السبت، 8 مايو 2021

 بين السفح والجبل



ربوع تگانت حيث الطلل الناطق بالشعر والشجو، وحيث الجمال و أكمام النخيل والقصر المشيد وحيث المتيم المعلل بالنسيم وبالنشيد.

وعلى خطى ول آدبه: الرشيد إحيَّاكْ و أشْوِي وتيمجيجات و الحرج وأم اطبول وأشاريم وتنيامن وأرْجِ و وإدوجن وانواشيد ولحويطات، إلى انبيكه إلى تخوم المجرية بموقعها الجميل بين الكثبان الرملية و السلسلة الجبلية.

إلى الجبل الأشم "أشتف" الذي يرتفع 700م فوق سطح البحر، و"انبيكه" بجمالها الخلاب و بواديها الجميلة " تامورت أنعاج " وخزان "كانكارا" وحوض "مطماطا " ذي التماسيح البحرية التي تعيش على مياه الأمطار المنصبة من أعلى جبال تكانت.
إلى "الواد لبيظ - لدندان" حيث "لكصور و" السهول والهضاب، والأودية والبطاح إلى سبخة "أشاميم" إلى أقصى جنوب آدرار (ظلعة الشعرانية) على ضفة منخفض "الخط" الفاصل بين آدرار وﺘﮕﺎنت

في هذه الربوع نبت الشعر على الطلل وتفتحت أكمام الموسيقى فتعانق النغم واللحن والكلمة.
قد يُطْلِعُ الحَجَرُ الصغيرُ براعماً :: وتسيل منه جداولٌ وظلالُ

الفتى الأديب محمد ولد ودادي رحمه الله، عاش أربعين سنة ونيفا في وطنه تگانت وذلك مابين 1860 و 1908.
أحبّ فاطمة بنت الحامد، وبعد أن عقدها وقبل أن يدخل بها ذهب في رفگه وترك الحلة في ربوع تندمكِ وبعد عودة الرفگه لم يجد الحي في ربوع تندمكِ حيث تركهم وشاهد ضريحا بسفح الجبل فقصده.
وحين وقف عليه وجد حجرا نقش عليه اسم زوجته فاطمة بنت الحامد فترجل عن فرسه وقال:

ألا فاربعنْ بالربع من سفح تندمكِ :: وفي كل ربع من مرابعها فابكِ
فنزراً به صونُ الدموع كأنه :: تَحَدّرُ منظوم الجمان من السلك
لئن كان في الأيام ملهى ومشتهى :: ففيها ، وإلا عدّ عنهن للنسك
لعل مُضاعَ العمر في اللهو والصبا :: يبَدله حسنا إلهك ذو الملك

ومع شعراء تگانت تتجول بين باسقات من القوافي وارفات الظلال ومن طيب شهي المجاني إلى أطيب..
يقول الشيخ أحمد ولد آدب:
أضرُّ الشيء بالقلب العليلِ :: هديلُ الورق تهتف بالهديلِ
كذاك إذا يئلُّ البرق وهناً :: فويلٌ للعليل من الأليـلِ

ويقول الداه ولد سيدي الأمين ولد أحمد الكنتي:
غرامي بالرحال على الجمال :: تحط لدى الخيام على الرمال
وانتظر القدوم لماء بئر :: سيقدم بالرواح أو الزوال
ولا سير السفائن في اشتعال :: ولا دور الضياء مع الزلال
وأذكر بالنحيب خيام قومي :: بأنحاء الرشيد على التلال
وأنحاء الأضاة فإن دمعي :: عليها اليوم منطلق العزال
تجوب بي النجائب وسط نجديْ :: أشارم في اليمين وفي الشمال
إلى أم الطبول وكل هضب :: إلى وادي انكديِ وذي السيال
سلامي والسلام له حروف :: بماء الدر تكتب للوصال

ولئن اتبعت سبب القصيد فسيوصلك إلي تخوم شمس المعاني حيث تجدها تطلع على قصائد تأوي من الجمال إلى ركن شديد..
يقول امْحمد بن الطلبة الأباتي:
قد أيقظت دمن قفر مرابعها :: تليد ماضي الهوى ونائم الشجن
يا عين جودي بما قد كنت صائنة :: من الدموع على تذكار ذي الدمن
هذى منازلنا وذي مـــنازلنا وتي :: منازلنا فـي سالف الزمن
العينَ فالنّيرَ فانجيْلاَنَ يا عجبًا:: صارت مراتع أهل البحر والسـفن

وهي مواضع تقع على ضفة منخفض "الخط" الفاصل بين آدرار وتگانت.

وله:
ألا ليت شعري هل أبِيتن ليلةً :: بخيْرانَ إذ هَضْبُ الظِّباء حذائي
وهل ترينْ عيني لأﮔْشَــطَََ مَرةً :: وفي رَمْل ﻟََﻌﮕﺎلِيَ كان شفائي
بلاد بها قَطّعتُ نَظْم تَمائمي :: وجرّبتُ فيها للشـباب رِدَائي
لياليَ يدعوني الهوى فأُجيبه :: وحيث له أدعو أجاب دُعائي

ونحن على ثنية الوداع نقف عند ربع عزة الشعراء محمد الأمين بن ختار الجكني رحمه الله.
لقد شاع عنه ولعه بـ (لخصاره) بنت إچّ ولد محمد محمود زعيم أولاد سيد الوافى من "كنته" وكانت بارعة الجمال يقول فيها وكانت من شِحاح الغواني:
ألا ما (للخسارة) لا أراها :: على قرب المكان ولا تراني
إذا طلب الشجيُ لها وصالا :: أبته باللسان وبالبنان
وكنت إذا طلبت لقاء ليلى :: وسلمى بالمراد أجابتاني

له في أشاريم :
أشارم إن فيك لنا غراما :: وريما تستحق به احتراما
ونزهة جيرة ولذيذ عيش :: وعهدا لن يضار ولن يضاما

وله أيضا:
إذا حن مشتاقٌ إلى أرضِ أهله :: فشوقي إلى أرضِي تكانتَ أبرَحُ
أَحِنُّ إلى أرضي تكانتَ إنها :: أَحبُّ بلاد الله عندي وأملحُ
إذا زرتها قرت بها العين واعترى :: بها القلبُ شوقا لايزالُ يبرحُ
تُذَكِّرُني عهد الصبابة والصبا :: وعهدُ شبابٍ فيه قد كنت أسبَحُ
فَتِلكَ بلاد بارك الله حولها :: ومسقطُ رأسي وهي للخير أرجحُ
إذا زُرْتُهَا ترتاحُ نفسي من الأسى :: ويطربُ قلبي في رُباها ويَمْرحُ
تَهُب بها الأرواح من كل جانبِ :: فتصفوا بها الأرواح والهمُّ يُطْرَحُ
مسايِلُهَا خُضْرٌ وشمٌّ جبالُها :: وكُثبانُهَا من كُلِّ نَبْتٍ تُوَّشَّحُ
وساكِنُها يحظى بأنعمِ عيشة :: يروح على ما يشتهيهِ ويصبحُ
فَلِلْعَينِ في رياضها مُتنَزِّهٌ :: وللقلب تذكار وللنفس مسرحُ
وما هي إلا جنةٌ عند أهلها :: على ظهرها بابُ المكارمِ يُفتحُ
فنفسي لها ترتاحُ إن رُمتُ زورها :: وقلبي لها دهري يسر ويفرحُ
ونجبُ الهوى إن أنت يممت أرضها :: سوابقٌ في تعزائها وهي رُزَّحُ
ولم أرى أرضًا غيرها لي مسرحا :: ولكن حكم الله أقوى وأرجحُ
ولم أرَ في الأهلين أهلا كأهلها :: ذكاء؛ فهم أذكى وأسمى وأسمحُ
وَبي من هواها ما أضنُّ بِشَرْحِه:: وما كل شيءٍ عز للناس يُشْرَحُ
رشحْتُ بما عندي لها من مودَّةٍ :: وكل إناءٍ بالذي فيه يرشحُ

وله في الرشيد:
فتى يمسي ويصبح في الرشيد :: يعلل بالنسيب وبالنشيد
وأكمام النخيل تريه زهوا ::على جنبات ذا القصر المشيد
يحن لأهله وفضول مال :: لعمر الله لم يك بالرشيد

ولئن عبر الشعر عما جاش في الخاطر فإن التعبير الأوفى كان للشعر الحساني (لغنَ) الذي أبدع فيه شعراء كبار مثل ولد آب وول الكصري وبقية العمالقة..

أدرت شريطا من الشيخ ولد آبّ رحمه الله

وطويت الدجى أسائل نفسي :: أبسيفٍ أم وردةٍ قد رماني

كامل الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...