صديقنا المريد
قال لي مرة لابد أن أصبح شيخا وأكون من أهل السر وتنهال علي الدنيا فتذكرت قصة المامي ولد مگيه مع الشيخ سيدي محمد.
كان الشيخ نازلا في انواكشوط عند أهل مختارنا في مقاطعة لكصر وقد غص الصالون والبهو بالمريدين وكان المامي يتنكب بندقيتة ومر على الدار ولاحظ المشهد ، ولمعرفة الأمر أكثر سأل أهل بيتگ من أهل لخيام عن الأمر فقال له كبيرهم:
هذا راجل صالح وخيرت بيه
فسأله المامي وكان دافرا: يعطِ الدنيَ؟
فقال كبيرالقوم: يعط الدنيا واينكفرْ گاع ابلاخرَ
انطلق المامي إلى الشيخ لكنه لم يجد إليه سبيلا لشدة الزحام فأطلق رصاصة في الهواء فتفرق الجمع وخلا له وجه الشيخ الذي بقي ثابتا في مكانه كثهلان رزانة.
تقدم إليه المامي وأمسك يده وطلب منه بعض المال فأعطاه ما بحوزته وانصرف إلى حال سبيله.
وما فتئ المامي يقول وصلوا بعد سنين من الجهد والمعاناة و أوصلتني رصاصتي في ثوان وكان يعتقد أنه تلميذ واصل.
قلت لصاحبي مداعبا تعجبني طريق المامي للعاجلة وعسى الله أن يعليّ كعبه في الآخرة، فإن كنت تريد العاجلة فتنكب بندقيتك.
تفرقنا عكف صاحبي على دراسة كتب الإمام الغزالي واشتغل بعلم الجداول والأوفاق زمنا، ظل يتنقل كتنقل مصطفى السعيد حتى دخل محطة فيكتوريا وعالم جين موريس كان كل شيء قبلها إرهاصا لها وكان كل شيء بعدها بحثا عنها ..
دخل صاحبي محطة أكبر من محطة فيكتوريا لقد دخل عالم الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر الشيخ محي الدين ابن عربي.
دخلت عليه ذات ليلة بعد فرقة دهر وجدت المكان يعج بكتب الشيخ الأكبر ووجدته يترنم ببيت نزار:
قادم من مدائن الريح وحدي :: فاحتضني كالطفل يا قاسيون
دخل صاحبي رواق الشيخ في سفح قاسيون وضاع بين الكتب: الفتوحات المكية، مشاهد الأسرار، فصوص الحكم، شطرنج العارفين، كتاب الجلالة، ذخائر الاعلاق شرح ترجمان الأشواق، رسائل ابن عربي، الرسالة الوجودية، مواقع النجوم ومطالع الأهلة، الأسرار والعلوم، شجرة الكون، الإعلام بإشارات أهل الإلهام، الكوكب الدري، مبتدأ الطوفان، التدبيرات الإلهية..
فتحت أكثر من كتاب لكنني كنت كالطفل الأبله أمام حوار المرايا في بحر الحقائق ذاك، فخفت من "المالوخة" فطويت الكتب
وطويت الدجى أسائل نفسي :: أبسيف أم وردة قد رماني
كان صاحبي نظريا مع الشيخ الأكبر لكنه عمليا كان كلما رأى شيخا بازغا قال هذا شيخي هذا أكبر..
ولا يزال يحلم بالأسرار والتمكين والثراء..
فتذكرت قصة ابن باباه في ندوية أو حصرة آوليگ.
نظم الأمير احبيب ولد أحمد سالم ندوية آمسگري للشرفاء أولاد بسباع عند بلدة آوليك لم يبق عنها أحد من أعيان ومشايخ المنتبذ القصي ولم تبق قبيلة من أهل المنتبذ القصي. وبالطبع لم تبق خيمة من إيگاون إلا حضرت بقضها وقضيضها وامتدت خيام إيگاون على مدى الحصرة وقد قال فيها الأديب ديديه ولد البصيري گافه الشهير لأهل اشويخ:
من يوم امجيكم لاوليگ :: الهولْ إلّ متباينْ
بيه ابگيتُ وابگاوْ ليگــ :: گاونْ منو لمحاينْ
المهم أن رجلا يدعى ولد باباه جاء لأول خيمة من إيگاون وقال لعل التي بعدها أزكى منها هولاً وظل هكذا لايصبر على هول واحد حتى انتهى إلى آخر خيمة فوجد هولها قد انقضى فكر راجعا فوجد كل خيمة قد أنهت هولها فجعل يضرب أخماساسا بأسداس، فقد علم كل أناس مشربهم من الطرب و لم يحظ هو بأي هول.
قال أهل إيگيدي إن من لا يصبر على شيخ تربية واحد يكون حاله كحال ولد باباه الذي حصد الهشيم في نهاية رحلته وتلك حال صاحبي.
زرت صاحبي الليلة فوجت كتب الشيخ الأكبر متناثرة و وجدته يتحدث عن شيوخه قال لي شيخي فلان ذات فتح ، و وجدت شيخي فلانا ذات كشف ، وذات تجل وذات گلّت صحه ..
تركت غرفته وقد عانقت فيها عندما ودعتها رجلا يسمى (چا)
كامل الود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق