السبت، 14 ديسمبر 2019


اشريف ولد الصبار

اشريف ولد الصبار

العلامة القاضي اشريف ولد سيدي أحمد ولد محمذن ولد الصبار ، من أهل المصطفى بن أوبك بن الأمين بن يوسف بن إميجن جد إدميجن ، وهم أحد فخذي إدوعمر " بنو أعمر بن باذلي بن أك".

وفي إدوعمر رئاسة قبيلة المدلش ورثوها عن جدهم أعمر ، وكان تركها له أبوه وهم بيت علم وصلاح وصيت وهم بطنان إداشفغ وإدميجن.
وإدميجن بطنان: أهل امرابط مدلش ، وأهل المصطفى بن أوبك.

ومن المتبقي من أهل المصطفى أسرتان: أسرة أهل نور الدين وأسرة أهل الصبار.

وخلف الصبار بن أحمد بن المصطفى بن أوبك بن الأمين بن يوسف بن إميجن ، ابنه محمذن ، ويلقب "بابه الإمام" وهو من أعيان عصره وقرائه ومدرسيه، وكان صوفيا جليلا وسيدا نبيلا.

درس محمذن ولد الصبار العلم على ذويه وعلى آل أشفغ موسى اليعقوبيين وفي مسجدهم التقى الشريف سيدي محمد الصعيدي.
وتحدث الشريف الصعيدي معه بلهجة شلحية أو مصرية كان يتكلم بها ، فذكر له محمذن أنه قرأ مختصر خليل " الجزء الأول " ويرغب في أن يفتح الله عليه في الباب وتقال "للجزء الثاني" فقال له: قل "ينعقد" وهي الكلمة الأولى من ذلك الجزء، وقل "فلا إشكال" وهي الكلمة الأخيرة منه ، ففعل ففتح الله عليه ولا سيما في هذا الجزء.

وقد أخذ عن الشريف الصعيدي " محمذنات " الثلاثة محمذن ولد أحمد للعاقل الأبهمي الديماني ، ومحمذن ولد احميد الموسوي اليعقوبي ، ومحمذن بن الصبار الإدوعمري المجلسي أخذوا عنه وتصدروا منه وطلب كل واحد منهم خصلة ونالها.

جرت ألفة بين الشريف الصعيدي ومحمذن ولد الصبار وكان الصعيدي يقول: ما أقدمني إلى هذه الأرض إلا هذا الرجل ، يقصد محمذن ، وأوصاه قبل موته أن يتزوج ابنته مريم إذا بلغت ففعل.

وكان محمذن قد تزوج ابنة عمه وهي بنت البساتي التي له منها محمد والسعد وانقطع عقبهما ، وتزوج مريم بنت الصعيدي وهي أم ابنه سيد أحمد وانحصر عقبه فيه.

خلف محمذن ابنه سيدي أحمد ، و يسمى أيضا "حمادي" وكان عاملا رئيسا لقومه، قيل إن فتيان الگبلة ثلاثة: حمادي ولد محمذن ولد الصبار ، وببها ولد محمذن ولد أحمد للعاقل ، وعبد الرحمن ولد محمذن فال ولد متالي.

وكان سيدي أحمد عالما مشاركا له اسهامات في العلوم ويقول امحمد ولد أحمد يوره في تقريظ أحد مؤلفاته :
فاق التصانيفَ تصنيفٌ أتيتَ به :: بين التصانيف مفهومًا و منطوقا
و المرء يأتي بما قد فات تكملةً :: بعد الإمامِ إذا ما كان مـسبوقا

وخلف سيدي أحمد ولد محمذن ولد الصبار ابنيه: الشيخ محمد عبد الحي ، وسيد محمد الملقب (اشريف) وهو سمي جده الصعيدي وابن بضعته.

اشتهرسيدي محمد بلقبه (اشريف) ولد سنة (1297 هـ / 1879 م ) عند "تارگه" قرب "واد الناگه " حفظ القرآن الكريم على يد والده و تعلم عليه مبادئ العلوم اللغوية والشرعية ، وسافر إلى الحوض الشرقي فأمضى فيه مدة ثم عاد إلى الگبله ثم رحل إلى محظرة أهل يحظيه بن عبدالودود حيث درس النحو ، ثم إلى محظرة أهل محمد ولد محمد سالم فدرس الفقه المالكي وبعض الفنون الأخرى ، وأخذ عن سيدي أحمد بن السعيد المجلسي.
كان الشريف عالما قاضيا ، قضى وهو ابن أربع عشرة سنة، جمع بين معرفة الفقه واللغة والعلوم العربية والإسلامية كلها إلى جانب التصوف.
كان مهابا بين القبائل معظما في المجالس معترفا له بالمكانة والفضل في منطقته كلها.
وكان رائق الشعر جزيل الألفاظ متين السبك يستخدم بعض المحسنات البديعية بقدر لا يصل حد التكلف ، كان مدّاحا للرسول صلى الله عليه وسلم يقول في المديح :
ما إن تلألأ وسط النقع في الحِلَق :: إذا الجموع غدت محمرة الحِدَق
والَجَلدُ من فَرَق ما فيه من رَمَق :: والجِلد من عرَق ما فيه من رمق
مثل الرسول الذي أصحابه وقيت :: حر الوطيس به في ملتقى الطرق

وله في الغزل:
برق يلوح على الأحباب أحيانا :: قد هاج للصب بعد النأي أحزانا
يا برق رفقاً بصب ذاق من كلف :: ما لم تُذق ميةُ الغراء غيلانا

ويقول في مدح أخيه وشيخه محمد عبد الحي:
هـو القطب عبـدالـحـيّ بعـد محـمّدٍ :: مـنَ القتْ له مـنهـا الزمـامَ الـمحافل
مُمِدُّ جـمـيع الكـون جلــبًا ومدفعًا :: وبـيـن سبـيل الله والغـيِّ فــاصل

وله في مدح أهل محمد ولد محمد سالم:
بهمُ ليالي الأصبحية أصبحت :: وعويص علم الدين فُكَّ حجابُه
بهمُ كتابُ الله أُتقِنَ : حفظه ، :: تاويله ، تجويده ، إعرابه
علم القواعد والأصول قد احْكِمَا :: علم البيان بهم أُذِلَّ صعابه
وكذا التصوف والحديث وقد أضا :: علم النُّهَى أشكاله وحسابه
والسيرة الغراء أُكْمِلَ عِلْمُهَا :: غزواتُه ، وبعوثُه ، أنسابُه

وله في العلامة الشيخ المعلوم بن عبد الله البصادي:
إن البكاء على البيقور مذموم :: إن لم يكن بقر بالصاد موسوم
إن الثناء على الأنصار محمدة :: والحمد لله نعم الشيخ معلوم

وله في رثاء الشيخ محمد بن الرباني دفين جزيرة تيدرة (ت. 1897م):
أيها البحر دونك البحر حلا :: فلتقل مرحبا وأهلا وسهلا
كنت أصل البحور واليوم حقا :: صرت فرعا من بعد ما كنت أصلا

وكانت محظرنه مدرسة للمنقول والمعقول، شرح مختصر خليل بن إسحاق شرحا سماه: "المسرول قبل التعميم"، لأنه بدأ الشرح بربع الإجارة ثم بعد ذلك رجع إلى مقدمة الكتاب وصولا إلى باب الذكاة.
كما ألف في المنطق والأصول شارحا عقود الجمان للسيوطي.
وعلق على لامية الأفعال وله قصيدة في الأفعال التي اشتهر مضارعها بالضم أو بالكسر مما لا جالب له.
وله في العروض نظم في أوزان البحور الخليلية، وشرح على ديوان الشعراء الستة الجاهليين.
كما فسر القرآن الكريم وله نظم في بعض معانيه ، وله نقلة في إباحة الشاي ، وله في التصوف " الدف المعروف بفراج " و " غناء الرجل بحضرة الشيخ " و " التواجد في أوقات السرور الشرعية ".
عيّنه أمير اترارزة أحمد سالم ولد ابراهيم السالم قاضيًا وهو آنذاك شاب يافع لتأكده من ذكائه وسعة علمه وبقي يقضي ويفتي ويدرس طلابه حتى آخر حياته القصيرة له منظومات وشروح ومؤلفات في الدفاع عن طريقته الصوفية " الصديقية " وفي موضوعات فقهية وقرآنية.

أنكر الشريف في بادئ الأمر على أخيه الشيخ محمد عبد الحي ، ثم اعتقد صلاحه وكماله وأصبح من كبار تلامذته ومن كبار أنصار الطريقة الصديقية ، ورصد أغلب أشعاره للدفاع عنها واكتساب المريدين والأنصار لها.

وقد أنكر بعض العلماء على تلامذتة الشيخ محمد عبد الحي وردا كانوا يُُّعدون طقوسه دبر كل صلاة وهو أن يُغمز الطبل " الدف المعروف بفراج "ويحلف أحدُ التلاميذ ثلاثا بأيمان مغلظة:" وخيرت بالشيخ محمد عبد الحي " .
وأنكر عليه ذلك مع أشياء تتعلق بالألهام والكشف جماعة من علماء البلد منهم
الشاعر والعلامة محمد الخضر بن حبيب الله بن محمود بن حبيب بن المكي الباركي (ت: 1345هـ).
وقد تحاكموا إلى القاضي الشهير ذي العرض السمين محمدو بن أمينو بن الفراء بن المازري التندغي ، الملقب " باب حمدي " قاضي اترارزه العادل.
وقد سميت تلك المنازعة بـ "الصبارية " وشهد مرافعاتها كبار علماء المنتبذ القصي وكثرت فيها النقول والنقائض.
وكانت عام 1336 هـ 1918 م ، عام انتهاء الحر العالمية الأولى ، يقول العلامة المختارولد المحبوبي في نظم حوادث السنين مؤرخا لها:
وعام "لوٍ" مات من فاق الورى :: فى العلم والحلم وفى التقى ، البَرَا
كان جميل الخلق عدلا مرتضى :: وهو ابن بَگِّ ذو العلوم والقضا
وجودة الأشعار والمطالعه :: وفيه سلم الروم ، والمرافعه
بين الشريفين ابنيِ الصبار :: وعلماء البلد الكبار

حظي اشريف ولد الصبار باحترام وتقدير أجلاء عصره ، يقول فيه العلامة أبو مدين بن الشيخ أحمدو بن سليمان الديماني:
أحسنت إذ كنت لم تعبأ بما قالا :: من أهل قطرة فيك القيل والقالا
إن الشريف بحلم الجد يقطع مِن :: بِيد المشقة والأكدار أميالا
نلت القضاء بلا كد ولا طلب :: ولم ترد في القضا من رائش مالا
إن الألى حاولوا كتمان أمركم :: صيرتم أمرهم بين الورى آلا
ثاروا فلم يطفئوا نور الإله ولا :: نور الرسول الذي كنتم له آلا

ومدحه مجدد عصره العلامة بابه ولد الشيخ سيديا فأحسن في قوله:
من كان للعلم والآداب متصفا :: وأحرز الشرف الديني والحسبا
وكان من عبد شمس في الصميم ومن :: عمرو العلى وصفت أخلاقه وصفا
وكان من مجلس العلمي من نفر :: هم مجلس العلم أسلافا ومن خلفا

ومدحه الحبيب بن انتفِّي التندغي:
أهلا وسهلا بالشريف ومرحبا :: بسلالة الأمراء والأشراف
زين المجالس من أمية والذرى :: من هاشم وذخيرة الألاف

وقرظ الددو " محمذن فال" بن محمد مولود المباركي بعض كتبه فقال:
كتاب الشريف اسما ووصفا ونسبة :: يحق على كل الأنام اتباعه
ولا عيب فيه غير أن بين الهدى :: وما ضره إنكار من ضاق باعه
فيا أيها الحساد موتو بغيظكم :: فبزلانكم صالت عليها رباعه

حين دخل العلامة البشيرولد مبارگي اليدمسي جدلا عقديا في بيت من مرثيته للشيخ سعدبوه وأمره العلامة محمذن باب ولد امحمد ولد أحمد يوره أن يجدد إيمانه وذلك عند قوله:
فإما كنت شبرا فيك بحر :: وطود شامخ بدر بهي
فذا القرءان يجمعه جفير :: صغير الحجم تشبيه جلي
أرسل البشير يسأل العلماء عن حكمه وكان اشريف ولد الصبار كالعلامة محمد سالم ولد ألما ممن ساندو البشير وقالوا بأن لاشيئ عليه من ذلك التشبيه.

ذات گيطنه قدم اشريف مع زوجته على حلة آل عثمان في حكم الأمير الشهيد سيد أحمد ولد أحمد العيده ، فأكرم الأمير سيد أحمد وفادته ونصب له خيمة كبيرة تليق به وأمر من يقوم على خدمته.
وفي أحد أيام الأنس في الگيطنة قال فنان "إيگيو" گافا يمدح به الفارس أحمد ولد كركوب ، فلما سمعه الأمير سيد أحمد غضب من جراءة الفنان على مدح غيره في الحلة ، وأمر رجالا من اعبيد أهل عثمان بتعزير ذلك الفنان.
كانت خيمة الفنان مصاقبة لخيمة اشريف وحين علم بالحادثة ، غضب ورحل عن الحلة معتبرا ضرب ذلك الفنان إساءة وخرقا لقيم المجتمع.
ودخل أطار يبحث عن الشريف اليزيد ولد ملاي اعل وهو رجل أعمال ثري من الشرفاء آل ملاي اعلي القاطنين بقبيلة تكنه ، وكان اليزيد رجلا كريما ثريا يتاجر بين مالي والسنغال والمغرب وهو الذي مول همدي وبلال اجولي.
أقام اشريف مع اليزيد حتى انقضت الگيطنة وحين هم بالرحيل كتب:
نأى عن الأهل لما شطت الدار :: وفي أطار رمته اليوم أقدار
دامت لنا الشرفا آل اليزيد على :: حال له شرفاء الخلق تختار
ساقوا لنا جنة الدنيا برمتها :: وانزاح عنا تباريح وأكدار
لله لله أشراف بساحتهم :: ماحل عار وما إن حلت النار
وحين سئل قال إن "بط إيگاون" يجلب العار وإن كان لايوجب النار.

تزوج الشريف ولد الصبار المجلسي في الأشياخ "أهل الشيخ سعد بوه"،من السيدة الحِجّه بنت الشيخ، وذات أنس انعقد مجلس طرب لفنانة عصرها بلا منازع فاطمة السالمة بنت الببان وكان امحمد ولد أحمد يوره حاضرا مع أعيان لشياخ وحين رُكّب أزوان وتربعت فاطمة السالمة قام الشريف عن المجلس تاركا بيتين:
لا تعجبوا من قيامي عن مغنية :: إذا شدت قال ربات المزامر: "كُمْ"
فقد يليق بكم ما لايليق بنا :: وقد يليق بنا ما لا يليق بكم

وحين بلغ بالقوم الطرب مبلغه وفطمة السالمة تطويهم وتنشرهم وهم صرعى تخال أمردهم نشوان من طرب والشيخ من هزه عطفيه نشوانا، نظر امحمد وهو الضيف غير المعني نظرةٌ ثاقبة مِن مُقلَةِ خبيرٍ قل من ينظر بها، وقال بيتين مغلفين بمسحة صوفية لا يَحجبُهما عن القلب حاجب:
تكون لك الدنيا مواعظ كلها :: إذا أنت لم تحكم لها بالظواهر
ومن كان ذا لُبٍ فسيان عنده :: صفوف البواكي واصطكاك المزامر

انقضى الهول وانفض السامر ومضى كل إلى غايته، كان الشيخ سيداتي بن الشيخ سعدبوه متزوجا بالسيدة آمنة بنت محمدفال بن ألمين بن محمذن بن آبني من "تمگله"، وله منها ابنة هي اسْحِيَه بنت سيدات، وتزوجها بعده العلامة زين بن اجّمد اليدالي ورحل بها إلى الزيرة قرب كرمسين حيث محظرته.
وذات نجعة إلى كرمسين والزيرة مر الشيخ سيداتي قرب "حي لمرابط " وتطلق على حيّ زين بن اجمد ومحظرته فقرر المرور على زين والسلام عليه وعلي ابنته ربيبة زين ممتثلا قولة العلامة حامدٌ بن محمذن بن محنض باب بن اعبيد إن من غاب - أي ارتحل بحثا عن الميرة والزاد – ولم يلق زين بن اجّمد فكأنما رجع بخفي حنين.

استقبل ابن اجّمد ضيفه الشيخ سيداتي بما يليق من الحفاوة وأثناء المفاكهة في حديث طابت أفانينه من كل جانب ورقت حواشيه، قال الشيخ سيداتي لزين هل سمعت بيتي اشريف ولد الصبار لامحمد ولد أحمد يوره وتعريضه به في مجلس الطرب بأنه قد يليق بامحمد مالا يليق به؟
وكأنما أخذت العلامة زين نفسية أو حمية لولد أحمد يوره فأجاب الشيخ سيداتي بقوله: الأبيات ليست موجهة لامحمد.
فقال سيداتي : لمن إذن ؟
فقال زين: الأبيات موجهة إليكم أنتم فامحمد خاطر وبراني والهول منعقد عندكم أنتم أهل الشيخ سعدبوه وفي خيامكم واشريف نسيبكم زوج ابنتكم فالأمر شأن داخلي لاعلاقة لولد أحمد يوره به وإن كان امحمد يضيف ابن اجّمد قد أجاب بطريقة غير مباشرة من خلال بيتيه " تكون لك الدنيا مواعظ كلها " .
سكت الشيخ سيداتي وحين رجع للنمجاط قصّ فحوى مادار بينه وبين زين بن اجّمد على أبيه الشيخ سعد بوه فكأن الشيخ سعدبوه "لم يتمونكْ" لكنه لنبل معدنه فرح أيضا لوجود ما يعاب عليه متمنيا أن يجد ألف هاج من طراز الشريف، يقول الشيخ سعدبوه:
قال سيداتِ إنّ زينَ ابنَ اجّمدْ ::أخبره أن الشريفَ لافندْ
بشعره الجيد قد هجاني :: جزاه ربي أحسن الإحسان
يا ليتني وجدت ألفَ هاج :: مثل الشريف النيّر المنهاج
كلهم يُظهر ما فيها خفَا :: لعلها تأخذ نهج المصطفى
ويخبرونها بأنها تموت :: غدا وأن كل ذا سوف يفوتْ

قال أولاد ديمان إن الشيخ سعد بوه غلبهم في الحلم، فهم يسكتون ، وهو زاد بالمدح والدعاء الصالح.

قال محمد ماء العينين ولد الشيخ سعدبوه في المجلس إن حذف التاء مع جمع المؤنث السالم في قول الشريف (قال ربات المزامر) مخالف لمذهب سيبويه وجمهور البصريين.

وفيما قاله محمد ماء العينين ، يقول (أحمدّو) فإن مذهب الجمهور هو لزوم التاء في مثل هذا وإلى ذلك أشار في الطرة بعد قول ابن مالك:
وَالتَّاءُ مَعْ جَمْعٍ سِوَى السَّالِمِ مِنْ :: مُذَكَّرٍ كَالتَّاءِ مَعْ إِحْدَى اللَّبِنْ
قال في الطرة:
جريا على مذهب الجمهور ومنبها على مقابله ، وحكمها معهما كحكمها مع واحدهما خلافا للكوفيين فيهما والفارسي في الثاني .....الخ
وهولفظ التسهيل وقد تقدم لابن مالك في حكمها مع المفرد:
وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمر :: مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حَرِ

وقال أحدهم عن مذهب مذهب الكوفيين والفارسي، (ماهُ سالك من الازلاق).
وقد أشار العلامة النحوي عبد الودود بن انجبنان إلى مقابل الأصح الذي هو مذهب الكوفيين والفارسي، ..بقوله:
أبوعلي الفارسي يقبل :: لديه جاء الفاطمات الفضل
كذلك الكوفة يقبلونا :: ويقبلون جاءت الزيدونا
وكان شيخ الشيوخ العلامة يحظيه ولد عبد الودود، حين يقول التلميذ في الطرة...خلافا للكوفيين ، يقول يحظيه:
(اتخطَ اتخطَ ذاك ولْ مالك لاه يوكل غيبةْ الكوفيين)
وإلى مذهب البصريين أشار العلامة الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم بقوله:
وجل بصرة مجيز لهما :: في ماسوى الجمع الذي قد سلما
فحيث أنّثَ ففعل ذكّرا :: مؤنثا وإن يُذكّر ذكّرا

وأما الاحتجاج بقوله تعال ولله الحجة البالغة: (وقال نسوة) ، فالنسوة اسم جمع لاواحد له من لفظه بل من معناه وهو امرأة وتأنيثها باعتبار الجماعة ولذاجاز حذف التاء معها فقياسها على جمع المؤنث السالم بعد ماتقدم قياس مع وجود الفارق فلم يصادف الاحتجاج محلاولم ينهض حجة.
ثم إن العلامة القاضي الشريف أنحى وألحن بحجته منا أهل الوقت فلوكان في مذهب الجمهور مايساعد قوله لما خفي عليه فقد شهد له أهل زمانه بالمهارة والتفوق في النحو وفي غيره ، فهو إنما وجد شطرا من البسيط جميلا ( ؤلاحالت بينو امعاه التاء وامغرشين عنو حاس ابمذهب الكوفيين والفارسي).
ومن غريب الاتفاق أن للشريف بيتين في نفس الروي والبحر إلا أن قافيتهما مطلقة:
يامن لديكم عصا التسيار قد طرحت :: وطالب الحق لايسطيع بينكم
هذاحفيد رسول الله يظلمه :: حفيد فرعون ذي الأوتاد بينكم.

لاحظ أحد الزملاء ملاحظة وجيهة، قائلا: رغم انسحاب العلامة اشريف ولد الصبار عن مجلس الهول فإنه أشاد بالفنانة فاطمة السالمة بقوله:
إذا شدت قال ربات المزامر: "كُمْ"

توفي الشريف سنة 1342 هـ – 1923 م عن عمر قصير لكنه كان عريضا حافلا بالعطاء ودفن عند جرعاء تنضب " زيرة اگننت " جنب والده سيد أحمد.
وخلف اشريف ابنيه:
نادرة الزمان لمام ولد اشريف قاضي انواكشوط الأول.
والشيخ ولد اشريف وهو من سادة قومه علما وأدبا وصيتا.
رحم الله السلف وبارك في الخلف.

كامل الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

  / ومن باب المداعبة، والشيء بالشيء يذكر كان الشريف عبد القادر رجلا صالحا، وكان يفرض على الناس (فِفتنًا) يهدونه له، والفِفتن قطعة نقدية كانت...