الأربعاء، 19 يناير 2022

 محمد اليدالي بن دَنّ اليدالي



بيت أهل زين العابدين (دنّ) بيت وسط في العشيرة من إدوداي، معترف له بالسؤدد والفضل والكرم وحسن الخلق والبذل، سارت بمدح أهل دنَّ الركبان وجادت بالثناء عليهم لسن المجيدين من الشعراء والأفاضل، ومن ذلك قول العلامة الجليل والأديب الكبير نافع بن حبيب بن الزايد:
فما مكفهرات مَرتها يدُ الصَبا :: يكادُ يزيل الرّاسيات هَتونُها
تقاس بأبنَا (دنّ) نائل راحة :: على حينِ خذلان الشِّمال يمينُها
وما دَنّ الاّ لفظةٌ أصلُها النّدى :: فأخِّرَ بعد الحذفِ للياءِ نُونُها

ويقول فيهم ايضا:
أرجّي قضاء الحاج من عند ذي العرش :: بحيٍ ثوى بين العقيلة والعرش
فما أتخطاهم لزور سواهم :: وواجدُ عذبِ الماء لم يعيَ بالنبش
لإنْ مَشَتِ الاجسامُ عن ذِي شِ مرة :: فما القلب بالماشي عن العرشِ بالغرش

ويقول فيهم العالم الجليل واللغوي الكبير محمدو السالم بن الشين:
إن الرّسوم التي تبدو على عقد :: من ذي الأنيقد قد هيجن من كمدي
إني تيممت ءال الزين فاصطبري :: من كل لا لحز جعد ولا نكد
ماذا تقولون في خال ألم بكم :: من صرف دهر وصرف الدهر ذو كبد

ويقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامد في البادة:
ولا كاليداليِ ابنِ دَنَّ وعترةٍ :: له مثّلوا الشيخَ السّعيدَ محمّدَا

ويقول فيهم العلامة الجليل والشاعر المجيد أحمد بن محمد بن ألْفَغَ خَيْر من قصيدة طويلة:
على ريع تندكسم لاحت معاهد :: كستها البلا غر الغمام الرواعد
إلى آل زين العابدين تغشمرت :: على النأي أشباه الحنايا المواخد
إلى البيت بيت العز إنضاء جسمها :: وتوديعها بالقفر والمخ بارد
بنوالسيد اليدالِ من شاع أنهم :: لهُم راسخٌ عز طريف وتالد
شواهدهم غر الوجوه وشاهد :: لهم صيتهم والمكرمات شواهد
وسيلتنا أعظم بهم من وسيلة :: إذا كربتنا المفظعات الشدائد
ترى الناس افواجا الى باب بيتهم :: لأقدامهم فوق المتان موارد
مشاة وركبانا تقل رحالهم :: عتاق المهارى اليعملات الصلاخد
ولولاهم تاشمش فقع بقفرة :: بهم فللت عنهم حداد صوارد
وأرسيّ عند الناس من أجل يمنهم :: لهم طود عز لايزلزل طائد

في ذلك البيت السعيد ولد محمد اليدالي (بدّاه) بن زين العابدين (دنّ) بن محمذن بن زين بن أواه بن العلامة الولي محمد اليدالي، سنة 1898 والحي إذاك عند بئر (اسبيخاتْ) الواقعة في الجزء الشمالي من منطقة إكيدي والتابعة آنذاك إداريا لمقاطعة المذرذرة قبل أن تضم إلى مقاطعة واد الناقة بعد انشائه.

