فتح
حدّث السيد محمد عبد الرحمن بن أوفى بن يحظيه بن عبد الودود قال:
أخبرني محمدٌ الملقب إگليگِمْ بن محمدُّ بن حبيب بن لمرابط محمذن فال بن متالي أنّ ابّاه (يحظيه بن عبد الودود) أخبره وكان الوقت ضحى بين الكثيب المسمى (الغرد الزين) والبئر المسماة (الشريعة) وكانت معهما مريم بنت ألمّا
أخبره من غير سؤال أن والده عبد الودود وأخاه عبد الله سافرا نحو تيرس ومرّا بلمرابط محمذن فال بن متالي عند (أطويلَه) وكان عبد الله مريضا فمدح عبد الودود لمرابط بشعر حساني: أي لغن. يزوره فيه لشفاء أخيه عبد الله وأخذ عليه ورد الشاذلية، وتمسك عبد الله بورد القادرية الذي أخذه عن الشيخ سيديا، وقد شفي عبد الله من ذلك المرض سريعا وتوجها إلى تيرس حتى بلغا إلى جبيل صغير يسمى (تيوليت) فتوفي عبد الودود ودفن عنده وبعد ذلك صرت أجد روحه وروح بنت له شقيقة لي بـ(انوعمرت) أخبرتني والدتي ديَّ أنها أخت لي أكبر مني ماتت صغيرة ودفنت بـ(انتمارد أكشللي).
بعد ذلك أتت والدتي إلى لمرابط محمذ فال بن متالي وقالت له إن لها ولدا من الرجل الذي تتلمذ عليه وأخذ عليه الورد في زمن كذا ومات. وأن ولدها به مرض الصغار ولعله (اصفار) وتحب أن يشفى وأنها تجعل أمره بيده فأمرها لمرابط بصنع (تينكت) له وهو سويق بعرق الحديد وقال لها إنه إذا صام سيَصحّ وكان الأمر كذلك.
ويقول اباه إنه لما بلغ ذهب إلى الحسن بن زين لتعلم النحو ونزلوا موضعا يسمى (تلبركات) فأتاهم لصوص وأخذوا نوقا للحسن بن زين وفداها ابّاه بدراعتين كانتا عنده وأعطاه اللصوص دراعة بالية فيها رائحة البارود وبعد ذلك أتانا رجل من أهل (إگدَيحيَ) آخر النهار سألناه من أين أتى فأخبرنا أنه أصبح عند حي لمرابط محمذن فال عند (العرگوب) فسكتُ وأضمرت في نفسي الذهاب إلى لمرابط.
فلما كان الغد توجهت إلى (العرگوب) ووصلته عشية ونزلت عند خيمة رجل يعلم القرآن الصبيان، ولما أصبحنا قال لي: اذهب إلى لمرابط وكان موجودا في الفروة. وكان المسمى محمد بن سيد أحمد الكنتي لا يترك أحدا يدخل عليه، فلما دنوت منه سألني ماذا أريد، فأخبرته بمرادي، فأخبرني بأن لمرابط لا يلقى الناس قبل طلوع الشمس، ولما سمعنى لمرابط قال : (ذاك ولد ديَّ ادخل) فدخلت عليه فسلمت فوجدته مستقبل القبلة فأدخل رأسي بين ثدييه بينه وبين لباسه وعرك أذني ووضع يده بين كتفي وقال لي اخرج، فقال محمد بن سيد أحمد: ( يا هذا مغلاك)!
فرجعت باتجاه أهلي وكنت عطشان لأني تعشيت بشيء فيه اشركاش ولم أشرب ولما صرت جنوب الحاسِ غشي علي قليلا بسبب لا أعرفه إلا أنني وجدت اشريحَه من اللحم وقدحا صغيرا فيه لبن والجزء الأول من التسهيل، فأوّلت اشريحه بشرح الصدر والجزء بأول تسهيل الأمر.
قال لي اباه -يضيف إگليگِمْ- ولا يخفى تأويل هذا، فشربت اللبن وأخذت الكتاب ووصلت إلى الحسن بن زين ومكثت فترة وكنت أسمع التلاميذ بعد ذلك يقولون يحظيه فتح عليه بعد عودته من عند لمرابط محمذن فال بن متالي.
ويواصل محمد عبد الرحمن بن أوفى بن يحظيه: أخبرني إگليگِمْ أيضا أن لمرابط محمذن فال لما بلغ ذهب مع ابن خالته أمغر بن حبيب إلى رجل من إكمليلن اسمه المؤيد بن مصيوب وكتب عليه محمذن فال درسا من رأس آجروم ولم يفهمه أولا فرجع محمذن فال إلى معلمه ليفهمه الدرس فعالج ذلك جدا إلا أنه لم يفلح، فقال له المعلم: إنك لم تفهم فدع مكانك للتلاميذ الذين لهم أهلية في التعلم.
فخرج عنه وقد حزن حزنا شديدا فسأل ربه بهذه العبارة (اللهم ارزقني علما نافعا بلا سبب)، ونام فلما استيقظ من نومه وجد نفسه يعرف ما عند ذلك المعلم من المعرفة وطلب من صاحبه الذهاب إلى أهلهما وعادا إلى أهلهما وبعد ذلك بزمن مرّ المؤيد بن مصيوب المذكور بحي من تندغه فرأى عنده كثيرا من (اتهاله) فسأل عنه فقيل له هذا حي لشاب من تندغه يسمى محمذن فال فمر به فعرفه، فأحسن لمرابط مثواه وقرأ عليه المؤيد المنطق والبيان وذهب.
يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامد: إن لمرابط محمذن فال ولد متالي قال لوالدة يحظيه السيدة دَيَّه بنت محمذن: يحظيه إدور إعودْ أرْوَيّه، ويضيف المختار ولد حامد: ذيك ارْويَه صدرت منها مائة عالم..
ويواصل العلامة المؤرخ المختار ولد حامدٌ:
وقف اگليگم ولد محمدُو ، على ضريح شيخه يحظيه ولد عبد الودود(اباه)، فرأى الضريح وقد بني عليه عريش (تِهْلِي) منفرد ، وكان يعهد صاحب الضريح يوم كان حيا وقد أقام الطلبة حوله عشرات (اتهالَه)، فقال إنشاء وارتجالا:
أقولُ لَدُنْ رأيتُ ضريحَ شيخي :: ولا تُبقِي صروفُ الدهرِ حَيّا
لئن بُنيّ العريشُ عليكَ مَيْتًا :: لقد بُنيّ العريشُ عليكَ حَيّا
كامل الود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق