صناعة الوهم
من أرشيفنا أو من (اگعر الكناش لصفر) على قول الأخ الأديب :برهوم ولد برهوم
يقول ألكسندر كويري: “لم تعد الحقائق هي الحقائق، بل صارت مجرد تأويلات تخدم إستراتيجيات معدة سلفا. لم يعد الإنسان يعشق أن يرى الأشياء كما هي، بل صار يهوى أن يرى الأشياء كما يتوهمها ويؤولها ويقرأها قراءة ذاتية”. من هنا يبدأ الساسة صناعة الكذب وانتاج الوهم ليكون ضحيته الحاكم قبل الشعب، ينضاف إلى ذلك أن كرسي الحكم يرسل للجالس عليه نداءات خفية توهمه بأنه الوحيد المخول للحكم وبأنه منة من الله أرسلها لهذا الشعب المسكين لإنقاذه وأنه القائد الملهم في حين أنه ليس ملهما بل هما فقط يؤرق الشعب والوطن، يلقي الخطاب لا يلقي له بالا فيطير به عنه كل مطير مابين شارح ومحَشٍ فتكثر الطرر والشروح والحواشي وتسير قوافل الشارحين إلى مقاطعات البلاد ومدنها وقراها فتتضافر نداءات الكرسي مع وسوسة المتملقين فيتوهم الحاكم أنه من التولى يوم الزحف تنازله أو تنحيه. وحين يزاح الحاكم يدرك ولات حين مناص أن الأمر كان صرحا من خيال فهوى، مما أضحك الرئيس المختار ولد داداه وهو الذي قيل له أيام حكمه إنه باني الوطن وأمين الأمة وابنها البار: بحق الكتاب وحق الوطن:: سنكتب ما قد محاه الزمن دعانا الأمين لحزب حمى:: قديم العهود و وحيَ السما بذلنا الجهود وكنا يدا :: وجئناك لما سمعنا الندا وقيل له: الله أكبر قد أحسنت يا باني :: بنيان أندلس أم أي بنيان مختار يا باني الأوطان من عدم :: أجب سؤال دهيش الفكر حيران أهذه إرم الفرقان تنشئها :: بناة جن بأمر من سليمان أم قصر إشبيليا أيام زهرته :: ترنو له العين في حسن وإتقان أم هي باريز في ريعان نهضتها :: تنحو حضارة نابليونها الثاني يا حسنها طرقا سودا معبدة :: تمتد شرقا وغربا بين عمران كأنما قطع الزاجات هندسها :: فنان رومة أو فنان يونان تكاد تخطف بالأبصار لامعة :: كأنما طليت بزيت دهان شكرا لماجدنا المختار سيدنا :: يخطو فينعشنا آنا ورا آن أتى لمنطقة انواكشوط بائدة :: مسلوبة العيش في ضيق وأحزان بالعزم عمرها نصحا وحضرها :: حقا فلا كاسل عنها ولا وان فدتك نفسي من بان يرنحني :: بحسن وضع وأبراج وألوان سقتك عاصمة الأوطان غادية :: بوابل من غمام الودق هتان كم في نواحيك من نور العلوم وفي :: تلك المعاهد من حور وفتيان ! وقيل له: هاذ منظيمت لشعار:: كانت شور افديرك وأطار وانواذيب تگبظ لخبار :: واتشوف الهيه الرعيه عاگب ذ من گلت لمطار::وافگحط الهيه البادية جفت لرض ءلا راتْ اخظار:: وافنات ء عادت منسيَ اتحرك تخمام المختار:: وانتَشاتْ الجمهوريه واتل ينشيه من لغيار :: هي ماكانت منشي لول فيه استبدَ عقار :: تيرس لبعيد ء لودِيَ واحديد الكديه والطيار :: والسفون إلّ ملگيَ والسبتَ اگواربها كل انهار::دفّاعْ افذيك الناحيه ء عاد الجلب ءُعاد أمكطار :: والحوت ء ريحت لگليه وانسات الباديه لخظار :: و انسَ لخظار الباديه هون الحگ اغلبْ لعتبار :: ما عبّرت الرافد بيّ عاش الشعب ء عاش المختار :: ء عاشت زاد الجمهورية مما أضحك الرئيس المختار ولد داداه غب الانقلاب أن بعض بعض الأسماء التي كانت قبل أسابيع تسبح بحمده سمعها عبر المذياع تصف عهده بعهد الظلم والرشوة والخيانة فكانت رسالته للمنقلبين هي أن لايغتروا بذلك ، حيث كتب في مذكراته "موريتانيا على درب التحديات": إن انتهازية أصحاب رسائل المساندة التي بثتها الإذاعة تذكرنى بنموذج مشابه لأحد الانتهازيين تضمنه بيت من الشعر الشعبي (ﮔاف) يقول صاحبه: سِيدِي ذَاكْ الجَاكُمْ :: فَاتْ اگـبَلْكُمْ جَانَ وَاسْوَ عَادْ اَمْعَاكُمْ :: وَاسْوَ عَادْ اَمْعَانَ وكان المختار قبل الإطاحة به قد طبق الشريعة الإسلامية، فكانت تتوالى برقيات التهنئة وملتمسات التأييد والمساندة على الإذاعة، ومن ظرافة العميد محمدن ولد سيدي إبراهم رحمه الله أن أحد الشعراء جاءه بطلعة في الثناء على تطبيق المختار للشريعة ، وبعدها بقليل جاءه نفس الشاعر يحمل طلعة تؤيد الانقلاب ولم تكن طلعته الأولى قد أذيعت لكثرة الوارد ، فقال له محمدن بظرافة انسبگو أي اطلع وهو ما أغضب الشاعر. في حكم هيدالة كانت تعقد أسبوعيا حلقة صباحية في الإذاعة بعنوان “حفلة الأسبوع” ينعشها الأديبان بوكي ولد اعليات وساليمو ولد إعيدو وكوكبة من الفنانين، وكانت مخصصة لمدح ولد هيدالة والتطوع والتقشف وتطلاع الگاف: ماهِ معقولَ حك اگبالْ :: يتقشف رئيس الدولَ ءُ بعض الناس ايبذرْ فاموال :: الدوله ماهِ معقولَ والأغاني تصدح: يحدْ اتسوّلْ تجّولْ :: عن كيف الرجالَ حالَ راعِ محمد خونَ ولْ :: هيدالَ كيف الرجالَ والهياكل ضمان تهذيب الجماهير ونداء الرابع والعشرين من إبريل لأعمال التطوع الذي انطلق من تقاطع الرابع والعشرين المعروف الآن: عند امنين اسمعناه:: يالرئيس الشهير نداءك لبيناه :: ء جيناهْ اسغير اكبير الهياكل ضمان تهذيب الجماهير.. أبدى العدالة بين الناس هيداله :: لما تيقن أن العدل أجدى له هاذي التراحيب لا أحصي لها عددا :: هيدالَ تُهدي لكم والوفد تهدي له وقيل له أدال من كل طاغوت فلا دالا :: حكم الفتى الماجد الميمون هيدالا تم الانقلاب على ولد هيدالة وأودع السجن ولم يبك عليه أحد، يقول في مذكراته: “في سجني كنت أستمع إلى الإذاعة فاستغربت الحملة التي تكال لي، وأغرب من ذلك أنني سمعت ممن عمل في مناصب سامية في الإدارة الإقليمية يقول أنني كنت أظن أنني كل شيء ولا أهتم بمعاوني ولا بالمواطنين وقد ساءتني هذه الحملات جدا” جاء معاوية في 12 من دجمبر 1984: دجمب وافى طالعا يتبختر :: تغني له الأفلاك والكون أزهر دجنبر مرحى فالرؤى تلد الرؤى :: مجنحة تحنو إليك و تعبر طلعت طلوع الفجر و الليل نائم::و سرت مسار البدر يعلو و يكبر و إنّ رجالا قرّبوك لفتية :: ستذكرهم أيامنا حين نفخر وقيل له: “أبا أحمد” فجّرت نبع دجنبر :: فأرويت ظامي المجد و المجد مربع “أبا أحمد” حرّرت شعبا مكبلا :: فأضحى على سامي العلا يتربّع “أبا أحمد” مرحى فعش متفرّدا :: على قنن التاريخ تسمو و ترفع “أبا أحمد” شنقيط و المجد وسمها :: على هامك المرفوع بالخلد يطبع تبايع فيك الابن و القائد الذي :: على يده الآمال تبنى و تصنع أبا أحمد “شنقيط” أعطتك سرّها :: و إنك للأسرار أهل و موضع أبا أحمد فاهنأ بعيد دجنبر :: فدهرك أعياد و مدحك مطلع وقيل له: ألا أيها الآتي مع الفجر ومضة :: تبدد عنه الغيهب المتبلدا على القدر الموعود كنتَ دجمبرا :: و كنتَ لأ عياد الكرامة موعدا تهوّم في الآفاق أعراس بهجة :: بها ادرع الشعب البشائر و ارتدى لك الله إما كنت لله فانطلق :: وعش للعلى, للمجد, للحق للهدى تبوأ مكينا ما تشاء من الذرى :: على دربك الميمون, لا تخف العدا وقيل له: معاوي عدل ياسر .. لكتاب فاخبارو ذل .. الخير جان بامجيكم وعاشت أذنه على مدى 21 سنة وخيل له من سحرها أنها تسعى و أوحى إليه شياطين الإنس زخرف القول غرورا حتى صدق ما قالوا وحين انقلب عليه رفاقه، قال بالحرف الواحد للهادي الحناشي في الرد على اتهام مصفقي الأمس لنظامه بالفاسد قال: هذا النظام الفاسد ضمن حرية تعددية لجميع الأحزاب يمارسون أعمالهم وجميع المواطنين ونحن نقوم بحملات من أجل المعرفة للجميع ومن أجل محاربة الأمية, ومن أجل محاربة الفقر, وغير معقول هذا الكلام لايصدقه أي موريتاني ولا أي مراقب لما يجري في موريتانيا.. كان معاوية رغم حصافته وما يشاع عن ذكائه مصدقا لهذه الأوهام التي كانت تلقى في روعه من المطبلين منذ خطاب النعمة التاريخي وحتى الإطاحة به والدليل أنه عددها بعد الإطاحة به كدفاع عن حكمه. كـلُّ عامٍ نأتي لسوقِ عكاظٍ :: وعـلينا العمائمُ الخضـراءُ كـلُّ عامٍ نأتي.. فهذا جريرٌ :: يتغنّـى.. وهـذهِ الخـنساء ذات مجلس حضر الأحنف بن قيس عند معاوية بن أبي سفيان فقام رجل من أهل الشام ولعن عليا ولم يتكلم معاوية فنهض الأحنف وحمد الله وأثنى عليه وقال لمعاوية لايغرنك أهل الشام فلو علموا أن في لعن الأنبياء رضاك لفعلوا وأنت أدري بأبي الحسن منهم وما أبو الحسن إلا من قد عرفت .. فبكى معاوية وعرف الحق .. / قيل إن من دلّى (حبال تِتاركْ) لعزيز هو يحيى ولد حدّمين فكان يقرأ في أذنه أن يعجّل بالأوبة لأن الوقت في صالح غزواني وأن الناس بدأت تقتنع بأنه صاحب رأس المال لا الوگاف ، فجاء الرجل يسعى .. ولو أنه صبر حتى ينعقد مؤتمر الحزب ولعب بتؤدة وذكاء ، لكان ربما بنى شيئا يتكئ عليه بوصفه رئيس حزب وله صفة يعمل بها لكن ولد حدمين دلاه بغرور ، وكما يقال: إِذَا لم يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتى :: فَأَوَّلُ مَا يَجنِي عَلَيهِ اجتِهَادُهُ نسأل الله التوفيق والعون اللهم ارزقنا البطانة الصالحة و وفقنا لما تحب وترضى وخذ بنواصينا إلى الحق.
كامل الود
|
السبت، 14 ديسمبر 2019
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
/ ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...
-
المديح النبوي الله سبحانه فرد بلا شبه :: والعقل دون بلوغ كنهه وقفا وغير ما اتصف الرحمن جل به :: من الكمال به خير الأنام صفا هكذا حد...
-
كنا بمدرسة "المبروك" آونة يقول العلامة القاضي محمذن ولد محمد فال "امّيَيْ" علما: "لو كان للأئمة خامس لكان الم...
-
إذا شدت قال ربات المزامر: "كُمْ" فاطمة السالمة بنت البُبّان فنانة عصرها بلا منازع طبقت شهرتها الآفاق وضرب ال...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق