوَةٌ بِمَنْ قَبْلَنَا فيـمَا رَمَتْنَا بِهِ يَدُ الْحَدَثَانِ
قَدْ رَمَتْنَا فَأَوْرَثَتْنَا شُجُونًا :: لِلْحوَايَا مَا تَنْقَضِي لِأَوَانِ
قَدْ رَمَتْنَا بِفَقْدِ حَبْرٍ هُمَامٍ :: مَا لَهُ فِي عُلُومِهِ مِنْ مُدَانِ
حَوْلَ ذَاتِ الْكِعَابِ أَمْسَى مُقِيمًا :: أَيُّ فَضْلٍ ثَوَى بذَاكَ المَكان
قد ثَوَى ثَمَّ رَوْضُ صعْبِ القَوَافِي :: وثَوَى ثَمَّ روض صعب المعاني
وثَوَى ثَمَّ ما يسر المآخي :: وثَوَى ثَمَّ ما يسوء المعانـ"د"
أيها الشامتون مهلا رويدا :: كلكم من ورود المنية دان
ولَئِنْ كان سَارَ عنّا لقَدْ أَبْـقى كِرامًا هُمُ بُدُورُ الزمَان
فَهُمُ إِثْمُدٌ لِعَيْنِ الْمٌصًافِي :: وَقَذًى فِي جُفُونِ ذِي الْأَضْغَانِ

ويقول ممو ولد عبد الحميد الجكني:
أحقا أن ابّاه المفدى :: علت كعبا به بير الكعاب
هنالك غادروا مجدا أثيلا :: وبذلا دونه سح السحاب
وعلما بالفروع إلى أصول :: وعلما بالحديث وبالكتاب
وعلما باختلاف القوم فيها :: وعلما بالمصوّب والصواب
ويكشف عن مخدرة المعاني :: فتبدو وهي واضعة النقاب

ويقول أبومدين ولد الشيخ أحمدو ولد اسليمان:
وقد بان باب العلم عنا وفصله::وكافله بين الورى وكفيله
تولى أخو العلم الغزير وجده :: ووالده المدني له وسليله
وما هو إلا العلم والعلم وصفه :: وما العلم إلا ما تضمن قيله

ويقول محمدن ولد حمديت التندغي اليحيوي:
شجيت وما شجيت على الشباب::وقد ولى، ولا دمن الرباب
فما ذكر المغاني والغواني:: شجاني لا، ولا وخد الركاب
ولكني شجيت لفقد قطب :: بمدفنه علت ذات الكعاب

ويقول محمد عالي بن نعمه المجلسي:
بئر الكعاب علوت اليوم فافتخري :: إذ حل غورك قطب الدرس يحظيه
لسان حالك فيه الدهر منشدة :: ومنشد الشيء قدما مثل منشيه
"أهلا بمقدمه الميمون طالعه :: واليمن والبشر والترحيب لاقيه"
والبيت الأخير من قصيدة للشيخ باب ولد الشيخ سيديا قالها ترحيبا بالعلامة يحظيه لدى نزوله قرب بوتلميت.

وذات زيارة لضريح يحظيه لدى "بدغوغَ" بئر الكعاب رأى اگليگم ضريح شيخة وعليه تِهلي "عريش" منفرد وكان يعهده حيا وعليه مئة عريش من الطلبه فأنشأ:
أقول لدن رأيت عريش شيخي:: ولا تبقى صروفُ الدهر حَيَّا
لئن بُنيَ العريشُ عليك ميتا :: لقد بني العريشُ عليك حيّا

ويقول المصطفى ولد الشيخ أحمدو ولد الشيخ محمدو ولد حبيب الرحمن:
بينما نحن قد انتهينا من أذان المغرب إذ جاءنا نبأ وفاة يحظيه فقال الشيخ أحمدو للمتقدم للإمامة وقد همّ بالإقامة: انتظرني حتى أؤرخ لهذه الداهية العامة فأفملى علينا مرتجلا:
قبيل "شنطس" ببا وشهر :: في يوم الاثنين بوقت الظهر
"اباه" قد سافر نحو القبر :: لهفي على قاري الوفود المقري
أسكنه الله جنانا تجري :: تحتها الأنهار مزاد الأجر
وألبس الله بدور العصر :: أبناءه من سابغات النصر
وبعد فراغه من إملاء الأبيات أمر بإقامة الصلاة.

ويقول العلامة المؤرخ المختار ولد المحبوبي في حوادث عام 1358 هجرية:
وفيه موت العالم النبيه :: بدر الزمان شمسه "يحظيه"
من فاز بالحفظ وبالتحصيل:: وجودة التلقين والتوصيل
والآخذون عنه لا يحصونا:: ومن كرام الناس مصطفونا
كان إمام الأولياء الأكبرا :: لكن بتعليم الورى تسترا

وبعد وفاة يحظه بنحو عام نظم تلميذه النابه ممو ولد عبد الحميد الجكني حياته، يقول العلامة التاه ولد يحظيه: أتانا بها عقب نظمها بيسير فضيلة الشيخ بداه بن البوصيري وقد تلقاها حفظا على ناظمها ممو وقد مر به في بعض مهماته، فأملاها علينا عند بئر يسمى "بادريسيه" من لبيرات وذلك بعد وفاة يحظيه بسنة ونصف.
ومن منظومة ممو هذه:
فشيخنا "يحظيه من جكانا :: والأم والوطن من گنانا
عبد الودود أبه السَّريا :: دعوا، وأمه دعوها "دياّ"
وكان في السخاء لا يبارى :: وكان في الذكاء لا يجارى
كنا نعده من السَّماح :: أجود بالخير من الرياح
من اللباس يلبس اللبيسا :: وغالبا لا يلبس النفيسا
ويكثر الجلوس في التراب :: تواضعا للملك الوهاب
كم فتح الله على بليد :: لديه فتحا ظاهر المزيد
وقد تصدر عليه جَمّ :: مثل أبي وابن فتى وممو
وكمحمد المسمى سالما ::وفي العلوم عدم المزاحما
وكالمحمدين قبل عالي :: معا وكل في العلوم عال
والتاه نجل شيخنا المفدى وأحمد الكمليلي نجل كدا
وكابن عبد الله وابن والد :: وكبني المحبوبِ وابن الزائد
وابن البشير وأبي المعالي :: وكرماء من بني متالي
وابن أبي مدين وأحمد جكنا :: من بالعلوم والعلوّ يعنى
ونجل ابوه العظيم الشان :: والحسنان من بني جكان
محمد نجل محمد النابغة :: بحِكمٍ عنه تولى بالغة
وقد تولى مثله بدّينُ :: عنه بما الله به يدين
وغيرهم من من يضيق الصك :: عنه ويعيى بالعديد الفك
وشيخنا في فقهه المشهور :: متصل السند بالأجهوري
كما أتى في نحوه المصون :: متصل السند بالأشموني
والشاذلية بها كفيل :: له ابن متالي الرضى النبيل
أرسى على ضريحه النسيم :: ولا عداه الأنس والنعيم
والحمد لله على ما من بـهْ :: علىَّ من صحبة ذا الشيخ النبهْ

قال القاضي عبد الله السالم بن يحظيه: لم أستسغ هذه العبارة" أرسى على ضريحه النسيم" وحين زارنا ممو وكان ذلك قبل وفاته بأيام سألته عن هذه العبارة وهل تسوغ وما أصلها؟ فأجاب: نعم، وأخذتها من قول الشاعر:
أرسى النسيم بواديكم ولا برحت :: حوامل المزن في أجداثكم تضع
ولا يزال جنين النبت ترضعه :: على قبوركم الهتانة الهمع

كامل الود

اللِّدَات


كتب العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ، وهو في المدينة المنورة وقد بلغ التسعين راثيا ثلاثة من لداتِه عصر "أولاد ادهيم" هم:
المختار بن سيد أحمد، واكّاه ولد حامد، ومحمد سالم ولد احميَّاد.
رحلوا في فترة زمنية متقاربة، فدعى لهم بالرحمة ذاكرا مآثرهم داعيا لمن تبقي من اللّداتِ بالسلامة والعيش الهني:

فقدنا أمسِ مُختارين منا :: لِدَين، لديهما حسبٌ ومجدُ
لهذا قطربٌ جدٌ وهذا :: له بابُ العلوم محنضُ، جدُ
وما شرُّ الثلاثة أم عمرو :: محمدُ سالمٌ، والجَدُ جِدُ
فاحميَّادَ بيتُ العز عز:: توورث، مُذْ قديم يستجدُ
بقينا بعدهم نفرا ضعافا :: بني تسعين كاملة تعدُ
وخلِّيهاً هنا أعني ونفسي :: وبيبيناً ومحمودَ بن ددُ
وما ندري متى أو كيف يوما :: لما لابدَّ منهُ لنا نردُ
إلهي ارحم أولئك واعفُ عنهم :: وأوزع هؤلاء ليستعدُوا
أعشهم ما بقوا عيشا هنيئا :: وأثوهمُ بــعليّين بعدُ

كامل الود

كنا بمدرسة "المبروك" آونة


يقول العلامة القاضي محمذن ولد محمد فال "امّيَيْ" علما: "لو كان للأئمة خامس لكان المختار ولد ابلول خامسهم"

ويقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامد في رثاء العلامة الأصولي المختار ولد ابلول الحاجي المتوفى يوم 14 أكتوبر سنة 1974:

نغتَر في صمَمٍ بالعيش أو خرَس :: كأننا ما سمعنا دقة الجرس
نرى السعادة في قعبين من لبن :: وفي مآكلَ من فوم ومن عدس
عَمِينَ عن غِيَرٍ فيها لنا عِبَرٌ :: سارين في حندس ما فيه من قبس
نُصاب بالمحسنين المصلحين ولا :: ينفك يوجد فينا محسنٌ ومسي
في ذمة الله قطب كان ذا خلق :: عذب لطيف لذيذ لين سلس
عم الأسى بمصاب المسلمين به :: لم يبق من مسلم إلا بكى وأُسِي
وما أَسَى بنت عمرو بن الشريد على :: صخر ولا البث من معروفة الخنس
ولا حَنين ابن زيدون الأديب إلى :: ولادة وليالي وصل أندلس
يوما ببالغ شسع النعل من جزع :: فينا ولا عُشُرِ المعشار من خمس
كنا بمدرسة "المبروك" آونة :: نعشو إلى ضوء ذاك النير الندس
كنا نحلق بالمختار يؤنسنا :: بما يسلسله الراوون عن أنس
وجابر وابن عباس فيذْكِرنا :: من الحديث بما قد كان منه نُسي
ونستفيد من أحكام مؤسسة :: من الأصول على راسٍ من الأسس
من كل علم من القرآن مقتبس :: أو سنة أو من الإجماع مقتبس
ورب مقتبِسي علم وملتمِسي :: حاج بمقتَبس آبا وملتَمس
كَائِنْ هنالك قد حُلت مشاكلنا :: وكم لنا كان من إيضاح ملتبِس
وكم قضايا إلى المختار نرفعها :: لفصل منتقض منها ومنعكس
كان الخبير بفصل الحق عن شبه :: عند اختلاط طهور النص بالنجس
وكان إحيا علوم الدين ديدنه :: دأبا وتدريس عاف منه مندرس
وللخليل وسيبويه دورهما :: أيضا إذا خيض في علم الخليل وسي (بويه)
وكان في الليل ممتدا تهجده :: حتى أداء صلاة الصبح في الغلس
وكان للضيف بساما ومبسمه :: يزري بكل لمى في البض واللعس
ولست أحصي مزايا شيخنا وعلى :: ما قيل ما لم يُقَل من ذاك فليُقََسِ
والحمد لله أبقى طيبين لنا :: وطاهرين من الأدران والدنس
لا الثور في سجلهم عنا يُحَلُّ وما :: عنا العَزاءُ وهم فينا بمنحبِس
جادت على جدث المختار واكفة :: تهمي بغيث من الرضوان منبجس
وعَلَّ في جنة الفردوس من عسل :: صاف وأُلْبِسَ فيها سندسا وكُسِي
عليه يُشرق فيها وهو مبتهج :: نور مُشع له من حضرة القُدُس
جارًا لمن مضرُ الحمراءُ قد رُفعت * به مقاما على ربيعةَ الفَرَسِ
عليه من صلوات الله أكملُها * عَدَّ النفوس وعَدَّ اللحظِ والنفَسِ

كامل الود

عصر الشيخ محمد المامي


ولد الشيخ محمد المامي بداية القرن الثالث عشر الهجري وهو العصر الذهبي للثقافة في المنتبذ القصي، وقد ربطته علاقة قوية بعلماء عصره، فكانت له صلات علمية بابن عمه البخاري بن الفلالي وابنه محمد عبد الله وكانت بينه مع الأخير مشاعرة حول موضوع زكاة مال الأتباع، يقول محمد عبد الله ولد البخاري ولد الفيلالي:
الحمد لله حمدا بعد بسملة :: ثم الصلاة على من دينه الدين
وبعد منا لأهل العلم قاطبة :: من كان منهم له في العلم تمكين
فينا تنازع أهل العلم مسألة :: ودونت بينهم فيها الدواوين

ورد عليه الشيخ محمد المامي بقصيدته المسماة الدلفينية التي يقول في مطلعها:
الحمد لله ما دل العناوين :: وما تعاصب شرط والأراكين
وفي ذات النازلة زكاة مال الأتباع دارت، بينه عدة رسائل مع العلامة محمد بن محمد سالم المجلسي، لم تؤثر على صداقتهما وإن اختلفت وجهات نظرهما حول الموضوع، وقد سئل الشيخ محمد المامي مرة عما جرى بينهما فرد قائلا:
"ما قلته حق وما قاله حق، والحق يتعدد ولولا تعدد الحق لما تعددت المذاهب".
أما محمد ولد محمد سالم فقد اعترف للشيخ محمد المامي بالتفوق في هذه المطارحة الفقهية، وبدوره امتدح الشيخ محمد المامي مناظره ولد محمد سالم بالقول:
فما ولد النساء من الرجال :: ولا حمل الرجال على الجمال
كمثلك يا محمد بشرتنا :: بك الأيام فيها والليالي

وتوطدت علاقته بالعلامة محنض باب بن اعبيد الديماني، وقد نوه الشيخ محمد المامي بالشيخ محنض باب والعلامة محمد بن محمد سالم وبمكانتهما العلمية قائلا: الحمد لله رب العالمين على :: سعي الإمامين في تجديد ما اندرسا
محنض بابه لكشف الأمهات نحا :: حتى تخلص منها كل ما التبسا
ونجل سالم أبدى المصريات لنا :: لما سنى البحث في الأمصار قد طمسا
كما ربطته صداقة ودية وعلاقات علمية بالشيخ محمذ فال بن متالي، فقد عرض عليه نظمه لمختصر الشيخ خليل، فسلمه ونوه به قائلا "اكتابك هذا حد ماهو عالم ؤ ولي ما ايكد يفهمو ".
وكانت بين الشيخين مراسلات، وكان لمرابط محمذ فال بن متالي يتبرك بآثار الشيخ محمد المامي ويحرص عليها ويعتني بها، كما كان الشيخ محمد المامي على صلة بالعلامة حرمة بن عبد الجليل وباب بن أحمد بيب العلويان، فقد ذكرهما في نونيته حيث يقول:
كحرمة أو كباب بني علي :: فإني منهما في الداخلينا
وكان علاقة بالعلامة السالك بن الإمام بن محمد بن الحسن الحاجي الوداني العالم الجليل، والشيخ الصوفي وإمام مسجد ودان والذي أخذ الطريقة التيجانية عن الشيخ سيدي أحمد التجاني مباشرة بلا واسطة، وكان قدم من المنتبذ القصي مع أخيه أحمد سالم بن الإمام متوجهين إلى الحج وإليهما يشير الشيخ محمد المامي بقوله في نونيته الوافرية يذكر من يصلحون للإمامة:
وآل الحاج أنصـار كـرام :: إلى أبناء جفنة ينسبونا
وأحمد سالم منهم ومنهم :: أخوه سالك في السالكينا
وقد استدرك العلامة السالك على العلامة سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي عدة مسائل في تأليفه في البيان "عروس الأفراح"، وسمع بذلك فسلم جميعه لسعة باعه، وكان السالك لا يدرس في البيان إلا بذلك التأليف إعجابا به من بين كتب البيان الوافرة في وادان.

وممن كانت له به علاقات وطيدة وحميمة المجاهد الكبير والعالم الجليل الحاج عمر الفوتي حيث يقول:
سلام على من نور معناه فائح :: ومن نوره للشمس والبدر فاضح
فكنا نرى للغرب عدلا يقيمه :: عليه بقرب المصطفى النور لائح
وفي عمر الحاج الموفق وسم ما :: نحاوله من ذلك الكنز لامح
فنحمد رب العرش إذ خص قطرنا :: بمن هو للأمصار هاد وفاتح
فلا ضاع بين الدولتين مدارس :: لهم همم في المكرمات سوابح
وصلى إله العرش بدءا ومختما :: على خير خلق الله ما نم فائح
وأجابه الحاج عمر بقصيدة منها:
على كل ميت نائحات بكينه :: وليس على دين المهيمن نائح!

كما كانت له علاقات كثيرة مع سائر علماء زمانه وصالحيه يقول متوسلا بالرجل الصالح بلال الولي صاحب الكرامات:
يا ملان بركت بلال :: والسر إل بين واياك
أغفر للعلم والجهال :: واغرف للحجمات امن اسماك

كما كانت له علاقات وطيدة بالصالح الولي العالم العارف القاضي أحمد للعاقل الأبهمي الديماني وأبنائه العلماء الصلحاء كما ربطته أيضا صلات علمية بالعلامة المختار بن محمدا المجلسي، فقد وقف إلى جانبه ودافع عنه في حكمه بطلاق امرأة طال نشوزها عبر قصيدته:
سلام على القرن الألى خذلوني :: وناطحت عنهم ماضيات قرون
بتأديتي فرض اجتهاد عليهم :: وفتحي لأبواب له وحصون

وكان أيضا على صلة وثيقة بالشيخ سيد محمد الخليفة بن الشيخ سيد المختار الكنتي، فيذكر أنه أرسل إليه يسأله عن حكم تعلم علم الحرف والأوفاق وعلم التربية فأجابه الشيخ سيد محمد برسالة في الموضوع.

وللشيخ محمد المامي كتاب البادية ويقع في مجلد رائع من نحو مائتي صفحة، وقد سماه المؤلف لفرط تواضعه "صوف الكلاب" يقول:
"ومن أجل افتقار العامة لهذا الموضوع الهلهل النسج سميته بصوف الكلاب، لقد أعوز الصوف من جز كلبه .."
وقد تعرض الشيخ محمد المامي في كتاب البادية لأحكام ونوازل تقع لأهل البادية ولم يتعرض لها علماء الحضر منذ قيام الدولة الاسلامية، مثل أحكام "مساجد البادية" و "قسمة حبس الماشية" وبعض العادات المتداولة مثل ثقب الاذن للأخراص و "ونگالة" وهي ان يذبح الشخص شاة وتقتسمها جماعة اليوم ويذبح آخر شاة غدا ويقتسمونها وهكذا دواليك، وعادة التدخين والأحكام فيها، ويتعرض الكتاب لأمور أخرى مثل "ثمن الجاه" وقد كانت قبائل الأتباع تلجأ دائما الى قبائل الزوايا لتشفع لها بجاهها في استرداد الأموال التي تنهبها منها القبائل المحاربة.فهل يجوز للزوايا أن يأخذوا ثمنا مقابل هذه الشفاعة؟
وقضية قطع آذان المحاربين فقد كان بعض رؤساء القبائل يقطعون آذان المحاربين زجرا لهم عن الحرابة، فطرحت هذه النازلة اشكالا فقهيا حاول الفقهاء ان يلتمسوا له وجها شرعيا.
وقضية الإجارة على اللبن العامي، حيث يقوم النظام الغذائي للبدو على لبن الأنعام، ولا يستغنون عنه إلا نادرا، لذلك فإن من المعاملات الشائعة عندهم أن أحدهم إذا لم تتوفر لديه أنعام فإنه يستأجر ناقة ليحلبها مدة معينة .فالمستأجر عليه في هذه النازلة مجهول، لأن الناقة لا يعرف قدر لبنها بالتحديد، فما حكم هذه الإجارة؟
وقضية وصل الشعر فقد كان نساء البادية يستعملن شعرا مستعارا لإطالة شعورهن إذا كانت قصيرة أو قليلة، أو إذا كان بها شيب فإنهن يسترنه بالشعرالأسود.
وكقضية التقويم بالعروض، فمن أقدم على إتلاف مال معصوم سواء كان ذلك عمدا أو خطأ فيجب عليه تعويض قيمته من النقدين الذهب والفضة كما ينص على ذلك الفقهاء، لكن هذا الأمر طرح اشكالا في المنتبذ القصي التي لا عملات "أرض لا سكة فيها" فكيف يكون التقويم بها وهي معدومة؟
وكقضية كشف نساء البادية أطرافهن لضرورة الرحيل، فقد تكشف نساء البدو أطرافهن لضرورة الرحيل، والرحيل يستدعي حضور الأجانب أو المرور بهم، وهو ما يطرح مسألة حجاب المرأة، وسترها لجميع بدنها بحضرة الأجانب؟
وكتاب البادية يفتح باب التخريج أو الاجتهاد المذهبي لفقهاء البادية حين يقول إن فقهاء عصره ينكرون على من حاول فتح باب الاجتهاد، ومع ذلك لا تمضي على أحدهم سبعة أيام دون أن يجتهد في نازلة "
وله مؤلف "إدخالات البحر في الغدير" وهو رد على رسالة وردت إلى المنتبذ القصي كتبها الشيخ محمد بن محمد بن علي الإراري المغربي عام 1093 هـ، في نبذ المذاهب الفقهية والاستغناء عنها بالكتاب والسنة، وقد نبه الشيخ في رده:
" أن هذه كلمة حق أريد بها باطل، إذ أن المذاهب الفقهية إنما هي زبدة الشريعة ولأن عموم الناس لا يستطيع الوصول لعدم تأهله لذلك ".
وكانت دعوة العلامة محنض باب ولد اعبيد، للعلامة الشيخ محمد المامي لانتشال الفقه وتداركه قبل أن يضيع بقوله:
أدرك الفقه فقد خرج من الأيدي "مرﮔ ليدين " حسب تعبيره، هي التي حملته على تأليف كتاب "البادية".
ثم قام الشيخ محمد المامي بنظم مختصر خليل لتمكين أهل البادية الرحل من شيء يسهل حفظه واستحضاره، ويقول الشيخ محمد المامي عن نظمه لمختصر خليل متحديا أهل مصر:
ﮔولولْ مِصْرَ تِجَّلَّجْ :: إلَيْنْ تَنْظمْ دفْتَرْهَ
وَلّاَ اتْسَلَّمْ يَوْمْ الْـحـَجْ :: الثَّالْثَ مَا تَجْبَرْهَ
يَا الْوَاعِدْ الْجَامِعْ الَازْهَرْ :: وَابْطَاحْ مَكَّه وَالْمَشْعَرْ
وَامْسِيدْ لَمْدِينَ الَاكْبَرْ :: لِكْتُوبْ ذِيكْ امَّاكِرْهَ
رَاعُو النّظْمْ الْمُخْتَصَرْ :: كَانُوا اصْبَحْ فِي امْحَاظِرْهَ

يقول الشيخ خليل ابن اسحاق في مختصره في باب الطهارة:
(بَابٌ){ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمُطْلَقِ، وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ، وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ، أَوْ كَانَ سُؤرَ بَهِيمَةٍ أَوْ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ أَوْ فَضْلَةَ طُهَارَتِهِمَا

ويقول الشيخ محمد المامي في نظم الدرر أعلاه:
وإنما يكون رفع الحدث :: بمطلق الماء وحكم الخبث
وهو ما عليه ماء صدقا :: بغير قيد لازم تألقا
وإن جمعته من أشجار الندى :: أو ذائب من بعد ما قد جمدا
أو كان سؤرا لبهيمة حصل :: أو حائض أو جنب أو ما فضل

وحين أنهى الشيخ محمد المامي نظمه لمختصر خليل قال "لين يدغروني علماء الـﮔبـله ننعت الهم بعد اكتاب واعر أدرﮔو"، ثم قام بعرضه على أعيان علماء المنتبذ القصي.
ويقول في براعة اختتام بديعة بين يدي الانتهاء من النظم:
قد تم نظم المذهب المنتثر :: لكن قليل مكثر لم يعثر
وتم عرضه على الأعيان :: كالعالم الأڭدبجي الرباني
أنخت عنده بـ" تلماس ":: في الصيف والجمل ذو إخماس
فوضع الإصبع في يومين :: على جميع المتن مرتين
وقال له العالم الرباني محمذن فال ولد متالي الأڭدبجي التندغي لم انقد من هذا التأليف إلا قولك في آخر "الحضانة" عند قول خليل : " ولا شيء لحاضن لأجلها..
يقول الشيخ محمد المامي:
"كما له السكنى على الأب ولا :: :: شيء لحاضن لأجلها خلا
مايلزم المحضون من إنفاق :: لوالد أعسر بالاطلاق"
وقال لم أنقد سوى من أجلها :: ذلك الاستثنا الذى من بعدها
عالم سنهور يراه المنقطع :: قلت وذا استثناء أيضا منقطع
فبين لولد متالي أنهما ليسا مختلفين بشأن ذلك الاستثناء المنقطع.

وإذ تبدى لمحنض بابا :: عشية أعجبه إعجابا
بالقيظ بالعلب لدى بئر الكرب :: إذ يملؤ الدلو إلى عقد الكرب
واضع رجليه على إحدى الركب :: ومطرح الأنظار وحده طلب
وقال لا عيب به للمشتهي :: إلا اختصاص سره بالمنتهي
قلت من أصله حوى ذاك الشمم :: ومن يشابه أبه فما ظلم
أطال ربى عُمَرَ الإسلام :: بعُمَريهما على الدوام

وعرضه على نجل فحل تيرس العلامة سيد أحمد ولد سيدي عبد الله ولد الفاضل الباركي، وبدر المجلس العلامة المتبحر أحمد دوله بن اتشاغ أعمر اليعقوبي اليدامي فأعجبا به، وقال العلامة مولود ولد أحمد الجواد اليعقوبي إن جودة نظمه أسلس من شعر أبي تمام:
ولم يعبه نجل فحل تيرس :: وأحمد الدولة بدر المجلس
والفحل عبد الله نجل الفاضل :: خالي حامى الدف ذو الفضائل
بأمر شيخه غِنَى اللبيب :: أخى الكشوف أحمد الحبيب
والنجل أحمد سمي الشيخ :: يالك من ذى شيبة وشرخ
تغمد الله الجميع بالرضا :: والعفو والرحمة سحبا وإضا
وقال مولود أخو الأنظام :: وهو مجالس الفتى إكرام
واها لمثله من النظام :: أسلس من شعر أبى تمام
قال مكان الشعر لفظة غزل :: وحدت عنها لاضطرار قد نزل
نالا من الرحمة حظا وافرا :: ولهما كان الإله غافرا
والحمد لله على التمام :: وإن جنى عداوة الأنام
فإن أكن مستهدفا للخلق :: من أهل مغرب وأهل الشرق
فإن فيهم صحة الأذهان :: ونصرة الحق مدى الزمان
وصلوات ربنا والرحمه :: لمن يراجع أجل النعمه
محمد خاتم الأنبياء :: صلى عليه رب الأتقياء
ما استشفع العبد به في الخاتمه :: ونال ما يرجو وحسن الخاتمه

ويقول الشيخ محمد المامي إنه حلّى بنظمه لخليل جيد انتاجاط والتي سيدفن فيها امحمد ولد الطلبه الذي نظم خليلا أيضا.
ويحكى أن امحمد للطلبة لما سمع طلعة الشيخ محمد المامي قال "أراهوّ انعاني" وتوفي بعد ذلك بقليل ودفن عند انتاجاط، ويرى العلامة محمد سالم ولد عدود رحمه الله أنه يقصد أنه حلى بنظمه لخليل جيد انتاجاط يقول الشيخ محمد المامي:
دَارُ لجوادْ اديارْ زين :: إكْدَ الدوگجْْ لُ دايرين
و انشالُ بيه امسوحلين :: لينْ اوفاوْ ازگاريره
طولْ اجّدبْ ءُ طول اسنين :: ما يَلواوْ انواويره
اشكاتْ اتفلوِ لوْلين :: لَماليف إلهَ طاريين
ءُ لا كنّ فيها حاظرين :: و اكتن لبستْ لحريره
من عندْ اندر إلاَ الصين :: تبرزْ وحدَ نحريره
تيرس ما تجبرْ لي اخلاط :: كان اسكنت إلّ غيره
رانِ خليتْ انتاجاط::"نظم اخليل اعلَ ديره"

كان الشيخ محمد المامي رحمه الله عالما وليا صالحا ومن اغناه:
صدع الكون إنگد إنداويه :: وامن الكون إنگد إنريحو
والعبد إلا فِلشُو عَربيه :: فأيديه إدير امفاتيحو

وجاءه رجل يبحث عن أززال غالي ضاع منه فطفق الشيخ محمد المامي يكرر:
يلّ مالك فالملك امثيل :: يالغنيّ عمّا سواه
أززال إل كان اگبيل :: هون إيسول عنو ملاه،
إعليه اگفل جنحت جبريل :: يجبريل اعمل بيه إلاه
گال شِ دز، گال للراجل خرص يكان ذاك أززالك؟
قال الرجل: واللهي صرتك يشيخنا ألّ هو اگبال.

كامل الود

محمد ولد محمد خُويَ (ابّوكو)


فى مجال جغرافي اصطبغ بالشعر بين آوكار وانشيري وتيجيريت وتازيازت وأزفال وتيرس، قامت ربوع  تغنى بها محمد ولد الطلبة وتحرك فيها الفارس عروة زمانه محمد ولد أحمد مرحبَ، حيث التضاريس موغلة فى الجمال والقسوة، وحيث الندرة الشديدة فى الأمطار " معدل 50 – 120 ملم فى السنة " مع معدلات تبخر مرتفعة وعواصف رملية دائمة وزحف مستمر للرمال وطبقات مائية جوفية قليلة المخزون مرتفعة الملوحة بنسبة 2-9 غرام فى اللتر فى الطبقات المائية الجوفية " وانعدام المجاري المائية، ويغطي تلك المنطقة غطاء نباتي ليفى وعشبي فقير من أشجار الطلح "السيال" أورراش الأرطاء واسبط " أژران -الحلفة " والسعدان و التمات وآسكاف وآتيل وإيگنين والغرقد والذنبان، وثروة حيوانية تتمثل فى الإبل والماعز، ولئن كان المجال فقيرا في موارده صعبا في تضاريسه فإنه غني بأهله:
تَلْ اگويدسْ ذَ گال حدْ :: مجدوب ؤلا عندو مَ
وابعيد امن المَ غير بعد :: عندُ خيمَه معلومَ

مجال تحرك فيه محمد ولد الطلبة اليعقوبي حيث آملِّ وتورارين :
"بتورارين" مربع للرباب :: حسن لو أبانَ نطق الجواب
و "بآملِّ " حوله ربع سلمى :: صيرته الليال حقف الرغاب

والنيش بو اخزامه :
صاح قف واستلح على صحن جال :: سبخة النيش هل ترى من جمال

وكثيب الموج إلى أزفال .. من لوى الموج عامدات الزفال وهضبة اكويدس
ويقول امحمد ولد الطلبة، ذات شوق مسائلا راعيّ الذود عبد الودود ولد الدخنه في تلك الربوع:
أقولُ لِراعي الذودِ بَينَ شُلَيشِلٍ :: و لَبَّةَ والعَينانِ تنهمِلانِ
أيا راعيَ الذودِ الهجـائِنِ قِف مَعي :: سقاكَ حبِيٌّ ذو أجَشِّ يمانِ
أُسائِلكَ عن حَيِّ الشقيقَةِ إنَّني ::  وإيّاكَ يا راعي لمُسَّئلانِ
فَقالَ انتحوا (للمَوجِ) واحتَثَّ ظَعنَهُم :: غُدَيَّةَ حادٍ ليسَ بالمُتواني

واظبيعيات والكارح والتيحمماتن وابيرات آحميّم وبن اعميره والتيجراج:
يانَ مَسّكْ تلْ آجلاج :: بِتْ ؤُ لانك متمونكْ
اتمونك شوف التيجراج :: مروحها عادْ امّونكْ

في هذه البيئة ولد ونشأ محمد ولد محمد ولد اسويد أحمد ولد محمد خويَ المجلسي، من بطن إيدوعمر، اشتهر بلقب "ابُّـوكُو" ، كما اشتهر كذلك بـلقب "ولد محمد خويَ"، وبـلقب "ولد اسويد أحمد".
ولد سنة 1270 هـ - 1853م، درس على ذويه وعلى أهل محمد ولد محمد سالم. ولئن كان مجال تنقل ولد محمد خويَ الأساسي ظل فى منطقة آكشار "اذراع" وتخومه، فإنه جاب أصقاع المنتبذ القصي وارتاد آفاقا شملت سان لوي "اندر" حيث زار ربع عزة اندر "دار ولد ابن المقداد" فتمام الحج أن تقف المطايا على خرقاء واضعة اللثام، فمدح محمدن ولد ابن المقداد "دود سك" ولقي ولد هدار وساجله، كما مدح الشيخ ماء العينين وبنيه و مرّ على ابن كمال الدين الشيخ سيديّ باب فى بتلميت ومدحه ومدح الأمير أحمد سالم ولد ابراهيم السالم ومدح وساجل الأمير سيدي أحمد ولد أحمد العيده. عُرِفَ بالبلاغة والقبول والجواب الحاضر، فكانت كلماته تسير سير المثل، وكان يجيد المدح والتعريض وفنّ المساجلات.

يقول ولد محمد خوي في مدح الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل وكان ذلك إبان غزّيِ الأركاب سنة 1905 الذى قاده الشيخ ماء العينين ومعه زعماء قبائل المنتبذ القصي وقبائل الصحراء طالبين العدة والعتاد من سلطان المغرب المولى عبد العزيزبن الحسن الأول وفدوا عليه في فاس وكان الوفد كبيرا يناهز الألف وفيه ولد محمد خُويَ. قال محمد ولد محمد خويَ:
هَذانَ گاعِدْ بين أيديكْ :: حَجَّبْلِ يَالشَّيْخْ اعليَّ
مِن لِحجابْ الِّ نعرف فيك :: عن ذاك إلّ نعرفْ فِيَّ
ناس التّلْ اتگول السلطان :: يِهْديلَكْ بَانْواعْ الْحَيْوانْ
وانَّكْ ذاكْ امْرَگَّبْ لك شَانْ :: كِذْبِتْ ذي الناس التَّلِّيَّ
السلطان اعطاكْ القُرْآنْ :: اعطاك اخليلْ ولَلْفِيَّ
اعطاك المنطق والبيان : : دَارْ افگَلْبَكْ زينْ النِّيَّ
وَساكْ اتگسَّمْ مِيتْ اعْنانْ :: وَساكْ أوْلَ من لَوْلِيَّ
هاذَ يَعْطيهْ الاَّ سلطانْ :: حگْ ؤُ سلطان العَطِيَّ
مانَكْ مِنْ لَشياخ الِّ اِزِلْ :: يَالشَّيْخْ ، ؤُلَفْظكْ ما يِنثِلْ
ؤلانكْ من لشياخْ الِّ اِمِلْ :: مَرَّ واتْجرُّ نَفْسِيَّ
مِسَّاوِ عندك ميتْ اِبِلْ :: فِالْمَعْطَ هِيَّ و اُوگِيَّ،
وادِّلْ اعْلَ السِّتْرَ، وادِّلْ :: زادْ اعْلَ الْمُحَمَّدِيَّ
يَخاتِمْ لَوْلِيَّ يَوِلْ :: امَّلِّ خاتِمْ لَنْبِيّ

وفي غزي لركاب قال أحد تشمشه مداعبا ولد محمد خوي:
ما يتمونك لگعاد:: بداع ؤلا يفلش
ؤلا يجبرْ غفيَ زاد :: من ذ كهل المدلش
فأجابه ولد محمد خويَ:
أنت فالش فالحين :: ألَ عت أل تفلش
راع ذ بل منين :: گامت خلطة شمش

ولمحمد خويَ :
يَهْلْ الحاج الدَّهْرْ اسَّگَّمْ :: والناسْ اتگَنَاتْ ؤ يِزَّ
البِلْ فَرْغِتْ، يَغَيْرْ الْهَمْ:: ما يَفْرَغْ هوَّ والعِزَّ
يِگْدِرْ يُعَدَّلْ من لِغْنَمْ :: والدَّهْر الاَّ حِزَّ حِزَّ
ءُگالْ العَرْبِ : "ألا إنْ لَمْ :: تَكُنْ إبلٌ فَمِعْزَ"

وله في المدح بما يشبه الذم :
ذِ النوبَ گالتْ لخطاطيرْ :: البِلْ عند أهل ابّاه ارگاگ
ماهُ عَيْبْ إلهَا بلْ انتيرْ :: ابلدْ عزتها من لخلاگ
نعْرْفَه گاعْ آنِ فَالطَّيْرْ :: الْبَلْ عند أهل اباه ارْگاگ
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم..

ويقال إنه ذات زيارة لبابَ ولد الشيخ سيديَّ، تزوج ولد محمد خوي لكنه خاف أن يسمع أهل الساحل بأمر الزواج‘ فذهب إلى باب قائلا:
أَخْيَار الِّ بين البحرين :: انتَ، واَخْيارُ زادْ احجابْ
مِن عندْ اطلوعْ الشمسْ اِلَيْنْ :: "حَتَّى تَوَارَتْ بالحجابْ"
يَلِّ ما گَطْ امعاكْ اغلاظْ :: اَمنادِمْ ما تَمْ الَّ گاظْ
ؤلَفْظَك زاد أحْلَ من لَلْفاظْ :: ؤدُعاكْ اگرانْ امْعَ لِجَابْ
حَجَّبْلِ لِطريگِ تِبْياظْ :: خاطِرْ مِنْ عَندَكْ جابْ احجابْ
ما يُسَوَّلْ عن گدْ الْ خاظْ :: ؤلا يُسَوَّلْ عن گدْ الْ جابْ

ويقول للشيخ محمد ولد الشيخ سيدي المختار ولد الشيخ سيديا ذات لقاء في مدينة أطار:
عنك گولْ الْ سيد المختار :: وخيرتْ ابْـمحمد فطار
جات امعاه الناس الخطار :: أولاد الناس المعلومَ
وامشَ زاد امعاهَ فنهار :: مفهومْ ؤهيّ مفهومَ

ويقول ابّوكو في العلامة محمد لمين ولد عبدالقادر ولد محمدسالم رحمهم الله:
محمدْ لمينْ ألاّ بَيْنْ :: العلمْ ولمروَّ والدّينْ
ؤلستقامَه والطبعْ الزينْ :: واجوارُو متعدلْ واحْلُو
اسكِ يمحمدْ لمينْ  :: الا كاردْ وَطيات أهلُو

ولولد محمد خوي في مدح محمد بن عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي، وكان محمد المامون بن الشيخ محمد تقي الله بن الشيخ محمد فاضل قد أخد ذات غارة إبلا لمحمد بن عبد العزيز:
يالطمَّاعْ انتومَ ذَ المالْ :: محمدْ المامونْ إلّ گَالْ
گـتّوهْ انتومَ والفصّالْ :: ابْلَ مالْ  ؤرَاهْ اتْليْتُ
ولّ لا تمشُ ما ينگالْ :: عنكمْ كونْ اليومْ اخليتُ
بيَّ باطْ أمةْ محمـدْ :: ما فيهَ حدْ اتلَ ريـتُ
نافعكمْ ماهُ محمدْ :: لجيتُ واللَّ ما جيتُ

وله في مدح محمد ولد اعل :
ما نعرف عربِ يرسلِ :: گط اعلَ معطَ حاجلِ
خاطِ محمد ولْ إعلِ :: هذا ولْ إعلى ولْ أحمد
ارسولُ جانِ عند أهلِ :: سيد احمد ريتُ، ريتْ أحمد
ريتْ أحمد سالم ول إعلِ :: ؤ ريت إعلِ ول اسويد أحمد
ذ كامل من لعرب ريتُ :: ولا گط ارسلِ منُّ حد
يكون إلَ عدت انسيتُ :: ءُلآنِ نسايْ لهذا بعد

ولولد محمد خوي الگاف الشهير يخاطب فيه الأمير المجاهد سيدي أحمد بن أحمد بن سيد أحمد بن أحمد ولد عيده:
لاجَ سيدي أحمد لادْرار :: امبارك شورُ الحـارك
ويلا ماجاهْ ألاّ البــــارْ ::منُّو هو لمبـــــــاركْ

وله في أحمد سالم ولد إبراهيم السالم :
مرحبتي بلّ لا انشاف :: تفرح كم من عريانَ
ءُ مرحبتي بلّ ما ايخافْ :: منّ ماهُ ملان

ويقول البعض إن في كافيْه "لفْ لگدم" في قوله "لاج سيدأحمد لادرار" بمعني لا أتى أبدا وأن في قوله "لا انشاف" أي لا ريئَ أبدا "

وللأمير سيد أحمد ولد أحمد العيده مخاطبا ولد محمد خويَ:
يل روحك للرزق إتميل :: و اتبان اعليها عدت إذليل
من ش يوقع فيهَ ثقيل :: إعلم عن ذ كامل مدروك
لرزاق اعليهم ميكائيل :: موّكل ما يترك متروك
ؤ لرواح اعليهم عزرائيل :: يگبظهم من ذوك ءُ من ذوك
وان مملوك وميكائيل :: و عزرائيل امل مملوك

وأجابه ولد محمد خويَ :
مول الطلعة بيه التوحاد :: عندِ عنُّ زاز المعتاد
راسل من بلاد لبلاد :: طلعه تتعاطاها لحنوك
عن لرزاق ءُ لعمار أكٌداد :: و عن مولان مالك لملوك
آنَ مملوك وعند زاد :: عن گوال الطلعه مملوك
وفي تتعاطاها لحنوك رغزة للأمير فقد كان فمه محكوكا ومن ذلك أن بعض دافعي لغرامه أدّى إليه بعيرا فقال الأمير: هاذ لبعير فمّو محكوك فقال الرجل : ماهُ وحدو فقال الأمير ش امعاه ، قال الرجل امعاه عكّة.

ومن الحكايات أنه كان ذات مرة سائرا فى انشيري فبصرت به مفرزة أولاد بسباع فعرفوه وكان يُعرف من بعيد بجمله الأبيض الكبير وكان قد بلغهم عنه تعريضه بهم فى حربهم السجال مع "أولاد اللّبْ " فأرادو التبكيتَ عليه فقال قائلهم بعد أن أحاطوا به : لن نقتلك يولد اسويد أحمد سنقوم فقط بقطع لسانك " بموسٍ بارد " وبعدها سنطلقك فانظر ماذا ترى ؟ قال " اعطوني نكمي أولا " فأعطوه " يكمي وهو جالس يدخن قال لهم أسمعوأ :
مارتْ عنْ شرفكمْ تحقيقْ :: ماهُ من ذ الشرفْ لعرجْ
ماكَطْ ادخلتُ مرجعْ ضيقْ :: ما طاكمْ ملانَ مخرجْ
- ءُ لافيكمْ واحد ماهُ ثلبْ :: ءُ لافيكمْ مدفعْ ماهُ سَلْبْ
ءُ بيّاعينْ إلْ ربّاحْ اجَّلبْ :: ءُ تعْطُ قيمتْ گلبْ افمَغْرجْ
ءُ لاكَطّيتُ دوّيتُ گلبْ :: الگلبْ اتْهنوهْ امْرجْرجْ
مارتْ عنْ شرفكمْ تحقيقْ :: ماهُ من ذ الشرفْ لعرجْ
ماكَطْ ادخلتُ مرجعْ ضيقْ :: ما طاكمْ ملانَ مخرجْ

وعاش ولد محمد خويَ مِائَةَ سنة حيث توفي سنة 1370 هـ 1950م، وخلف عدة أبناء كان كبيرهم جيد القريحة، ودفن ولد محمد خويَ وحيداً بِموضع يقال له " اسْـبـاخْ أهل النفاع " من أرض آوكار " يقول الشيخ الطالب اخْيار بن الشيخ بونَنَّه بن الشيخ ماء العينين:
ابنُ (مُحمَّدْ خويَ) عامَ شَسَعا :: قضَى ، وقَرناً عاشه فاستَمِعا
أرجو له سعادة الدارين :: بِمدحِهِ للشيخ ما العينينِ

كامل الود

الأربعاء، 8 أغسطس 2018

البيطورة اليدالي


هو البيطورة والبيتورة بالتاء والطاء، لكن الطاء أشهر، ويعرف أيضا بـ " ابّا مختار" بن محمد بن عبد الله اليدالي لأبيه محمد بن عبد الله وأمه حسنة بنت محمذن بن ألما بن المصطفي "ألما العربي"،نجلته وأخوته الكرام أبناء حسنة:
تركتْ حسنَه مافيهَ عيب  :: ذيك الناس اشهودْ اعليه
البهجَة معلوم اف لگريب :: ؤريّس لين امش بيه
والبيتوره عالم واديب :: تبغيه الناس ويبغيه
سيد صالح يخبر بالغيب :: والدنيَ ماعينُ فيه

ولد البيتورة سنة 1220هـ / 1805 م عند بئر المنار، حفظ القرءان وهو ابن سبع ودرس مبادئ الشريعة والنحو على ذويه، وأخذ عن شيوخ عصره، درس العقيدة والتفسير والفقه على العلامة محمذن فال ولد متالي وأخذ عنه بعض مبادئ الطب والتصوف واختلِف هل أخذ عنه الطريقة الشاذلية أم لا.
كما درس فترة من الزمن على العلامة محنض باب ولد اعبيد أخذ عنه خلالها جملة من العلوم.
وكان البيطورة مشاركا في علوم المنقول والمعقول ومن أبرز مشائخ التربية والسلوك، أخذ أوراد الطريقة التيجانية إجازة وتقديما عن العلامة الجليل أبي السعود سيدي مولود فال الموسوي اليعقوبي، وكان صاحب سره ومؤدب أبنائه، ولقن البيطورة أوراد هذه الطريقة لبعض فضلاء عصره من أمثال بڭِ بن سيد بن حرمه الفاضلي وببكر ولد محمذن ولد احجاب الفاضلي،  وله في التوسل بشيخه مولود فال:
يلّ كرمكْ مگط زال :: يامجيبَ المنادي
بركتْ شيخي مولود فال :: يعملْ يوفَ مرادي
فلّ نبغِ من شي احلال :: سمعُ يوجعْ حسادي
وارفع درجتْ فاجميع حالْ :: إعلَ لولادْ أولادي

وكانت للبيطورة علاقة خاصة بشيخه مولود فال وأعطاه من أسرار الطريقة مالم يعط غيره، وكانت له علاقة بفضلاء عصره من أمثال محمذن ولد أحمد للعاقل الأبهمي والعلامة محمد فال ولد باب ولد أحمد بيب العلوي الذي كان له عليه ممر وهو في طريقه إلى الحج. كما كانت له علاقة بأمراء عصره خاصة الأمير اعل ولد محمد لحبيب، وكان مهيبا رزق القبول والعظمة في القلوب، وذات غارة لجيش تابع للأمير إعل ولد محمد الحبيب على أسراح في إيگيدي نهب الجيش فيما نهب حلائب لابن عم البيطورة سيدي الفال بن باني " بَبّـاه "و كان مـن حملـة القـرآن ومـن أطبـاء بنـي ديـمـان، فقصد البيطورة الأمير اعل ولد محمد لحبيب لاسترداد المنهوب، وحين رآه اعل قادما وهو الذي لا يتعتّب أبواب الأمراء، قال لأحد أعوانه انظر مالذي أتى بالبيطورة؟!
وحين أخبروه أنه جاء في أمر إبل نهبت من الحي، أمر برد جميع المنهوب إكراما للبيطورة وطلب منه أن يؤذن له في خيمته.
وذات مرة سئل الأمير اعل هل تحب أن تكون مرابطا؟
فقال: لا ، إلا إذا كنت سأكون مثل البيطورة.
وكان البيطورة لورعه لاينكر نسبه الشريف لكنه قال لبنيه "لانريد مكانة الشرف في الدنيا بل في الآخرة"ويروى مثل ذلك عن ابن عمه بَبّاه بن باني.
كان البيطورة طويل القامة جميل المحيا وسيما، وعرف بالحلم وكمال العقل، اشتهر بكراماته الكثيرة وخوارقه العجيبة.
واقترن اسم البيطورة بالجود، وذاع صيته بالكرم وبه عرف في كل مكان وصله ذكره وتركه شنشنة معروفة باقية في عقبه "آل ابّا مختار" تحركت بها السنة الشعراء وجادت بها قرائحهم.
ويروي المختار ولد حامد في موسوعته عن العالم الجليل مختارات بن محمذن بن محمد فال بن عبدي :
" كان البيطورة رجلا فاضلا لايترك الطهارة في صحة ولا مرض، عالما يتلو القرءان آناء الليل وأطراف النهار، وليا مشاركا في فنون العلم من قرءان وحديث وعقيدة وفقه وسيرة وتصوف وغير ذلك، كثير العبادة، جوادا سمحا، يحب المساكين والفقراء والأيتام ويكرمهم ويجالسهم ولا يأنف منهم، وقد ضرب بصدقته المثل فقيل "أكثر من صدقة البيطورة" وكان كثير الصوم ويتصدق بفطوره غالبا وكان كثير الكرامات مجاب الدعوة مجرب زوره في كشف البلاء، وعرف بكثرة العبادة والصلاة ".
وما ذكره العلامة المؤرخ ابن حامد أشار إليه إليه العلامة الورع القاضي محمد سالم بن المختاربن المحبوبي بقوله:
فالعالم السنـيُ زيـن العابدين:: من فاق الأقران بعلـم وبدين
قد كـان وردُه مـن الصـلاة :: مائة ركعة عـن الثقاتِ
ومن كراماته انه ما أذّن قط إلا ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما يشير إليه العلامة الجليل أحمدو ولد التاه ولد حمينَ:
وإن يؤذن عاينَ النبيا :: صلى عليه ربه مرضيا
كان كثير القراءة للقرءان جيد الخط ينسخ المصاحف كثير الحفر للآبار، كثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكان زكي الرائحة ولم تكن العطور متوفرة حينها ويقال إن كثرة صلاته على النبي أكسبته "زين الريحه"، وكان ورعا يزن الأمور بميزان الشرع وإلى مكانته وانفاقه وعلمه وحلمه وكمال عقله يشير العلامة المحقق المختار ولد المحبوبي في تأريخه لوفاة ابنه ماهي بن البيطورة :
وعام "لام" ...
وموت ذي العلم صفيِّ الله :: حلفِ العلوم والتُّقاءِ ماهِ
سليل من قد فاقَ فى الآفاقِ :: بكثرة الإرفاق والإنفاقِ
على بني غبراء والأرامل :: والعلم والحلم وعقل كامل
أعني به العلامة البيطورا :: لازال من سحب الرضى ممطورا
من كان خلَّف لدى فَنائه :: بيتاً يلوحُ الخير من فِنائه
به بنون سادة أهل سخا :: وعرضهم لمّا يدنسهُ طخا
وعن كراماته يروي المختار ولد حامد في موسوعته عن العالم الجليل مختارات بن محمذن بن محمد فال بن عبدي كذلك:
ومن ذلك أنه كان مع ابنه محمد محمود في بيداء وعندهما بقية ماء في شنة فأراد محمد محمود أن يورد فرسا عنده خيفة أن تسقط حملها فقال له البيطوره صب لها بقية الشنة فقال إذن نعطش قال له صبلها
 فصب لها فشربته كله، فما برحا أن سقطت عليهما مزنة شربوا منها وسقوا دوابهم و ملؤوا أوعيتهم ولم تجاوز محلهم الذي كانوا فيه.
ويضيف العالم الجليل مختارات بن محمدذن بن محمد فال بن عبدي :
"وعن الثقة أنه لما توفي البيطورة كانت الليلة مدلهمة فيها رذاذ فلما حملوه أضاءت لهم كالنهار حتى فرغوا من دفنه، وكانت وفاته عشية يوم الإثنين 20 صفر 1313هـ الموافق 12 اغسطس 1895م ، عن ثلاث وتسعين سنة ودفن في " انتوفكت"، وخلف البيطورة من زوجته امباركه بنت سيد أحمد بن ألمين من أولاد أشفغ حيبل أبناءه : محمد محمود وماهي والسيد ومولود فال"إمّوّ"، وبناته : ميمونة وأم الحسن وحاجة .
وقد أشار العلامة الفاضل ببكر ولد محمذن ولد احجاب في منظومته تحقيق الأستاذة خديجة بنت الحسن التي وصفت البيطورة بشيخ الناظم، يقول ابن احجاب:
وسشيج مات به البيطورا :: وأودع الأطلال منه النورا
والمستوي أنجاده والغورا :: وكل من كان به معمورا
غادره متوجا محبورا :: لايختشى تعطيله الدهورا

كامل الود

أشفغ أوبك بن أشفغ مگر التامگلاوي


يؤثر عن الولي الشريف سيدي محمد الصعيدي أنه قال:
دخل هذه الأرض قبلي (أرض الگبلة)  سبعة أولياء كمّل هم:
- أشفغ أوبك التامگلاوي.
- الإمام ناصر الدين.
- ياندگسعد الجد الجامع لقبيلة تاشدبيت.
- حمدي بن الطالب أجود الشريف نسبا الحاجي وطنا.
- محمد بن المختار بن محمد السعيد (محمد اليدالي) علما.
- محمذن "آب العلم" بن المختار بن أشفغ موسى الموسوي.
- المختار بن أشفغ حيبلّ.

عرف الشيخ الولي أشفغ أوبك بن أشفغ مگر التامگلاوي بالصلاح والكشف وهو الكبير أبو الكرام الكمل، وأبو البنات وهن حرز المنزل.
فقد كان من المعروف لدى الناس أن أسماء بنات أشفغ أوبك أمن وحرز للمنزل، وكان أشفغ أوبك يرقّص بناته وهن صغيرات، فكان حين يرقص ابنته "هيتيا" يقول:
إني أجد ريح الجهاد فأنجبت الإمام ناصر الدين وشقيقه محمد منير الدين.
وحين يرقص ابنته "تنغوس" يقول:
إني أجد ريح السم فأنجبت له ربيب الأفعى الشيخ حبيب الله نالمختار الألفغي صاحب رقية السم هو وبنوه:
وصاحب السم حبيب الله :: فلا تكن عن زوره باللاهي
وحين يرقص ابنته "حنانه" يقول:
إني أجد ريح القضاء فأنجبت القاضي المختار بن أشفغ موسى وتسلسل القضاء من بعده في عقبه.
وحين يرقّص ابنته " فاظمة" يقول:
إني أجد ريح الكشف فأنجبت خالنا ابن الفاضل الأبهمي جد العلامة امحمد ولد أحمد يوره الذي انترش عن ذكره فكنّى عن ذلك بضيق نظمه، يقول امحمد:

عجْ بالكبير أبي الكرام الكُمّل :: وأبي البناتِ وهنّ حرزُ المنزل
فولدنَ كلَّ مجاهدٍ ومشاهدٍ :: سرّ الغيوب وكلَّ قاضٍ أنبلِ
مثل الذي بسيوفه وزحوفه :: ردّ الأنامَ إلى السبيل الأعدل
وشقيقِه نعمَ الشقيقُ محمدٌ ::وردَ الحِمام مع الرعيل الأول
والمشتفَى ببروقِه وبريقه :: من كل ذِي حمة وداءٍ معضل
والموسويون الألى قد فصّلوا :: فصلَ القضاءِ بكل حكمٍ فيصل
والنظمُ ضاق ببعضهم فحذفته :: ولربما حُذف الذي لم يجهل
ثم الصلاة على النبي محمد :: خيرِالأنام ووصلةِ المتوصل

قال العلامة أحمد بمب بن أحمد بن الأمين بن العاقل في "الصلة المبرورة" شرح شعر ابن أحمد يوره معلقا على أبيات امحمد هذه :
"البعض الذي حذف هما العالمان الوليان الشقيقان خالنا وحوبك ابنا الفال بن المختار .... "
وقال الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف في كتاب أنساب بني أعمر اديقب:
"وقد سمع جدنا الشيخ أحمد بن الفاضل منشدا ينشد في النوم:
بناصر الدين الذي بأوبك ::  يدعونه وخالنا وحوبك
وهينيا حنان بدر الحلك :: تنغوس أيضا زكت فيمن زكي
فهؤلا بنات أشفغ اوبك..
وحوبك المذكور من العلماء الصالحين دفين تشكركر يقول العلامة محنض باب بن امين في نظم مدافن الديمانيين:
وعد حوبك سليل الفاضل  :: حفيد عثمان أخا الفضائل

وقال العلامة أحمذ ولد زياد في تذييله لنظم المدافن:
وزر بتشكركر أبا ذا من بكى ::  لسمع صوت في الصلاة حوبكا
يشير قصته المشهورة مع شيخه ألفغ المختار باب اليدالي وأوردها العلامة أحمدّو ولد حمينَ في بغية السائلين وهو نظم له في أنساب اليداليين وهو الذي يقول فيه:
وكافل الابنا بعد شربب حلها :: ومقرئهم ما جاء ضمن الصحائف

كامل الود

الأحد، 5 أغسطس 2018


الوُرْگِيَ



منشور كتبته قبل مدة، نسخه أحدهم حتى إذا بلغ دُوين الصفا اللائي يلين (كامل الود) أوقف النسخ وألصق المنسوخ على صفحته دون عزو.
/
يضرب البظان المثل بوَلّتِ الوُرْگِيَ للشيء الذي لايتكرر، فالوُرْگِيَ غزالة تلد مرة واحدة ثم تطول قرونها -كما صحح لي الزملاء- فلا يمكنها التزاوج بعد ذلك.
ومن أشهر گفان شور "يلالي مغلاك اعليّ":
ماگطْ انذكرتْ وانْجَبرتْ :: نيثِ كيفكْ بعد انتيَّ
وِيلَ عادت گط انذكرت :: وانجبرتْ، وَلّـتْ وُرْگِيَّ
وفي ذات الشور يقول الأديب الكبير حماده ولد الدمين رحمه الله:
جيداره حسك وامحَسكْ:: عن حسك نهولْ دخليَ
والحسْ إلّ ماهُ حسك :: عن حسو نغلك وذنيَ
ومما قيل فيه للفنانة النعمة بنت الشويخ:
مجموع إل خالگ من غيد :: فيه النعمه فوگانيَّ
و النعمه ما تعطيها ليد :: العربيّه للعسريَ
وقال فيه الفنان الكبير محمد يحي ولد البوبان: 
راخي كنتْ ؤعهدي مرخِ :: غير احكمتْ اغلاكْ انتيَّ
بيديَّ، وانَ ما نرخِ :: شِ فتْ احكمتُو بَيديَّ
وقيل فيه:
ماكِنِّ غيوان امخالف :: خلانِ بيناتْ الحيَّ
مانِ ميّت غَيرْ الواگف :: عندْ الموتْ إراعِ فيَّ
وقيل فيه:
البارحْ فالظلمه مسقوم :: ريت امرَه واخْطاتْ اعلي
واصبرتْ إلها، يَغيرْ اليومْ :: اعوينتْ بَو بوها هيَّ..
ومما ذكرت فيه الورگي قول الشاعر في" المگفي":
مانك طفله زينه تشتد:: أخبارك حَتَّ يَنّقصَد
أسنيناتك كُمزَ فبْلد :: وأوجيهك كيفت لوگيَّ
راصك شعثان أومتلكد :: وأظفيرك فرْ أتكَرزيَّ
وابلا بدلَ تلمعْ فالخَد :: وابلا تسبيح ؤُلاَ لَيَّ
وامليحَفتك دخنَه من گد :: الرا صْ ؤلاهِ مسگيَ
ءُ خيمتكم مايدخله حد :: واجبارك (وَلّـتْ وُرْگِيَّ)
وأمعَ ذ كامل من لنواع :: إلِّ نبغِ بعد انتيَ
وانتِ هيّ طب التلياع :: وأنتِ هيّ وانتِ هيَّ

كامل الود

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...