أهل اسبيخات كما يقول الأمير احبيب رحمه الله لايعرفون (فحش الكلام) ولايقولون للناس إلا حسنا وفي تلك البيئة تربي ابن دنّ:
مغانٍ بذات الطبل لاغبها الحيا :: ولا غبَّ كُتْباً فى قماطرها تُقرا
ولا غبَّ حيَّ المطفينَ لغيظهم :: كظومين محبوبين زانوا لنا القطرَا
أولئك قوم ليس يشقى جليسهم :: ولا يظمأ الوُرَّادُ ماءَهم النَّمرا
وعاشوا قرونا علمهم ونداهمُ :: إذا ما هلال لاحَ منهم بدَا بدرا
ولا زال منهم عارف بمناره :: إلى الرشد يهدي من عن المنهج إزورّا

تلقى محمداليدالي تعليمه المحظري على يد والده الذي كان من أكابر الحفاظ والعلماء، كما درس على المقرئة ميمونة منت محمداليدالي، قبل أن ينتقل إلى أحمد سالم بن عبدالرحمن الذي أتقن عليه القرآن وأجازه فيه برواية ورش عن نافع.

بعد أن أكمل دراسة العلوم الشرعية انتقل إلى المدرسة الفرنسية في بوتلميت ودرس فيها في الفترة من 1912 إلى 1918، ولما تخرج منها رفض العمل في الإدارة الفرنسية التي كانت في حاجة الى المترجمين (إمالژن) ليعود الى الأهل حيث أنيطت به مسؤلية رآسة القبيلة بعد وفاة أخيه الأكبر محمدن (أبّهاه) الذي كان يتولى هذ المنصب ومنذ ذالك التاريخ وهو يسوس أمر القبيلة بحكمة وسداد رأي وجمال إيراد وحسن إصدار، إلى ان توفي رحمه الله.

عرف محمد اليدالي (بداه) بالاستقامة والورع والعبادة والجود والبذل والصبر والتجافي عن سفاسف الأمور وعلو الهمة والسيادة.

توفي محمد اليدالي بن دنّ رحمه الله تعالى ليلة السبت 10 ربيع الأول 1406هجرية الموافق 14 نوفمبر 1985.

وقد أرخ العلامة نافع بن حبيب لوفاته، فقال عاطفا على من توفي في عام 1406:
وفيه للرحمة سار عنّا :: محمد اليدالي نجل دنّا
زين بني زين اليداليّينا :: ووصفهم حسبهم تعيينا

كما أرخ الدكتور محمدن بن حمينّه لوفاته بقوله:
في سبت عشر من ربيع الأول :: في عام ستّة واربع تلي
لمائة وألف سار عنّا :: محمد اليدالي نجل دنّا

ورثاه بقوله
أياعين اسكبيه دما صديدا :: فإن الدمع قد أضحى زهيدا
فعند الخطب صون الدمع عار:: وهذ الخطب نحسبه شديدا
محمداليدالي اخو المعالي :: إلى المثوى السعيد مضى سعيدا
ولكنا على الخلفاء فينا :: حمدنا ربنا حمدا جديدا
بني زين الأولى كانوا أنوفا :: ومن جمعوا المحامد والحميدا

ورثاه علامة عصره وفريد دهره محمد بن أجدود:
أبعد الشيخ قائدنا الموالي :: ووالدنا محمدنا اليدالي
تروم إذا أبا وأخا عطوفا :: لقد رمت الطموح إلى المحال
لقد قاد القبيلة في صباه :: إلى أن مات منعدم المثال
وإحصاء المآثر منه يوما :: كإحصاء الحصاة من الرمال

ورثاه العالم الجليل أحمدو بمب بن ماهِ بن البيتورة:
نعى النُّعاةُ لنا رأسَ السعيدينِ :: أبا المكارم والأخلاقِ والدِّينِ
حازَ الرئاسةَ للأقوامِ في صغر :: حوى السيادةَ من زينٍ إلى زينِ
إذا ألَمّتْ بجَمع الحي معضلةٌ :: كان المُعَدَّ لها من غير تخمينِ
ولا تُعَدّ ولا تُحصى فضائِلُه، :: ولا مَكارِمُه تُحصى بتدوين
خَطبٌ ألَمَّ ورزءٌ ليس فيه لَنَا :: إلا الرِّضا بقضاءِ الله في الحين
لو كان يُفدَى بملءِ الأرضِ من ذَهَبٍ :: كنا فدينا به رأس السعيدين
هم القبيلة لا يَشقَى جليسُهمُ :: مقالة رويت عن ناصر الدين
لكن بعترةِ هذا القطبِ سلوتُنا :: أصابعُ الشهدِ همْ شُمُّ العَرانين
أولاه مولاه إكراما و مَنزلةً :: في جنة الخلد في روضُ الرياحين
ثم الصلاةُ على المختارِ من مضرٍ :: من حازَ سبقا به خَتمُ النبيئين

في نقل حي عبر الإذاعة كان العلامة المؤرخ المختار ولد حامد (التاه) رحمه الله يقرأ عبر الأثير مراثي العلامة محمد سالم ولد ألما، حين وصل لقصيدة العلامة محمد فال ولد البناني (إمّفالْ) قال: والآن نصل إلى ربع عزة الشعراء..

ونحن هنا بلغة (التاه) نفسه نصل إلى ربع عزة الشعراء ونعقل القلوص عنده، ففي قصيدة (التاه) من مآثر (بداه) بلاغ وكفاية أغنيَا عن الاستفاضة.

يقول العلامة المؤرخ المختار بن حامدٌ في رثاء محمد اليدالي بن دنّ:
كأنّا يوم غاب البدرُ عنّا :: محمدٌ اليداليُ ابن دنّا
يتامَى أوأيامَى او ثكاَلى:: فنحن نحنّ من هَنّا وهِنّا
على رجلٍ عرفنا الفضلَ فيه :: فتىً حدثًا و شيخًا قد أسنّا
وفيه كذاك يعرفه سوانا :: مسناً كان أو رشأً أغنّا
فقد شهد الألوفُ له بخير:: به جزموا يقينا ليس ظنّا
كما رفع الألوفُ له ثناءً :: وطبعا ترفع الألفُ المثنى
فأما عن فجارِ فقد تناءَا:: وذلك ما نؤكده بإنا
وأما عند برةَ فاستقرتْ :: نواهُ وقرّ عينا واطمأنا
ولم يستهوهِ عبثٌ ولهوٌ :: ولا فتنته غزلانٌ شدنّا
ولا أوتارُ رباتِ المثاني :: ولا نغماتُ فنّان تغنى
وما كان ابنُ دنّ بمستكينٍ :: ولا عند المكارم مسْتكنّا
يجود بعَرضه المفتوح عيناٌ :: وبالمكسور عينا ضنّ ضنّا
فكانَ كحاتم مَعنىً ومَعْنٍ :: اذا بأبي عديٍ فلْيُكنّا
وتعرفه صلاةُ الليل مثنىَ :: وسائرُ ما من الطاعات سُنّا
الى شيّم لأسلاف الزوايا :: غرائز في اليدّاليين كنّا
بها هنأ ابنُ دنّ مداً مديدا :: وما فتئَ ابنُ دنّ بها يُهنّا
بهم وبهن كان لنا عزاء :: كأنّ عميدنا ما غاب عنّا
أفاض الله رحمته عليه :: ونوّر مرقدا فيه أبنّا
وخلده غدا وبلا حساب :: بروضات من الجنات غَنّا
له فيهنّ خيراتٌ حسان :: يجاور حورهن وعينهُنّا
وأكواب مملأة رحيقا :: وضعنَ له علي سُررٍ وُضنّا
وأنهار من العسل المصفى:: وخمر لذة لم تُوعَ دنّا
وبعد فمنه أجرُ الصبر خير:: لنا والله خير فيه منا
وكان أناخ بالإسلام خطب :: أجل غداة غاب المنحمنّا
عليه من السلام صلاة ربي :: تكون ختام مسك من لدنّا

كامل الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...